في الحقيقة أن في ليبيا اليوم - وكذلك في عموم العالم العربي والاسلامي - ثلاثة شعارات لثلاثة مشروعات فيما يتعلق بمكانة الدين وعلاقته بالدولة:

 (1) الشعار الأول: (الاسلام دين .. و .. دولة؟).

(2)  الشعار الثاني: ( الدولة لا دين لها!!).

 (3) الشعار الثالث: (الاسلام دين الدولة).

(1)المشروع الأول:

هو مشروع (الأصولية الإسلاماوية) بكل صورها، ومطلبه (دولة الخلافة) وفق نظرية ولاية الفقيه المرشد ودار الافتاء أو وفق نظرية الولاء والطاعة لولي الأمر المتغلب ولو كان فاسقًا وظالمًا ولو أذاق الامة الوان الذل والمهانة وأغتصب مالها وجلد ظهرها!!.. ومشروعات هذا الاتجاه تقع ما بين المشروع السلفي الذي هو نسخة إما لنموذج تنظيم الدولة (الدواعش) أو للنموذج الطالباني، أو المشروع الاخواني الذي هو نسخة للجمهورية الاسلامية الإيرانية وولاية الفقيه المرشد ولكن بصيغة سنية.

 (2) وأما المشروع الثاني: 

هو مشروع (الراديكالية العلمانية) وهؤلاء يريدون (دولة ليبيا بلا دين!) أي لا تلتزم بتعاليم وتوجيهات الاسلام!!، وهو مشروع العلمانيين الليبيين (المتطرفين) سواء من كان منهم (ليبرالي) أو (اشتراكي) أو (قومي عروبي أو أمازيغي) أو (وطني) أو (أممي) وأغلبهم ذهنه وقلبه معلق بالنموذج الفرنسي!!.. من الناحية النظرية هو مشروع جميل ومعقول ولكن من الناحية الواقعية، وخلال الزمن المنظور، هو مشروع غير ممكن تطبيقه إلا بالقوة وستكون النتيجة عكسية تمامًا وهي زيادة المد الأصولي والسلفي في المجتمع في مجتمعاتنا بقاعدة اجتماعية وشعبيىة متنامية تنتهي بثورة اسلامية تنهي النظام العلماني وتبطش بأنصاره وتسد الطريق حتى على المشروع الثالث !!

(3)  والمشروع الثالث: 

هو مشروع (الليبرالية الوطنية) المرتبطة بالإسلام كدين وهوية واطار ثقافي وحضاري للشعب الليبي المسلم، وهذه الليبرالية الوطنية مع اقرارها أن (الاسلام دين الدولة) الا انها تصر على أمرين:

أ - الأمر الاول: 

أن تكون دولة ليبيا المسلمة دولة ديموقراطية ليبرالية وليست ديكتاتورية أو شمولية، وتكون مدنية وطنية لا دينية ولا علمانية ولا عسكرية. تحترم حقوق وحريات وخصوصيات الأفراد والأقليات، وتكون الأمة فيها مصدر السلطات.. كما في دستور ليبيا 1951 فهو دستور اسلامي ليبرالي حديث ومتقدم خصوصًا في تلك الحقبة.

ب - والأمر الثاني:

المطالبة بقراءة تعاليم ديننا قراءة جديدة تحررية تجديدية عقلانية (ليبرالية) حديثة مستنيرة بعيدًا عن التقليد والاجترار، قراءة تفرق بين ما هو خطاب زمني مقيد ومخصوص بعهد النبي والصحابة، وما هو خطاب عام مطلق لكل المسلمين في كل زمان ومكان، قراءة تفرق بين ما هو من (ثوابت) الاسلام وما هو من (المتغيرات) التي تحتاج إلى تجديد الفهم والتطبيق فيها في كل جيل ورعيل مع تبدل العصور والظروف العامة للمجتمعات، قراءة تفرق بين ما هو (قطعي الثبوت) وما هو (ظني الثبوت) من النصوص الشرعية، وتفرق بين ما هو (قطعي الدلالة) وما هو (ظني الدلالة) من هذه النصوص، وتفرق كذلك ما بين ما يكون تطبيقه من الشرع ملقى على عاتق الدولة المسلمة ومن واجباتها كمنع الخمر والدعارة ومحاربة شيوع الفواحش والفساد المالي وكدفع الزكاة، وبين ما يكون تطبيقه من الشرع ملقى على عاتق الافراد والعوائل ومن واجباتهم كالصلاة والصوم والحج وارتداء الزي الشرعي للمرأة المسلمة دون تدخل الدولة، وهي قراءة عقلانية ليبرالية خلصت إلى أن 90% من واجبات ومحرمات الشريعة أوكل الشارع تطبيقها والالتزام بها للإيمان الشخصي وللأفراد والعوائل وليس للدولة، وأن 10% فقط من الشريعة هو ما أوكل الشارع تطبيقه لولاة الأمر العموميين، أي للدولة المسلمة!

اذن، فهذه ثلاثة مشروعات فيما يتعلق بعلاقة الدين بالدولة في البلدان المسلمة، ونحن ننحاز إلى المشروع الثالث أي إلى مشروع الدولة المسلمة (الليبرالية) الرشيدة 

****************

أخوكم العربي/البريطاني المسلم المحب

سليم نصر الرقعي

[email protected]

الاتجاه العربي الاسلامي الليبرالي والديموقراطي

(مشروع لبرلة ودمقرطة العالم العربي دون التورط في العلمنة أو المساس بثوابت هوية هذه المجتمعات)

 -----------

 (*)المقال قمت بكتابته ونشره في مدونتي عام 2018 وهنا قمت بإعادة ترتيبه وصياغته مع المحافظة على أصل الفكرة الأساسية في المقالة الأصلية.