أن تبدأ دوماً السباق متأخراً بخطوة عن منافسيك هو أمر قد يحبطك في المرة الأولى، لكن مع الوقت ستعتاد بذل ضعف المجهود اللازم لكي تفوز بالسباق، ستخسر مرات عدة، ستقترب من الإنتصار دون أن تدركه، لكن بمجرد فوزك بالسباق للمرة الأولى لن يستطيع أحد أن يهزمك مجدداً.

الفائز يملك بقعة الضوء بينما يقبع الخاسرون في الظلام، يملي شروطه على الجميع ولا يتخلف خطوة مجدداً حتى ولو كان مهاجراً يملك جبهة تليق بنسب إعتاد أن يستوطن صحراء الجزائر.

"قالها لي أبي عندما لمحني ألعب الكرة في شوارع مارسيليا: المهاجر يجب أن يبذل ضعف الجهد الذي يبذله المواطنون، المهاجر لا يملك رفاهية اليأس".. زيدان.

لعب زين الدين زيدان كرة القدم بعقل المهاجر الذي إعتاد أن يبذل مجهودا مضاعفا لينجز الأمر، فاستطاع أن يسبق تفكير الجميع بخطوة، لا أحد يريد أن تكون مهمته مراقبة زيدان، زيزو دوما قريب من الكرة، هل تعتقد أنه سيمر من يسارك؟ حسناً ها هي الكرة بجوار قدمك اليسرى، لقد وقعت في الفخ ومددتها لتلمس الكرة، الكرة الآن تمر من بين أرجلك، يعتقد زميلك الذي ينتظره من خلفك أنها الآن أقرب إليه، ولكن لا، الكرة دائما أقرب إلى زيزو حتى ولو لمست أطراف أقدام المدافعين، سيدور بجسمه كله حول الكرة في حركة مسجلة بإسمه وحده، المدافع الآن لا يرى شيئاً من العالم سوى ظهر زيدان.

"أحيانا لا أشعر أني لاعب في مباراة كرة قدم، بل أشعر أني انتقلت إلى مكان أخر، حينها أستطيع أن أمرر أو أسجل هدف أو حتي أمر من مراقبي".. زيدان في لقاء صحفي عام ٢٠٠٠ .

تنقل صاحب الأصول الجزائرية بين أندية فرنسية صغيرة في طفولته ثم ناديي كان وبوردو حتي حصل على جائزة لاعب العام في ١٩٩٦، ليبدي نيوكاسل الإهتمام بضمه إلا أن النادي الإنجليزي قرر أنه لا يصلح للعب في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي، ليختطفه يوفنتوس في محاولة لتكرار مجد بلاتيني، أحرز زيدان مع السيدة العجوز لقبي دوري متتاليين ولكنه أمر معتاد في إيطاليا، أمر لن يمكنه من خطف بقعة الضوء من الجميع، عامين متتالين يصل زيدان لنهائي دوري أبطال أوروبا دون أن يفوز بذلك اللقب، ولكن المهاجر مازال ينتظر السباق الذي سيمكنه بعدها من تغيير قواعد السباق، لا يوجد فرصة لذلك أفضل من كأس العالم، إستطاع زيدان برأسه أن يخطف كأس العالم من بين يدي رونالدو البرازيلي لكي تتغير كل القواعد، زيدان أصبح حديث الجميع، أخيراً إستطاع المهاجر أن يفوز.

أصبح زيدان على مسافة بعيدة من أقرب منافسيه كأفضل لاعب في العالم، أصبح الأفضل على الإطلاق، توالت عليه الإشادات من كل حدب وصوب، قاد بعدها فرنسا لتحقيق بطولة أوروبا عام ٢٠٠٠ ثم إنتقل إلى النادي الملكي في مدريد عام ٢٠٠١ ليحرز دوري أبطال أوروبا التي خسرها مرتين من قبل بلدغة لا تخرج سوى منه، ثم يقرر أن ينهي مسيرته في كأس العالم ٢٠٠٦ .

"أعددت للأمر جيدا اليوم، قميص أبيض كتبت عليه "شكرا يوفنتوس، شكرا ريال مدريد، شكرا فرنسا" وإرتديته تحت قميص المنتخب الفرنسي، سأنهي علاقتي بالكره فائزاً بسباقي الأخير"

"الأمر يصبح أصعب أمام الإيطاليين، أعرفهم جيداً، فهم يستميتون على الكرة أكثر من طفل صغير، ركلة الجزاء كانت على طريقه بانينكا من أجل تفادي الفشل، تصطدم بذراع من أصل ثمانية يملكهم أخطبوط فى المرمى اسمه جيانلويجي بوفون، دقائق وسأواجهه مرة أخرى في ركلات الترجيح، كيف سأنفذها هذه المرة؟".

"دوما ما فكرت في المستقبل قبل الجميع، ولكن ماركو ماتيرازي مصمم أن يعيدني إلى حاضره، يشد القميص في إستفزاز إيطالي معتاد، أخبرته أنه إذا كان يريد القميص يستطيع الحصول عليه بعد المباراة إلا أنه رد الرد الذي لا أفضله تماما".

"سأحصل عليه من أختك العاهرة".. ماتيراتزي يقتل نهاية زيدان.

"لم أستطع أن أرى أي شيء حولي سوى ماركو يتغير وجهه إلى الكثير من الوجوه، كل الذين تعاملوا معي كمهاجر مستباح، لم أشعر بنفسي وأنا أصيح به من أمامي بذات الرأس التي أحرزت بها كأس العالم من قبل، نفس الرأس ترسل بي خارج السباق للمرة الأخيرة".. زيدان يتحدث عن مباراته الأخيرة.

 إنه كالنبيذ الذى كلما زاد عمره كلما كان أفضل، لم ينهى ما عنده من سحر بعد فعاد ليرينا سحراً جديداً، على مرمى البصر خلف خط التماس يقف ببدلته السوداء يكتب إسمه من جديد على العشب الأخضر باللون الذهبى، زيدان المهاجر يدخل سباق جديد بضعف الجهد المبذول كالعادة، المهاجر يفوز بالسباق الأول له كمساعد للمدرب مرة، و كمدرب مرة آخرى، ليعيد حديث العالم عنه مجددا ..