Image title


كُل شئ في روما مُتعلق بالأساطير، حتى نشأة المدينة تُحكى في أسطورة تقول أن روما بُنيت على يد التوأم " رومولوس وروموس" توأم أرضعتهم ذئبة بعدما تخلى عنهم والديهم.

فإذا كُنت تعتقد أن توتي هو أول أساطير روما فأنتَ مُخطئ، وإن كُنت تعتقد انه الوحيد الذي يوصف بـ " القائد الوفي " فأنتَ لم تسمع أبدًا عن أغوستينو دي بارتولومي.

أغو، الذي انضم إلى روما طفل صغير عام 1972 فتلونت حتى عظامه بألوان الجيالوروسي، في العاصمة مر بجميع مراحله السنية بقميص اللامجيكا روما حتى التفت شارة قيادة الفريق الأول حول ذراعه، أكبر ذئاب العاصمة وأكثرهم شراسة وأقلهم حديثًا، كان لاعبًا فذًا، رؤيته للملعب كانت مُختلفة عن الجميع، وسط الملعب هو مملكته يستطيع من أي مكان فيه أن يجعل المُهاجم وجهًا لوجه مع حارس المرمى وعلى المُهاجم أن يتكفل بالبقية.

كون مع رفاقه برونو كونتي، انشيلوتي، فالكاو، فرانكو تانكريدي، بروتزو وسيريزو فريقٍ مُرعب، عانقوا السكوديتو بعد غياب 40 عام وذلك في موسم 82-83 ورفع معهم الكأس تحت سماء العاصمة 3 مرات.

لكن كُل الأمجاد كانت على مقربة من أقدامه عام 1984 وتحديدًا " 30 مايو 1984 " عندما وصل ذئاب العاصمة إلى نهائي الكأس الأوروبية، لامجد أعظم من حمل تلك الكأس بألوان معشوقته روما وأمام جماهيره، الجماهير التي لم تنقطع عن الغناء والهتاف باسمه لكن كُل أحلامه وأحلامهم تحطمت على نُقطة بيضاء رُسمت على مقربة من المرمى، خسرت روما النهائي أمام ليفربول بضربات الترجيح.

لا أعلم هل فقد الذئاب بعدها كُل ماتبقى من أمل وتملك شيطان اليأس منهم لدرجة سمحت لهم أن يطلبوا من قائدهم الصامت الرحيل، بعدما رحل مُدرب الفريق الأسطوري ليندهولم إلى ميلان طلب من إدارة روما التعاقد مع أغو، أراد أن يلحق به القائد إلى فريقه الجديد وهذا ما قوبل بالرفض من أغوستينو، رفض شديد رُبما أهان كبريائه خاصًة أمام قبول الرئيس " دينو فيولا " ومُدرب الفريق الجديد " إريكسون " العرض المُقدم لقائد فريقهم.

رفض " ديبا " الذي قضى 12 عام في أحضان الأولمبيكو ورغبته الواضحة للجميع بالبقاء في روما لم تكن كافية للإدارة فوافقت على العرض ورحل لميلان بمرارة جعلت من سنواته الثلاث في الروسينيري جحيمًا، ليس فقط لأن اللاعب لم يعد يؤدي كما اعتاد أن يفعل في روما ولكن لأن ديابلو ميلان كان عائدًا للتو من السيري ب ومستوى الفريق لم يكن جيدًا في المُجمل، انتقل بعدها بحُزنه لتشيزنا لمُدة عام ومنه إلى ساليرنتانا ليقضي هُناك أخر عامين في حياته المهنية كلاعب كُرة قدم ثم قرر أن يوضع حد لمسيرته في العام 1990 وهو في ال35 من عُمره.

ظلت الحياة تضرب برأس أغو جدران روما كُلها، لم تعامله بقسوة أقل مما عاملته كُرة القدم بها، يومها كان قد مر 4 سنوات على اعتزاله و 10 سنوات كاملة على النهائي الذي كتب نهاية قائد عظيم.

استيقظ أغو وألقى نظرة خاطفة على الرجل ذو اللحية الغير مهذبة الذي يطل عليه من مرآته وأُخرى على تاريخ اليوم، قرأ التاريخ بصوتٍ عال 30 مايو، أخرج ورقة وكتب عليها " لامفر، لاأجد طريقة للخروج".

اتجه بخطواتٍ غير مُتزنة نحو خزانته، أصوات متشابكة احتلت عقله أصوات تهتف باسمه " أغو أغو أغو "، يده المُرتعشة امتدت لتُمسك بمُسدس لم يكن يتخيل انه سيستخدمه في يومًا ما، استمرت خطواته المُرتبكة وقادته نحو الشُرفة، وزع نظراته على كُل إنش يستطيع أن يراه من سان ماركو وكأنه يحفظ المكان أو رُبما يودعه، أغلق عينيه ووجد طريقه للخروج -رُبما- ضغط أغو على الزناد بعدما وجه فوهة السلاح نحو قلبه المُعتصر كمدًا وحُزنًا، رُبما قاطع صوت الرصاصة التي أنهت مُعاناة أغو أصوات الجماهير في عقله إلا أن ذلك الهتاف لم ينته أبدًا، ليومنا هذا تهتف الكورفا باسم أغو في كُل مُباراة، تذكر قائدها الصامت الذي رحل من ناديهم بحُزنٍ يُشبه ذلك الذي أنهى به حياته.

Ago Vive