يخطئ من يعتقد ان العلاقات الاجتماعية كالمعادلات الرياضية ؛ فقد لا = 2 ( 1+1) , وقد لا يكون 9 ناتج ضرب العدد 3 ×3 , ويتوهم من يظن ان الصدقات والعلاقات تسير وفقا للقوانين المنطقية والمثل والقيم الاخلاقية ؛ فقد يقابل الاحسان بالإساءة , والجميل بالنكران , والمودة بالكراهية ... الخ .

فالبعض وعلى الرغم من طول العشرة وعمق المودة وصدق المحبة , يفاجئك بالتصريحات المسمومة والمواقف المنكوسة والتقلبات المزاجية القبيحة , اذ يترك خلف ظهره شريط الذكريات الجميلة وينسى مواقفك الانسانية معه , ويتناسى الضحكات و الأحاديث  و النكات  التي طالما تبادلها معك , و الود الذي كان بينك وبينه وتبادل الهدايا والاتصالات ... ، و كأن  شيئا لم يكن ... !!

بل ويعمد الى اساءة الظن بك , وترجيح كفة ما قاله الاعداء والحساد بحقك ؛  بسبب حقدهم عليك وبعدهم منك , بالرغم من قربه منك ومعرفته بكرم اخلاقك وسمو شخصيتك , والعجيب في امثال هؤلاء انهم و بعد اليأس من العثور على ما يشين ظاهرك ويعيب شخصك ومروءتك , يخبطون خبط عشواء , ويرجعوا القهقرى الى الوراء, فمنهم من يلتجأ الى دائرة الماورائيات والخزعبلات واوهام العجائز , ومنهم من يفتش عن سقطات اقرباءك واهلك وبني جلدتك كي ينسب موبقاتهم اليك ؛ فأن اصبت بمرض ما ؛ قال عنك : (( انه نوع من انواع العقاب الالهي , او حوبة فلان وعلان , او بسبب افكارك او نفسيتك ... الخ )) ولا يعزي الامر الى الفيروسات والميكروبات او مظاهر التلوث المناخي او الاشعاعات النووية ... الخ ؛ بينما اذا  اصيب هو او من على شاكلته بالمرض ؛ تشدق قائلا : (( ان المؤمن مبتلى , وال ما يتمرض مو من امة محمد ... الخ )) وهكذا دواليك , فهو وهم ينسبون الامور الطبيعية ومقتضيات الطبيعة البشرية الى الميتافيزيقيات والاوهام والظنون التي لا تغني من الحق شيئا .

 يصعب التعامل مع امثال هؤلاء ؛ فأنت واياهم كفرسي رهان , فهم لم ولن يرضوا عنك ابدا , لذا يخطئ من يظن ان تعيير هؤلاء لك وشماتهم بك , ينحصر بالأمراض والموبقات والبلاءات  , بل تشمل حتى حالتي الصحة والرخاء ايضا , فلو شافاك الله من الامراض وعافاك من البلاء ؛ لقالوا فيك : (( الموت يجي للزين بس , والاغم عمره طويل ...!!)) .

فلا تتفاجأ بمواقف هذه الشراذم وان ادعت الفضيلة والثقافة والمعرفة والانسانية ؛ فمن لا خير فيه للقريب لا خير فيه للبعيد , لان القريب اولى بالمودة والمساعدة من غيره ؛ طبقا للشرائع والاعراف كافة , فالذي يبخل بالسلام على القريب ويسيء الظن بالصديق ويتهجم على الصاحب , لا يؤتمن جانبه ولا يوثق بادعاءاته الاخلاقية والانسانية والثقافية ؛ نعم جبل البعض على عض اليد التي تقدم المعروف لهم , والغدر بالمقربين , لذا جاء في الاثر : اتقي شر من احسنت اليه , وعليه لا تتعجب من شخص ينتمي الى هذه الشراذم المشوهة والمأزومة , يجمعك اخر لقاء معه على الحب والود والسلام , واذ به تنقطع اخباره فجأة , على الرغم من تواصلك معه عبر وسائل التواصل الاجتماعي وارسال الرسائل النصية , وتقديم التهنئة له بمناسبة الاعياد وغيرها , ويغيب عنك بالتزامن مع شروعك بالمشروع ( الفلاني)  او كتابتك للمقالة (العلاني ) ويتحول بقدرة قادر وبين ليلة وضحاها الى خنجر مسموم وناقد حاقد يترك كل قضايا الكرة الارضية ويهمل هموم الامة ويتفرغ لك وحدك , بحيث يربط بين مرضك العضوي الذي يصيب ابناء ادم على اختلاف توجهاتهم وقومياتهم وسلوكياتهم وعقائدهم واراءهم ؛ وبين افكارك النيرة ونفسيتك الطيبة ؛ بل والادهى يتهمك بالسوء وهو أولى به منك ...!!