يؤرقني مبدأ "كون أحسن عنّه". لا أتحدث هنا عن أخلاقيات الضرابة (مادة (18) في قانون بيتنا الكريم :" بما إنك الأكبر لازم تبلعها وتكون أحسن من أخوك الأصغر إلّي لسانه أطول منه ومنك)، ولكن أتحدث عن الحياة بشكل عام، هذه الصفة/الوصمة التي يصعب اقتلاعها. كلما دخلت معترك جديد وبدأ ظهور المنافس يجئ هذا الصوت من فّج عميق يحشرج أفكارك ومزاجك بالطبع، هذا الصوت الذي يدفعك دفعا، كما تدفع الأم ولدها المتباكي في ثاني يوم مدرسة بعد اكتشافه المحبط بأنها ليست "ديزني لاند" كما خُيّل إليه.الدفع القاسي الحاني، تكون متأرجحا بين واقعك ( هناك منافس أحسن منك قيد الإنشاء) وبين هذا الصوت الرنان في قلبك وبين جوانحك(كون أحسن عنّه).
تبدأ الخطوة الأولى، تعيّن الهدف : تصير أحسن من المنافس (عبرة لمن يعتبر أولا)، ثم تبدأ بإرهاق نفسك بحيث لايعلو عليك أحد. الأمر لايشبه نصائح مدربي التنمية البشريّة وهي وضع "تو دو لست" وفق جدول زمني مدروس مع والأخذ بعين الاعتبار الظروف الطارئة، لأن الحياة ما على كيفك و لأن الأمر يحدث فجأة غالبا، منذ أول بصيص على الحياة تجد هناك 93027 شخص سبقوك في كل المجالات التي تحبهّا : الرياضيات، العربيّة، الفلسفة. بل وتجد كلهم أحسن منك ، المصيبة العظمى أنهم أحسن منك وماتوا، يعني مافي مجال.
عزيزي القارئ: أنا أحسن منك ، في التذمّر على الأقل.
ملاحظة: (1): لحّد يقول ليش رقم المادة (18). ماعرف، عشان أحسسّك إنّه سيريس. ليش مالاحظت الرقم؟
تنبيه: كُتب هذا النّص تحت وجع ضرس من الدرجة الرابعة.
.