على ايام حكم العسكر, والتفرد بالسلطة لم نشهد انحطاطا في شتى المجالات كما نشهده اليوم, حكام ذاك الزمان ,كانوا ينتصرون للقضية الفلسطينية, وربما كانت شغلهم الوحيد ودعواتهم المتكررة الى رص الصفوف واعداد القوة التي تمكنهم من استرداد الارض المغصوبة بفعل وعد بلفور والعمل على اقامة الدولة الفلسطينية وارجاع من اجبرتهم الظروف على الهجرة ليعيشوا في كنف الوطن, حينها لم يجرؤ الحكام الذين كنا نعدهم غير وطنيين, على الخروج عن الاجماع العربي, بفعل قوة القادة والتفاف الجماهير العربية حولهم, فكانت الجامعة العربية وقراراتها بشان القائمة السوداء للشركات التي تتعاون مع العدو.
اليوم ومع انهيار الدول (المارقة),اصبحت الجامعة العربية ملتقى للدول الخانعة للغرب المنفذة لأوامرهم, الساعية الى ارضائهم, لأنها تدرك بان بقاءها بالسلطة رهن بمواقفها الانهزامية التي تكرس احتلال الصهاينة لفلسطين, والعمل على تشتيت الامة,غالبية الدل العربية تسابقت الى التطبيع مع الكيان الصهيوني, وانسلخت عن جسدها العروبي, واثبتت انها كانت اشبه بخلايا سرطانية تنهش فيه وتسعى الى القضاء عليه.
حرب غزة كشفت الكثير عمن سارعوا بالتطبيع, مجازر القطاع وماسي سكانه المتمثلة في حرمانهم من ابسط المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب, تدمير المؤسسات الدينية والتعليمية والصحية على رؤوس من اتخذوها ملجأ لهم ,لم تحرك فيهم النخوة لانهم بالأساس يفتقدونها, لم يكتفوا بان يبقوا متفرجين, بل امعنوا في ضرب معنويات الفلسطينيين المنكوبين المتعرضين للإبادة الجماعية باعتراف العديد من المنظمات الدولية بما فيها منظمة الامم المتحدة على لسان امينها العام غوتيريش.
المطبعون العرب قدموا المساعدة للكيان الصهيوني للتعويض له عن نقص الامدادات بفعل احداث البحر الاحمر وخليج عدن التي يقوم بها اليمنيون لاعتراض السفن والبواخر المتجهة الى موانئ فلسطين المحتلة, تضامنا مع سكان القطاع واثبت هؤلاء انهم اصل العرب ومصدر فخرهم واعتزازهم.
في بداية الطوفان كانت المعلومات بخصوص تعامل المطبعين مع الكيان الصهيوني وتقديم العون له شحيحة ,لكن يصر الاعداء الا ان يكشفوا تواطؤ حكام الدول المطبعة معهم, إمعانا في تحقيرهم, حيث كشف تقرير صادر عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي حول حجم التجارة الخارجية لدولة الاحتلال خلال النصف الأول من هذا العام، عن مضاعفة خمس دول عربية (الإمارات – مصر – الأردن – المغرب – البحرين) حجم تجارتها مع تل أبيب، استيرادًا وتصديرًا، منذ بداية حرب غزة، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي الإمارات وحدها استحوذت على نصيب الاسد من حجم الصادرات العربية الى كيان الصهاينة والتي بلغت أكثر من ملياري دولار منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى يونيو/حزيران 2024, بلغت قيمة الصادرات الإماراتية لـلصهاينة منذ بداية حرب غزة وحتى نهاية الشهر الماضي 1.6 مليار دولار، مقارنة بـ1.4 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، فيما بلغ حجم الواردات الصهيونية للدولة الخليجية 373.6 مليون دولار، ما يعني أن إجمالي التبادل التجاري بين البلدين خلال أشهر الحرب اقترب من ملياري دولار. تأتي مصر ثانيا ، إذ بلغت صادراتها للكيان المحتل منذ بداية الحرب 120.2 مليون دولار، مرتفعة بنسبة 350% عما كانت عليه في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث بلغت حينها 7.8 مليون دولار قبل أن تتضاعف بنهاية مايو/أيار الماضي إلى 25.8 مليون دولار.
المملكة الاردنية الهاشمية, نسبة الى انتساب عاهلها الى آل البيت( بني هاشم),تأتي ثالثا حيث ارتفع حجم وارداتها من المنتجات الإسرائيلية خلال فترة الحرب إلى 67.8 مليون دولار مقارنة بـ50.1 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، بزيادة بلغت 35.3%، فيما بلغت الصادرات الأردنية للكيان المحتل 192.7 مليون دولار منذ بداية الحرب.
مملكة المغرب التي تدعي اسرتها الحاكمة ان من سلالة آل البيت ايضا تأتي رابعا ضمن القائمة إذ ارتفعت الواردات الإسرائيلية للمملكة من 44.8 مليون دولار خلال 2022/2023 إلى 109.5مليون دولار خلال الفترة ذاتها من 2023/2024 وهي فترة الحرب، بزيادة بلغت 144%، أما الصادرات المغربية فبلغت 10.1 مليون دولار منذ بداية الحرب مقارنة بـ12 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.
مملكة البحرين تتذيل القائمة حيث بلغ حجم زيادة صادراتها للاحتلال منذ بداية الحرب قرابة 600%، من 7.7 مليون دولار خلال أكتوبر/تشرين الأول-مايو/أيار 2023/2024 إلى 35.2 مليون دولار في الفترة ذاتها من 2023/2024، بينما زادت وارداتها من إسرائيل 1300% من 200 ألف دولار خلال نفس الأشهر من 2022/2023 إلى 2.6 مليون دولار في 2023/2024. النسبة الأكبر من الصادرات والواردات من وإلى الصهاينة جاءت من 3 دول هي: الإمارات والبحرين والمغرب، تلك التي وقعت على اتفاقات أبراهام 2020، حيث بلغت قيمة صادراتهم 1.7 مليار دولار من أصل 2.1 مليار دولار إجمالي صادرات الدول الخمسة، وهو ما يعكس الحصاد الإسرائيلي المجاني من اتفاقيات التطبيع على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
المشكلة ان قطر ومصر لا تزالان ترعيان المفوضات بين حماس والعدو لإنهاء الحرب وفي الحقيقة فان هاتان الدولتان تسعيان الى اطالة امد الحرب لقتل وتشريد وتدمير المزيد, لإجبار حماس على الرضوخ لمطالب الصهاينة ,ندرك ان حماس في موقف صعب ولكن يجب ان تتوقف عن المشاركة في هذه المفاوضات العبثية لان الراعين لها ليسوا على حياد بل نجزم انهم يساعدون العدو في تحقيق ما لم يستطع تحقيقه عبر القوة الغاشمة.
لقد انكشف المستور, فهل تتخذ جماهير هذه الدول زمام المبادرة وتسقط المتصهينين؟ شرفاء الامة قادرون على ذلك ولو بعد حين.
ميلاد عمر المزوغي