ـ كل المؤشرات تحفزّ على الإبحار مادام الطقس مستمراً في هدوئه..
السماء زرقاء وصافية،ترفع الهمّة عاليا؛الشمس تسطع على جنبات مرفأ السفن؛تدفئ القلب من بعد الليلة المنصرمة..

_اليوم الوجهة شمالاً حيث الجزيرة الثالثة!

هذا ماكان شاكر يقول؛ محفزاً نفسه قبل ألأبحار. 
وتقبل النسائم المنعشة تصحبها أمواج،تتهادى،راسية على بر الشاطئ بأمان ؛وبهدوء ؛منبئة بأن البحر يكشف عن أسراره هذا الصباح.
***
أطل شاكر على قاربه الشراعي الذي أسماه (المجمّل)؛لكثرة جمائله عليه؛دائماً ما يشق البحر ويوصله رغم كل شيء.
ما إن فتح الشراع ورفع المرساة، ووجه السارية مبحراً؛حتى باغته ذلك الشعور!.يأتيه قبل أبحاره كل صبيحة؛لا يعرف هذه المرة؛ هل سيزيده إصراراً للمواصة أم يتركه خاوياً ليحاول في الغداة..!

-هل سأجدها هذااليوم ..!
تختلط في رأسه الفكرة مع أختها،وتمتزج المشاعر معاً،فلا يكاد يعرف جيدها.
-سأضل أبحث عنها؛ماوجدت إلإكتمال إلا بها.
ومنهياً،هذه المساجلة بعزيمة

_(ماوجدت إلإكتمال إلا بها)

***
بعد شق الأمواج الصغيرة في البحر؛ ودخوله عمق البحر ؛يبحر في سره كذلك 
-الدنيا تحاول إذابتي من بعدك؛تحاول تحطيمي جاهدة؛ولا أعرف إلى أي مدىى أضل أجابه؛وإلى أي هدف أطمح!

حين تتبّعتُ خطواتنا حين كنّا معاً؛قادتني إلى تلك الإمكنة التي زرناها معاً؛قادتني حتى إلى الناس اللذين رأيناهم سويةً ؛الآن جزء مني يتركني ؛يبقى في ذاك المكان أو في تلك العيون،التي رأتنا معاً..

ألآن أحمل الأمكنة والناس معي؛أصبحت صندوقاً من الذكريات مقفلاً بإحكام؛أراني أمام ناظري أتشتت؛جزء هنا وجزء هناك، عصفٍ عصيف.  

مثل ورقات شجرة أسقط؛ فتتلقفني الريح لتأخذني لأمكنة لا اعرفها.

***
شاكر زيدون ..

شاب طموح هُمام؛ لا تحمل معه هم إيجاد الحلول، من عائلة جيدة في مستواها المعيشي والتعليمي ؛ ما جعله غنياً شغوفاً بالحضارات والثقاقات


تزوج بالرقيقة لمى،صاحبة القلب والإبتسامة المفعمة دوماً بالحياة؛إمرأة بحق
لم يكن إرتباطهما عادياً..!بل جرى على نحوٍ مميّز  

إلتقيا أول مرةٍ في مدرسة الأوائل؛وهو مشروع إستثنائي، لعل نصيبهما أن يبدئى مشروع حياتهما داخل مشروع

أما مشروع المدرسة المتطوّرة فهو مقترح من قبل أمين المدينة؛وبعد أخذ وجذب ودراسات مطوّلة كما هي العادة؛أنتهت بولادة هذه المدرسة؛مشروع لتطوير جودة تعليم النشئ الصغير ،وتربيته على غرار شعوب الحضارات المتجدّدة،بعيدة عن تعليب وجمود المدارس المتخشّبة.

المدرسة تجتذب ألأساتذة أصحاب الكفاءات  العالية من الجنسين،أصحاب الخبرات والدراسات العليا في مجال تربية الطفل وتثقيفه ..

إلتقيا هناك !

وتعمّقت زمالة العمل؛إلى أن قرر شاكر القيام بالخطوة الإنتقالية في حياته الزواج.     

وتقدم للخطبة الرسميّة من والدها

وتزوجا سريعاً بعد مرحلة خطوبة طويلة

***

كانا يعدان الأيام والليالي..

سافرا بعيداً لقضاء شهر العسل،إلى بحر الجزر..!

هكذا تسمّى؛خمس جزر متقاربة تعوم في بحر سمّي كذلك؛جزر غنّاء بكل ماتحمله الطبيعة من بهجة وسرور، خاصة لزوارها القادمون وهم قلّةقليلة ممن عرف بشأن هذه الجزر 

جزيرة الهضبة العالية ،جزيرة الشاطئ الذهبي الممتد،جزيرة الجبال الحمراء الكلسيّة،جزيرة الحيد البحري الغني بالأسماك؛والجزيرة الأم ذات السكان 

تلك هي الجزر وما تمتاز به ..

غير أن بعد وصولهما لتلك الجزر وبعد أن حطّت رحالهما فيهما،وقضيا فيها بضعة ليالي،حصلت المفاجئة ..! 

لمى تختفي


خلال تجوالهما في رحلة سياحية مع مجموعة سيّاح في جزيرة الحيد البحري؛ذهبت لمى لتفقّد شنطّتها الصغيرة التي تضع فيها حاجياتها؛ولكنها لم تعد !
وهكذا ضل البحث جارياً عنها حتى يأس الناس  من العثور عليها..إلا شاكر لم ييأس قط
_هل إختطفت ام هربت ؟كيف لي أن أعرف وتحرّيات الجزر هذه بدائية على غرار طبيعتها ..

ضلت الأسئلة بلا جواب سوى من إستمرار شاكر بالبحث لوحده؛هل هناك سبب دعى الرقيقة لمى وصاحبة القلب الشجاع؛ للهروب ..؟!

عاد شاكر ليفكر ويستجمع نفسه ،كيف تختفي؟ ببساطة هكذا..؟!

أم هل من خاطف ضل يتربص بهما ..