Image title
“تائهًا في الضبابِ، أتعلّق بأدني أسى كأنه حبل نجاة .” إميل سيوران

من الممكن أن تجد نفسك تائهاً، غائب عن الوعي، تجد أن يومك يمضي بشكل غريب، قلبك ممتلئ بالكثير، فتتلذذ في إضاعة الوقت في الاختباء مِن نفسك، ومن مُطاردة روحك لك، أو الهرب مِن المواجهة.

أشياء تذهب مِنك، وأخرى تأتي. في الوقت المناسب، وأخرى في غيره. تسرح في ملكوتٍ تأخذ وقتاً في استيعاب أنك تعيش به. تصمت كثيراً، تضحك بشدة مِن خيباتك، وتسعى لتثبت لذاتك أنك مازلت تستحق الأفضل. وأنك لست بهذا السوء لتلك الدرجة.

حوارات مُنهكة تُجريها مع نفسك في كُل مكان تجد نفسك به، وأنت تبحث عن قطعة ملابس ترغب في شرائها، وأنت تركب السيارة، وتجاور النافذة، وأنت تقف بجوار مكتبة، وأنت تشتم رائحة الخضرة التي سُقيت تواً، وأنت تتأفف من زحمة المرور، وأنت تشتري علبة من المشروب البارد في وقت الظهيرة. وأنت تقف وحدك تتأمل قطة تتألم ولا تستطيع فعل أي شيء لأجلها.

تقترب مِن نفسك فتجد أنك أصبحت غريباً عنها، تنظر خلفك فتجد أن أشياء كثيرة تغيرت، وتبدلت أحوالها، وأنت مازلت تنتظر. كُل الأشياء تمضي في طُرقها التي اختارتها لأنفسها، وأنت مازلت تقف، تتأمل.

ذلك الصراع المُتزاحم في روحك، الضجيج الذي يُسببه عقلك، الواقع، والحلم عندما يتبادلان المواقع، وأنت مازلت لا تعلم أين يكون مكانك على الخريطة. وإلى أين ستكون الوجهة.