نعم .. أعني ما كتبت، وليس خطًأ إملائيًا، عجيب أننا نجد الكثيرين يتحدثون عن "فقه الجنائز"، في الوقت الذي لا نجد فيه – إلا ما ندر-  من يحدثنا عن فقه الحياة، وكذلك صُنفت مجلدات عظيمة في شأن "العُمْرة" ومناسكها - مع فضلها- لكن أين مناسك "العُمُر"، الذي هو هدية الله لكل إنسان على هذه الأرض، ومع غروب شمس اليوم، جزءٌ آخر من رصيد عمرك ينفذ.

فهل يمكنك أن تتوقف عن الغياب المستمر عنك، لتدرك ما تبقّى منك؟

عُد للإنسان الذي استخلفه الله وكرّمه وسخّر له ما في الكون، وفي الآية (61) من سورة هود يقول تعالى: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها"، ويبدو لك الآن أن كلمة "استعمار" تم استخدامها بصورة فجّة لتكون مرادفًا للاحتلال والاستيلاء والعدوان، ومن كثرة تكرارها بهذا المعنى المُشوّه، تم برمجة اللاوعي العربي على النفور منها، مع أنها وردت في القرآن بمعنى تفويض الله للإنسان بعمارة الأرض، وبضدها تتميز الأشياء، فالعمارة ضد الخراب.

ومن أجمل ما قرأت عن معنى "العمر"، ما ذكره الراغب الأصفهاني في كتابه الماتع "المفردات في غريب القرآن"، فقال: والْعُمُرُ: اسم لمدّة عمارة البدن بالحياة ... وقوله تعالى: (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّه) [التوبة/ 18] ، إمّا من العِمَارَةِ التي هي حفظ البناء، أو من العُمْرَةِ التي هي الزّيارة.

وخلاصة ما استنتجته من تدبر فيما سبق:

  • الأعمار من الله والإعمار من الإنسان
  • وظيفة الإنسان على هذه الأرض تتلخص في شيئين: الأول: إعماره لنفسه بالحياة الحقيقية التي تتسم بالحضور ووضوح الرؤية والإرادة والاستمتاع، حياة اليقظين لا حياة الغافلين، حياة المنتبهين لأوقاتهم بوعي وفهم، ومن يُقدّر حياته كذلك فقد شكر النعمة، والوظيفة الثانية: إعمار الأرض، وتأسيس حضارة عليها، تلتقي فيها قيم الحق والخير والجمال.

وللحديث بقية إذا كان في العمر بقية ..