مهزلة الاجتماع .. برعاية ماكرون بين السراج وحفتر لتسوية الأزمة الليبية
لا يجب علينا السماح بسقوط المبادرة الليبية بيد قوى خارجية غير معروفة المسار، بل يجب على أي ضمير وطني سياسي أن يعيد التأكيد على أن المبادرة الليبية، هي مبادرة و قضية سياسية داخلية تهم الشأن الليبي في رؤية مجتمعية ليبية، وليس حملة دعائية لحكومة السراج حكومة الوفاق الوطني أو الجناح العسكري الليبي بزعامة حفتر.
بروز طرفين متنازعين على السلطة الليبية وحصول تعهدات لإخماد العمل العسكري المسلح داخل الوطن من قبل حفتر وقبول فايز السراج للخصم اللدود والبارز في المنطقة الشرقية عند تواصل تسوية أزمة سياسية - عسكرية وإنها الفوضى في ليبيا.
لقد سبق والتقى السراج وحفتر في بداية مايو في أبو ظبي دون أن يسفر اجتماعهم على نتائج ملموسة على ارض الواقع بسبب نزاعات الأطراف بين الساسة الليبية والقوات المسلحة الليبية والمليشيات الليبية المنتشرة في المنطقة الغربية وجنوب ليبيا.
خمول الجانب السياسي العام في الدولة الليبية هي الحقيقة التي تحجب واقع التأزم وحرمان المواطن الليبي من ممارسة العمل السياسي ومن سماع الأصوات التي تطالب باستقرار وامن البلاد سياسيا.
صراعات في إهدار فج لدولة القانون الليبية الذي يتشدق به المسئولون لدينا خاصة لما يلتقون مع مسئولون أجانب ومعهم ملفات خاصة بهم وليس ملفات الشعب الليبي الذي يمثل فيه سجناء الرأي والمحبوسين دون تهم رسمية موجه إليهم والمهجرين من أبناء الوطن وانتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا.
ملفات سياسية داخلية عالقة في مسألة القانون والدستور الليبي من جانب مؤسسات الدولة الليبية التي بدأ تجاهلها تماما إلى حد أن الفوضى والفساد والخراب عم الدولة الليبية بكاملها.
السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني متهالك وضعيف، لم يستطيع السيطرة على الشأن الداخلي الليبية، لكن دائما يحظى بدعم المجتمع الدولي في استمرار سلطة حكومة الوفاق الوطني على ليبيا، وإما المشير خليفة حفتر يعمل على استعادة هيبته العسكرية بمكافحة الإرهاب الداخلي فنجح إلى حد كبير من دعم الذي تلقاه من المنطقة الشرقية ودعم مجلس النواب وقبائل الشرق الليبي عند مكاسب عسكري في مواجهة فصائل إسلامية متطرفة لاسيما في مدينة بنغازي.
غير أن حجب الرأي في الوقت الراهن من حقيقية الحرب القائمة في ليبيا بدعوى محاربة الإرهاب تعمل على زيادة الصعاب في ليبيا، لان مواقع التنظيمات الإرهابية المعروفة والمعلنة عليها عالميا ليس لها أي وجود في الدولة الليبية وإعطاء الرأي العالمي صورة غامضة ومبهمة على الكوارث التي تحري اليوم داخل ليبيا من اقتتال وسرقة ونهب وتحطيم وخراب للملاك العامة والخاصة.
يلتقي الرجلان في باريس بالرئيس ماكرون الفرنسي عند اجتماع ثلاثي مع حضور موفد الأمم المتحدة غسان سلامة ليباشر مهامه في خضم الفوضى التي تسود ليبيا منذ إسقاط النظام الليبي السابق في نهاية 2011.
وعند وجود صراع على السلطة الليبية لا تخلوا مبادرة إلا وبات بالفشل من مشهد متفجر يتأزم كل يوم بالأمور الاقتصادية والسياسية والعسكرية الليبية.
المفارقة انه في الوقت الذي يتوجهان الرجلان إلى باريس في ما كان من السلطات في ليبيا عن حكومة الوفاق الوطني أن تحتذ الكفاءة والمهنية ومعالجة الأمور الداخلية المعني بملف الحريات وحقوق الإنسان الليبي واسترجاع المظالم لأهلها المعنية.
مستقبل البلاد سياسيا واجتماعيا واقتصاديا من الأولويات الحكومات الليبية المتعاقبة
خاصة أن السلطات الليبية اليوم لا تعير الملفات الداخلي من القضايا الليبية أي اهتمام بل تسعى الحصول بالاعتراف بها دوليا دون أي واجب وطني يمنحها الشرعية الدستورية.
الحياة في ليبيا أصبحت كارثية يواجهها المواطنون يوميا، خاصة عند قوتهم اليومي وأمور البلاد التي تسير إلى الوراء في انزلاق مستمر دون أن تعمل الأمم المتحدة إي شي، سواء دعم السراج رئيسا لحكومة الوفاق الوطني.
لكن لقاء الطرفين يعتبر لقاء فاشل من الأساس ذالك إلى أن ليس هناك أي رابط استراتيجي يربط ويجمع السراج في حكومة الوفاق الوطني بالجيش العربي الليبي بقيادة حفتر الذي يعتبر القوى العسكرية المسيطرة على كافة المنطقة الشرقية الليبية، فكيف لهم التفاوض مع بعضهم البعض خارج الوطن دون وجود أي اتفاق مسبق بينهم لحل أزمتهم السياسي والعسكري.
وأما خيبت الأمل في اللقاء بين الرجلان سيكون في إعطاء السراج هامشا سياسيا ودبلوماسيا اكبر من حجمه، أما شريكيه في السلطة العسكرية حفتر القليل من الجانب السياسي الدبلوماسي وهذا ما يجعل اللقاء قائم على التعثر المستمر والانزلاق إلى كواليس عالم التحدي بين الأطراف السياسية الليبية جميعا.
وأما غسان سلامة سوف يعمل على إتباع سياسة ماكرون التي تسعى إلى ترضية الطرفين بدون حلول جوهرية تساعد ليبيا الخروج من الأزمة الطاحنة، عمل يقوم على تجبير الخواطر لا أكثر ولا اقل والسعي إلي حث جميع الأطراف السياسية الليبية مرة أخرى إلى العمل الجاد من محاولة تطبيق الصخيرات بالكامل للخروج من الأزمة الليبية والعودة مرة أخرى إلى المربع الأول في عملية التفاوض خارج الوطن.
بقلم الأستاذ رمزي حليم مفراكس