استبشر المواطنون خيرا في بغداد والمحافظات  , بعد عملية الاعمار الاخيرة والتي تجسدت بشكل واضح وجلي في انشاء الجسور والمجسرات و تعبيد ( تبليط ) الشوارع ؛ وكالعادة اغتيلت فرحتهم بهذه المنجزات البسيطة والتي تعتبر من ابسط حقوقهم ؛ بسبب مبالغ الانجاز الطائلة والتي لا تتناسب مع الكلفة الفعلية في باقي الدول , واسناد العمل الى شركات لا تحظى بالشهرة العالمية , بالإضافة الى الملاحظات الفنية والمهنية والجمالية المهمة , والتي منها : قطع الاشجار المعمرة والتي تزين شوارع بغداد وغيرها من المدن وتضفي مسحة جمال على الواقع البيئي البائس , حيث تم قطع الاشجار المعمرة للطريق المؤدي الى جسر الصرافية في منطقة العطيفية , وتساءل المواطنون عن السبب الذي دفعهم لتجريف هذه المساحة الخضراء وقطع تلك الاشجار الكثيفة والتي كانت تزين الشارع وتظلل المارة , وكأن امانة بغداد وباقي دوائر الحكومة بينها وبين الزراعة والمساحات الخضراء عداوة وثأرا قديما , حيث يتم تجريف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى مشروعات سكنية وأنشطة أخرى ؛ و اهمال الساحات الخضراء وقطع الاشجار , حتى المشاريع الزراعية التي تتدعي بعض الدوائر انجازها امام الاعلام , تحوم حولها الشكوك ومحاطة بأسباب الفشل الذريع , فقد ادعت الحكومة ان العراق بلغ انتاجه من الحنطة 5 مليون طن وفي هذه الاثناء , خرجت النائبة عالية نصيف بتصريح صدم العراقيون , اذ قالت هذه ارقام غير واقعية , اذ استورد بعض الساسة 3 مليون طن من الحنطة الخارجية واحتسبها كناتج محلي واضافها الى الناتج المحلي ...!!

او ان  يقوموا بزراعة الف نخلة على الطريق الرابط بين بغداد والكوت مثلا , علما ان سعرة النخلة الواحدة مليون دينار ؛ وعليه يكون السعر الكلي مليار دينار , فضلا عن جهود الدوائر الخدمية في زراعتها , والمفروض ان يستمتع المواطن العراقي بعد فترة بالأجواء الجميلة والمناظر الخلابة لهذا المشروع او ذاك , واذ به يصدم كالمعتاد , اذ تموت اشجار النخيل عطشا  وتهلك المتنزهات وتصبح يبابا بلقعا خرابا بسبب الاهمال المقصود او اللامبالاة ...!!

في اغلب دول العالم تعمل الحكومات ومنظمات المجتمع المدني على الاهتمام بملف الزراعة والتشجير , والاعتناء بالبيئة , حتى انها زرعت الصحارى واصلحت الاراضي الجدباء , واحيت الارض بعد موتها , الا هنا فالكل اتفق على تدمير البيئة العراقية وتجريف الاراضي الزراعية والعمل على تصحير ما تبقى  من  الاراضي الصالحة للزراعة ؛ ففي كل دول العالم تنقل الأشجار الكبيرة والمعمرة والجميلة من مكان العمل الى مكان اخر ؛ ثم ترجع الى نفس مكانها او بالقرب منه بعد الانتهاء من اعمال المشروع والصيانة والتوسعة ...الخ .

وقد اعلنت الحكومة عن انشاء جسر جديد يربط الكرخ بالرصافة محاذي لجسر الصرافية الحديدي يخفف من الازدحام على الجسر ويكون جسر الصرافية ذهاب فقط والجسر الثاني اياب ، وعندما قاموا بقلع الاشجار الكبيرة والمعمرة ؛ علم الناس انهم جادون بالعمل وان المشروع حقيقي ؛ في باقي الدول قطع الاشجار يعرض الدوائر والشركات للعقوبات والتعويض والمسالة القانونية واعتراض الناس وشجب الصحافة واستنكار الرأي العام ؛ اما نحن فقطعها يعني الشروع في العمل ؛ ولا ادري الى متى تبقى اعمالنا ومشاريعنا يمتزج معها التخريب وتشوبها الاخطاء وشبهات الفساد والاهمال ...؟!  

في الوقت الذي تكثر فيه العواصف والرياح الترابية والرملية , ويتوسع الجفاف والتصحر , وتنتشر الامراض السرطانية وغيرها , وتتلوث البيئة بسبب مخلفات الحروب والصناعات النفطية وانبعاثات المولدات الكهربائية الاهلية وملايين السيارات ... الخ ؛ والذي يحتاج فيه المواطن الى زراعة كل شبر في العراق , للتخفيف من الاثار الكارثية وللحفاظ على البيئة ولتخفيف درجات الحرارة , يتم قطع الاشجار وتجريف الاراضي الزراعية وبدم بارد واهمال غير مبرر  ...؟!