أعرف أن الحياة ستعطيني الكثير من الفصول الأخيرة، لكن هذه هي المرة الأولى التي أكون قادرة على الإمساك بها ووضعها على السطور.
إنه عالم لحوح، لا يهدأ، كانت والدتي دائما بمثابة الصميم في كل شيء، إذا كانت الأطراف مرتعشة فبوسع أمي في الصميم أن تهدأ كل شيء.
أمي هي الإنسان الأكثر حقا علي في حياتي، الذي لن أوفيه حقه منذ المهد حتى اللحد. لقد أنعم الله علي بأم رائعة، ظننت في كل مرة أني لأمي كل شيء، لقد كابدت لأجلي أكثر مما كابدته لأجل نفسي، منذ اليوم الأول الذي وضعت فيه قدمي على أرض الكلية الشامخة بنت الطب، أم الكيمياء، سليلة القمة، ذات المبنيين، عالية الهياكل، جميلة الجناب.
قدمت مع أمي إلى الكلية عندما كنت في السابعة عشرة وقدمنا الأوراق المناسبة مثلما فعل الجميع، إلا أن مزاجي كان سيئا ذلك اليوم، وكانت أمي هي من وسعني وبسط لي من نفسه مكانا لم يبسطه غيرها، وظلت هكذا من البداية حتى النهاية.
داومت على الذهاب إلى الكلية بالرغم من تلك الغربة الشديدة التي شعرت بها، شعرت وكأن الفصول كلها شتاء وأن الجليد يتساقط والجو بارد وصوتي لا يصل لأي مكان. تساءلت عن الجدوى من كل شيء ومن اللاشيء بذاته. رأيت كثيرا من الوجوه، لم تكن هناك جدوى من السؤال عن الاسم لأنه عالم لحوح، فسوف يمحى على كل حال باسم جديد.
التقيتها في ذلك اليوم في ساحة كلية العلوم ، هدى بدت مثلي تماما، أحد ما نزعنا من مكاننا ووضعنا هنا، لا نعرف لماذا نحن هنا؟ وأين نذهب؟ ربما شعرت أننا أكلنا من نفس الطعام، أو أننا ركضنا بنفس اللحظة، أو أننا أسرفنا في البحث عن الخير في الوجود. هدى هي الإنسان الأكثر إنسانية قابلته ذات مرة على مقعد وسط زحام من الناس بين أشجار الزينة بالقرب من أكشاك المكتبات، تستتر بنقاب مثلي، لينة الجانب، مريحة للعين والقلب.
لقد بقينا معا حتى النهاية، حتى اليوم، في تلك السنة لقد فعلنا الكثير من الأشياء، قمنا بتشريح البتلات المسكينة وتحديد عوائلها، واستخدمنا الميكروسكوب، والتقطنا الصور، والتهمنا الوجبات الخفيفة خلف المبني بالقرب من مسجد الكلية، كنت أحرص على شراء عصير الجوافة بينما هدى كانت ترى أنه مشكوك في أمره هه، وقتلنا الضفادع بعد تشريحها رحمة بها أن تتعذب عندما تستفيق من الخدر فتجد أحشائها مفرغة، ورسمنا صفوفا من الخلايا الغير منتظمة، وتحادثنا على الواتسآب.
لقد كانت السنة الأولى في كل شيء، المرة الأولى التي تملي على نفسك ما يجب فعله، تلزمها، تكون الرقيب عليها، تختار لها، تكون مسئولا، تعركك الحياة ولا يقف في وجهها عنك أحد، تأتي وحدك وترحل وحدك. كان من المفترض أن يبدأ هذا من وقت طويل في رأيي، لكنه يبيت أظهر للإنسان كلما كبر. يفترض أن يعلمونا أكثر عن الحياة ويتركونا نخوض غمارها منذ أن نكلف أمام الله، فهذا أكثر أهمية، كنت لأود أن يعلمني أحد ذلك، أن يقال لي منذ اليوم هذا طائرك في عنقك.
يجب أن أقول الحقيقة، لم أكن إنسانا يثق في الآخرين بسهولة، كنت أضع الكثير من الحواجز، وكان أقرب الناس أكثرهم إدراكا لذلك، عندما لاحظت هدى مني ذلك وتلاقينا على معرفته بتنا أكثر قربا في سنتنا الأولى في الكلية، لم نعد نتشارك الوجبات فقط، بل أغاني الساوندكلاود والآراء الساسية والقعدة على البحر والشطائر والحزن والخوف والمكنونات المظلمة والمشرقة.
أريد أن أستمر بتذكر أول وردة اشتريناها، كانت طويلة ولها أشواك، وطوق الورود، والمعاطف الصوفية، وكيف ظللنا نغني بمحاذاة شاطىء الأسكندرية تهاديا تحت المطر، وكيف أفرطنا في التأخر، وكل مرة كنا نخاف أن تدهسنا سيارة لأننا لم نعتد على عبور شارع سريع، وكيف تنتقد هدى التقاطي للصور في حين أنها بارعة فيه.
كتبت أولى كلماتي في مشوار الكتابة على درج الكلية عندما اجتاحتني الوحشة والوحدة بانتظار اختبار الكيمياء التحليلية، أول من أخبرني بأن حروفي جميلة كانت هدى، نزلت مني بمنزلة لم ينزلها أحد وكان لها الفضل السابق على جميع حروفي.
في تلك السنة اشتبهت بإصابتي بفيرس سي، وشعرت بهواني لأول مرة، ثم فهمت لاحقا أن هذه هي الحقيقة التامة. نحن كذلك مثل ذرة في فلاة، لا يرحمها ويحبها إلا الله. كانت أول مرة أعرف فيها أن الجمال وليد الألم، أخذت في الكتابة منذ ذلك الحين يوما بعد يوم.
تعرفت أيضا على مجموعة من المثقفين وطلاب العلم على وسائل التواصل، وبدأت آخذ منحى أفقيا وعموديا بعيدا عن مبنى كلية الصيدلة. الأدب شاعري، واللغة ساحرة، والفقه في الدين حياة، والثقافة والوعي أن تكون عائشا.
ووجدت شغفي الحقيقي، ووجدت لأيامي معنى من جديد. العلم كان ومازال المعنى الذي ملأ قلبي وروحي وتركني أعيش بغير حسرة، تعايشت مع كل ما أكره من أجل لحظة واحدة أقضيها وصالا به، لقد كان روح أيامي. ما إن أتخرج حتى أجعله كل حياتي. حتى أقضي معه إلى المقبرة. هكذا فكرت.
في أحد الأعياد اصطحبت هدى لنقوم بأول عملية شراء للكتب بمال العيدية، لم يفهم أحد ما الذي أفعله، أنا أتمرد على المكان الذي وضعت فيه إلى المكان الذي أريد. هذه أول مرة أكون مريدا. هذه أول مرة أكون أنا تقريبا.
ثم رسبت. خبرة هي الأولى من نوعها في حياتي، لقد تفوقت طيلة السنين السابقة في المدرسة، حتى السنة الإعدادية في الكلية حظيت بدرجات جيدة فيها بغض النظر عن متى أبدأ المذاكرة وكيفيتها كان الله يعطيني من خزائنه مدرارا، نظر ضعيف، تركيز سيء، ذاكرة سيئة، أنا فقط أعاقب على غفلتي.
عندها تعصف بي الأسئلة بينما أمشي في الأزاريطة، أي ذنب جنيته حتى أنال كل هذا؟ ما عظم هذا الذنب؟
ثم أتذكر بوضوح، ليست المعصية، بل من عصي، العظيم الكبير فوق عرشه هو الحاكم.
إذن أنا أستحق.
تلك المرة عندما نظرت إلى نتائج الاختبارات وكانت كلها "ضعيف" ثم آخرها بالمجموع "راسب" انقبض قلبي، وشعرت أني أسقط من فوق ارتفاع شاهق، لم أظهر الحزن لأحد، هدى تحدثت إلي، لا شك أنها ظنت أني بنفس القوى التي بدوت عليها، لكن الهواتف تساعد كثيرا على الكذب فقد بكيت في ذلك الوقت تماما.
بدأت الدراسة من جديد وبهمة معتادة مني أعرفها من نفسي في كل مرة حاولت الحياة قتلي فيها، نسيت أثر الجميع في تلك السنة عدا عن فتاة واحدة، لم تبد لي جميلة ليس ملامحها إنما داخلها، كان واضحا ما تكنه لي لأني باقية من سنة أخرى أي رسبت من قبل، ربما لصرت مثلها لو لم أرسب، أو لم يقل المنفلوطي أن الألم يتفجر منه كل المشاعر النبيلة، لقد بقيت أقرأ النظرات والعبرات طيلة مدة وقد أبهرني هذا الرجل، حتى أني سأعيد قراءتها بعد التخرج هه.
نجحت ذلك العام بدرجات جيدة، أتذكر الاختبارات جيدا، كان الأمر كما لو كنت أسحق نفسي تحت عجلة المذاكرة.
العام التالي، تعرفت عليه، شخص مخيف للغاية، الوسواس القهري، حصلت على ندبة بين عيني، خفت حتى النخاع، ورسبت مجددا.
قابلت طبيبة نفسية لأول مرة وبدأت رحلة لم يكن لي أن أبدأها إلا بسبب الخوف، هذه الرحلة كانت مليئة بالعزيمة والنجاح بالتبادل مع الإخفاق والتثبيط، كانت هذه رحلتي كإنسان مركب من عاطفة وفكر يجري عليه القدر عيشه بالحب وموته بنزع الرفق، الدرس الأساسي للوسواس بالنسبة لي هو: الرحمة. ثم تنزلت رحمة الله في ذلك اليوم. غادر الجميع المنزل وبقيت وحدي وكنت أصلي من حين بدء الوقت حتى آخره، تتزايد خفقات قلبي كأني أرى وحشا مخيفا ثم أستريح قليلا ثم أبدأ من جديد. ثم عندما عادوا أظهرت لهم الرضا حتى لا يراني الله إلا راضية، فما كان منه إلا أن أجاب دعوتي وأخذ الوسواس بالانسحاب تدريجيا، لطف ورحمة لم أرى مثلهما قط، سألت شيخا ما سؤالا من أسئلتي الكثيرة التي فرضها علي الوسواس، فقال إن الله عظيم ورحيم، سبحان الله! كأني أعرف رحمته لأول مرة.
لكن طبيبتي الأثيرة كانت من رشدي، كانت طبيبة حقيقية، أراحتني وعلمتني الكثير من المعاني، مثل نافذة جديدة تنفتح على روحي أفتح بإزائها بابا إلى العالم، ثم سافرت، مثل كل الفصول الأخيرة لم تترك إلا ذلك الأثر الذي يتركه الآخرون على أيدينا عند الإفلات.
التقيتها أيضا، صديقة طفولتي، كنا نمسك بأيدي بعضنا في باحات الأزهر، ونتناول الشطائر أثناء شرح المعلمين خلسة، ونضرب بنفس العصا ونرتاد نفس الفصل، لقد التقيتها من جديد والتقيت نفسي من جديد، رأيت نفسي فيها، أخبرتني أنها لا تزال تتذكرني وبنفس الشغف عدنا أطفالا من جديد.
كنت قد نجحت في مادة الكيمياء العضوية على الأقل، ثم تلك السنة قابلت رفاقي الثلاثة، ثم هان كل شيء بوجودهم، تشاركنا البيتزا المشكلة، كانت خاصتي بالسجق، تشاجرنا، وزرنا زنقة الستات، وتحدثنا أحاديث الفتيات، علياء كانت مسلية بحديثها وصحبتها، فاطمة أكثر إنسان مريح على وجه البسيطة وكذلك إيمان، ارتدنا مكتبة الشروق كل مرة، حاولنا تحصيل الدرجات، جاهدنا جهادا عظيما كل ليلة امتحان، ثم في النهاية ضحكنا معا وكأننا لم نضحك من قبل قط.
ذات مرة كنا في الترام لا أذكر أين كنا نتجه، لكني أتذكر ما قلته جيدا: "أحبكم". وقد عنيته تماما.
من غير المخيف والمحزن استعادة هذه الذكريات التي اشتد عضدي وتآزر ساعدي بهم ومعهم، ملأنا كثير من الأوراق وملأنا أوراق الامتحان بالأخطاء الكثيرة، وكررنا ذات الجملة مليون مرة " أنا خائفة" ثم لم نخف بعدها.
ونجحنا تلك السنة من جديد، عندما تنظر من بعيد سوف ترى المرات التي رسبنا فيها فقط، لكن رؤية المرات التي نجحنا فيها أيضا يتطلب بصيرة سليمة، لذا ذكرت نفسي دائما كيف أني بالفعل نجحت حتى بعد أن رسبت.
ففي حين كانت الكتابة مهربا لي ساندتني من حيث كتبت رواية وقصصا، حبكتها وأنهيتها تعلمت كيف أنسج حبكة وأخلق مشهدا وأشوق القاريء وأخلق عالما كاملا، وهذا كان من إنعام الله، أن يراني لا أستطيع حمل نفسي، فيحملها عني، فأينما ذهبت أعطاني، كيف لا أحبه؟ كيف لا يتفتت قلبي كلما ذكرته، كيف لا وهو لم يتخلى عني أبدا.
لذا في السنة الثالثة، نجحنا أيضا.
كنت أظن دائما أن الرجال يتفوقون علينا، كنت أكره ذلك، ولكن فضل الله هو فضله، لا أحد يملك شيئا من ملكه. فعندما لم أحسد زميلا لي على شيء أردته لنفسي وقلت أتأدب مع الله. حلت في الغيب لي كل مسائلي، إي والله هكذا! وهكذا فإن الله يجازي بغر حساب.
قابلت لأول مرة شخصا يفسر الأحلام بدقة مذهلة سوف أدعوه شين، وكانت تتحقق كما يقول، علمت منه بعضا والله أعلم ببعض.
لكني أتذكر جيدا كيف أخبرني: وأنك كنت في بلاء ستخرجين منه شيئا فشيئا.
لم يكن هذا عاديا، ألهمني الله أن أسرد عدة أحلام على ورق ثم أبعث بها، وقد هالني ما سمعت، وغير حياتي كما غيرت الرؤيا حياة يوسف.
وكان محقا، البلاء أخذ ينجلي وينبلج منه بياض الفجر شيئا فشيئا. الجزء الأعظم من بلائي كان بذنوبي بالتأكيد، يظن الناس أنهم إن تابوا لم يحصل عليهم شيء، يقولون سنتوب ونستغفر، بينما تظل سيئات الأعمال تظهر لهم كل يوم، فيسألون: من أين أصابتنا هذه؟ قل هي من عند أنفسكم.
في الواقع كنت مدمنة شرهة على مشاهدة المسلسلات، كنت أشاهد المسلسل دفعة واحدة، فإما أنهيته أو مللت منه عند حد معين، واليوم بكل فخر توقفت أخيرا عن هذا الإدمان وأنهيته عن بكرة أبيه وتبت توبة أولد بعدها من جديد، كمثل كل مرة لا يحب لي جل جلاله إلا الخير.
الجميع يعرف الإدمان جيدا، نحن في عصر خصب لنموه في كافة الأماكن ، الحب المفرط، العودة القهرية، آثار الانسحاب، والخوف من الفقد، لقد أراد الله ألا أعود بعدها، ومن هنا أشرقت الشمس.
لم تكن مجرد إدمان، لقد كنت أسافر إليها كعالم ثان تاركة الواقع خلفي، الواقع قبيح هذا ما ظننته دائما، لا أحد سوى أصحاب البصائر يدرك من أين تؤثر هذه بمزيجها الساحر على الروح والفكر والقلب والعاطفة والدين والنفس والحياة، من حيث أنها أتت لتصلح تفسد فسادا عظيما، غير أن مقصودها ليس الإصلاح ولا شيء. يبيع الممثل ذاته للمتفرجين، أنا أراها هكذا.
اليوم أخيرا أنا أقف عند نهاية النفق، لا مزيد، لا إدمان يسرق مني حياتي بعد الآن. هذه الحياة هي لي بعد الآن.
ومن ثم كانت مرتي الأولى في تعلم خصلة الإحسان، شعرت بمسئولية حروفي تجاه رفاقي الذين يبيتون ليلة مؤرقة مثلي قبل كل امتحان، فأهديت لهم حروفي بصدق، كنت أريد أن أقول نعم، أجد ما تجد، الوجدان ذاته والزمان ذاته وإن تعددت القلوب.
أعددت ملخصات أيضا، ربما لم أحرز درجات جيدة، ولكن في الأساس نجحت بفضلها وهذا يكفيني. يكفيني أني طمأنت قلبا ذات مرة.
ثم السنة الرابعة، المرة الأخيرة، يبدو أن شين كان محقا، ليست هناك كراهية تجاه الكثير من الأشياء، وأكثر واحدة تجاه الحياة، كلما تجنب المرء الحياة، كلما حقق الفشل، فيفشل من غير أن يجرب، التجنب هو أقصر طريق للفشل. أما إن سألتني أنا عن سبب تجنبي لكثير من الأشياء، فسأقول كنت أحكم بفشلي قبل البدء، ظننت دائما أني لن أنجح.
في هذه السنة التقيت بذاتي من جديد، أخبرتها أني أحبها لأول مرة، وتعلمت أخيرا أن كل شيء له فصل أخير، وكل شيء يفلت أيدينا إلا هو. إلا الله.
يسعني تذكر الكثير من الوجوه التي لم يقسم لها من حسن الخلق قسم، ليس مستغربا كم أن لحسن الخلق من مركزية في الدين وعظم جزاء، لكن إن كان العفو أقرب للتقوى فهو الأقرب إلى قلبي، فأعفو عن ما كان وما سيكون بإذن الله وفي وقته.
لقد تعلمت أخيرا كيف أفلت اليد التي يحين دور إفلاتها، والقلب لا بد أن يتعلق ، لذا اخترت له الله، وصال لا ينقطع أبدا أبدا، وأنا عالمة أنه لن يكون فصلا أخيرا هذه المرة، كان معي دائما حتى قبل أن أخلق، وسيكون معي عند النزع وفي الحياة الأخرى، لا بون ولا نوى مطلقا. لا يوجد سؤال مثل "لن تتركني أبدا صحيح؟" ثم تمضي طيلة عمرك خائفا أن يتركك، ولا يوجد أيضا ظروف تنتزعه نزعا، وليس هناك لحظة يكون غائبا، لا يمكن أن تشتاق إليه مثلا فتتألم، حبه لايؤلم قط إلا أن يكبر في قلبك حتى يكاد يتفتت فذاك هو الحب بذاته، سل الله أن يقوي قلبك! أصلا حبه يعني سعادة خالدة، نعيم مقيم، ملايين الحيوات في كل واحدة منها أنت سعيد، لن تمل، لن تؤذى، لن تحزن، ستذوق كل مرة نفس اللذة مهما عشتها.
وفي كل هذه أول شيء ينبغي العمل عليه وبه ينصلح كل شيء هو المضغة الملكة، القلب، به نركض إلى الله وبه نتردى في النار، به نكون من أهل الحياة أو الموات.
أما إلى الله، فالحمد له أن كان معي في كل لحظة، تودد إلي دائما، منحني دائما، ما لا أحصي عدده، ولا أملك شكر واحد منه، أحبني أكثر من كل الخلق، وثبت فؤادي وحرك جناني، وعلمني ورباني وأدبني وهداني، أعطاني أكبر عطية وهي الحب، شفى قلبي، طيب خاطري، أسعد وجداني، اختارني لعبادته وطاعته، هو مريد النبضات ومالك الأنفاس، الذي يملك الإهلاك لكن يرحم، مليكي وأنيسي. لك الحمد متى ما أعطيت وما منعت يا مولاي.
*****