ستجد أنه يختلف كثيرا عن أى طفل فى مثل عمره فقد ضاعت طفولته وسط قسوة تلك الشوارع ففى الوقت الذي يحلم فيه كل طفل بمستقبل مشرق كأن يكون مهندس أو طبيب أو رياضى مشهور أو ما إلى ذلك يعجز هولاء حتى عن التفكير بالمستقبل فكيف له أن يحلم بمستقبل واعد وهو عاجز حتى عن نيل أبسط حقوقه كالتعليم و الشعور بالامان و العيش فى كنف أسرة تحنو عليه وتحميه من أستغلال البعض ،فى الوقت الذى يعيش فيه أى طفل أسعد أيام حياته يواجه هو أقسى الظروف ، فى الوقت الذى يحلم فيه كل طفل بلعبة جديدة أو نزهة ممتعة مع الأهل أو غير ذلك من الرفاهيات يتمنى هو ان يحصل على أبسط الحقوق كبيت يشعر فيه بالأمان ، فى الوقت الذى يشاهد فيه أطفال من عمره مع أسرهم فى أفخم المطاعم يحلم هو بأن يحنو عليه أحدهم بما تبقى له من طعام أو حتى أن يجد فى صناديق القمامة أى طعام يمكنه من إسكات تلك المعدة الخاوية التى باتت تتضور جوعا ، هو لا يخطط للمستقبل فهو يقضى كل يوم بيومه على أمل أن يأتى يوم يتغير فيه الحال إلى أحسنه .. تخيل إنك تعيش مثل هذه الظروف القاسية ولو ليوم واحد بالطبع لن تتحمل فما بالك بهؤلاء الذين عاشوا هذه الصعاب لسنوات وهم لا زالوا أطفالا .. أنهم أطفال الشوارع .
* قد يعتقد البعض أن هؤلاء الأطفال أختاروا أن يكون الشارع مأوى لهم بإرادتهم لكن فى الحقيقة ثمة أسباب كثيرة هى التى دفعت بهؤلاء إلى الشارع منها :
1-التفكك الأسري :مثل هجر ألاباء أو الإنفصال أوالطلاق و زواج كل من الأم والأب بأشخاص أخرين مما يدفع الطفل إلى البحث عن مأوى أخر وهو الشارع .
2-اليتم : وما قد يصاحبه من سوء للحالة النفسية والمادية إيضا خصوصا مع غياب الرقابة على الطفل مما يدفعه إلى الانحراف والإنجذاب إلى الشارع .
3-العنف ضد الأبناء : كالضرب والتعذيب والإهانة والتى تتدفع الطفل للهروب من كل ذلك فيذهب إلى الشارع .
4-التمييز بين الأبناء : حين يعانى الطفل من سوء المعاملة فى حين يعامل الأهل إخوته معاملة حسنه فقد يشعر بكراهيه الأهل له مما يدفعه للهروب من بيته .
5- الزواج العرفى و العلاقات الجنسية المحرمة : والتى تدفع الأم للتخلص من ذلك الطفل وتركه للشارع خوفا من الفضيحة .
6- الفقر : قد يدفع ذلك بالأهل أن يجبروا أبنائهم على العمل فى سن صغيرة فيتركوهم للشارع .
7 - كثرة الإنجاب : قد يؤدى إيضا إلى عدم الاهتمام بتربيةالأبناء والامبالاه وعدم الأستماع للطفل ولمتطلباته وعدم القدرة على سد إحتياجاتهم الأساسية فيلجأ الطفل إلى الشارع لعله يسد إحتياجاته .
8 -التسرب المدرسي : نتيجة للشدة والقسوة وسوء الأساليب المستخدمة فى التعليم مما يدفع الطفل لترك المدرسة والبحث عن بديل أخر وهو الشارع .
9-أسباب سياسية : كالحروب والتى ينتج عنها كثرة الاجئين والمشردين و الذين لايجدوا مأوى سوى الشارع سواء أطفال أو أسر بأكملها .
* كل هذه الأسباب دفعت بهم إلى الشارع منهم من لايجد له مأوى غيره ومنهم من ظن أن فى اللجوء إلى الشارع حل لمشكلاته ، لكن فى الحقيقة هو بدأية لمشأكل أخرى لن تؤثر فقط عليهم ولكن على المجتمع ككل من هذه المشكلات :
- إنتشار ظاهرة التسول : فبالطبع يقوم الكثير من معدومى الرحمة بإستغلال هؤلاء الأطفال ليتسولوا فى الشارع أو حتى بدون أستغلال من أحد قد يلجأ الاطفال للتسول لجمع المال حتى يتمنكوا من سد حاجتهم .
- إنتشار الأمراض : فنظرا لما يتعرضوا له من تلوث مع عدم وجود رعاية صحية فبالتالى يصابون بأمراض خطيرة كالتسمم والأنيميا والجرب وأمراض الصدر و غير ذلك .
- زيادة معدلات الجريمة : كالسرقة والنشل والخطف والقتل ويدفعهم لذلك حاجتهم إلى المال مع عدم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ ، فهم لم ينشأوا نشأة صحيحة .
- إنتشار الأمراض النفسية : كالعدوانية والميل إلى العنف وعدم الثقة بالأخرين نظرا لما تعرضوا له من أستغلال ونظرا لما عانوه من ظروف أقل ما يقال عنها أنها قاسية
- إنتشار الزنا : وذلك لغياب الوعى الدينى مع غياب الأهل وعدم وجود رقيب .
- إنتشار حالات الإعتداء الجنسي : فوجود بنات فى الشارع بدون أهل أو سند يجعلهم عرضة للإعتداء الجنسي من قبل الكثير من المنحرفين معدومى الإنسانية حتى وإن كانت هؤلاء البنات صغار فى السن .
- إرتفاع معدلات الإدمان : فبالطبع تنتشر حالات إلادمان وتعاطى المخدرات والكحوليات لعدم وجود رقيب عليهم ولإفتقادهم للتوعية والتوجيه الصحيح.
* مشاكل كثيرة نتجت عن تلك الظاهرة أثرت بالسلب على هؤلاء الأطفال و على المجتمع ككل ولكن كما نعلم جيدا أن لكل مشكلة حل ، إذا أردنا نحن الحل !!! و تتمثل هذه الحلول فى :
- لعلاج إى مشكلة لابد من علاج أسبابها وذلك من خلال زيادة الوعى الدينى والثقافى لدى الأهل و تعريفهم بمدى خطورة الإهمال للأبناء و أيضا مدى خطورة أستخدام العنف والقسوة أو التمييز بين الأبناء ، وتعريفهم إيضا بأصول التربية السلمية وذلك من خلال الإعلام المرئي و المسموع و المقروء ومن خلال دور العبادة إيضا أو عن طريق منظمات المجتمع المدنى أو حتى من خلال إنشاء هيئه مخصصة للقيام بهذا الدور الهام فى التوعية .
-إقامة ندوات ومحاضرات لزيادة الوعى الدينى والثقافى فى المجتمع خصوصا فى المناطق العشوائية والقرى الفقيرة .
- إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال نفسيا وإجتماعيا و صحيا و محاولة إشراكهم فى أعمال مجتمعية حتى يتمكنوا من الإنخراط فى المجتمع والشعور بأنهم أشخاص ذات قيمة .
- الإهتمام بالتعليم و زيادة الوعى لدى الأطفال بأهمية التعليم ، وإعفاء الأسر الفقيرة من المصروفات الدراسية حتى لايقوموا بتسريب أبنائهم من المدارس .
- مساعدة الأسر الفقيرة عن طريق توفير عمل لهم أو تعليمهم حرفة أو إقامة مشاريع صغيرة لهم حتى لا يلجأوا إلى إجبار ابنائهم على العمل وترك المدرسة .
* وفى النهاية فإن هولاء الأطفال مسئوليتنا جميعا فبدلا من أن تنظر إليهم نظرة إستنكار أو أشمئزاز فكر فيما يتعرض إليه هؤلاء الصغار من صعاب كل يوم وحاول أن تساعد فى إنتشالهم من الشارع إن أستطعت وإن لم تستطع فعلى الأقل لا تبخل عليهم بكلمة طيبة أو إبتسامة جميلة بدلأ من نظرات الإزدراء ، قد ترى ذلك بسيطا لكنه سيؤثر على نظرتهم للمجتمع ، وعلينا أن نعلم أن أى نبتة صغيرة إذا وجدت رعاية وإهتمام ستتحول إلى ثمرة مفيدة كذلك هم الأطفال إذا وجدوا رعاية وحب وأهتمام سيجعلهم ذلك أشخاص ذات قيمة فى المجتمع نافعا لنفسه و للأخرين و إذا وجدوا عكس ذلك من إهمال و كراهية وعنف سيدفعه ذلك إلى الإنحراف وأيذأ نفسه وغيره ، فكما نزرع نحصد .