ليست مُزحة انما حقيقة.. حقيقة ان ذلك الخَيار -بأن لا تصدق- لم يعد له وجود.. الا لقِلة القِلة من الناس.
طَبيعتنا توحي لنا بان نصدق ما نصدقه وان لا نصدق ما لا نريد ان نصدقه او يصعب علينا تصديقه.. لكن هذه الفطرة لم يعد لها أثر بداخلنا.. فأصبحنا نصدق كل كذبة و إشاعة بكل سهولة مقتنعين اننا قد حللنا المعلومة و باتت منطقية جدا لعقولنا..
بل وعندما يتجه البعض للبحث والتدقيق.. فيدققون في نفسْ المصدر الذي اتت منه المعلومة او حتى من مصادر مرتبطة به ولو بشكل غير مباشر اطلاقا.. حتى وان توصلوا لمعلومة معينة تُظهر الحقيقة.. يتخذوا ذلك المصدر مرجع اساسي لهم.. وهذا آخر ما قد يصلوا له وغالبا لا يكون موثوقا به ، لكن على الاقل هم لم يُصدقوا الكذبة بترحاب كعامّة الناس الذين ظهرَ عليهم الجمود والذهول فَورْ سماعهم لذلك الخبر "العاجل" من تلك "الجهة الرسمية" الناشرة !
ذكرتُ لك في مقالة سابقة.. "اتبع فطرتك" ولكن ليس حتى تهلكك.. و فطرتك هنا من المفترض ان تقودك للشك والفضول وعدم تصديق كل ما تسمعه والرغبة في البحث والمعرفة اكثر..
ولكن اللوم ليس عليك بالكامل عزيزي القارئ او السامع .. انما على الذين تأكدوا من خلو الكذبة التي اطلقوها من أي مجال للتشكيك والتدقيق.. ولكن لن و لم يستطيعوا اخفاء ذلك بالكامل ؛ فدائما ما يقعون بخطأ فادح يظهر الحقيقة كاملة. هو شخص واحد او أكثر من هؤلاء قلّة القلّة يمكن ان يكتشف تلك الثغرة التي تكشف الأوراق وتُظهِر الحقيقة.. ذلك الشخص لا يَتطلب منه الا ان يكون إنساناً : أي لديه فطرة قوية في التحقق و الاستقلالية .. ربما تتسائل : وما داعي الإستقلالية.. أقصد هنا ان يكون تفكيرك مستقل.. لا يرتبط ويتعلق بهذه الاخبار والاكاذيب والشائعات.. ليقدِر على مواصلة حياته و استمرار أدائه في أمور أكثر أهمية وإفادة لصاحبه.