يعتقد الكثير من الناس في العالم العربي وفي السعودية خاصة أن الحرية التي يناشد لها البعض والتي تستوحي أفكارها من الجتمعات الغربية تعني بالضرورة الإنفتاح المطلق الغير مضبوط بضوابط عرفية أو دينية أو أخلاقية أو مجتمعية.
يثير سقمي روؤية أحدهم ذو الهوية السعودية المسلمة يتقدم بطلب يد إحداهن، ثم يقبل شفتيها بحرارة وسط صيحات وهتافات من يشاهدون، وأمامه شخص يحمل الكاميرا ويقوم بتصوير المشهد ويكتب إسم الخاطب كاملاً ذاكراً إسم والده وجده وقبيلته، وهي إحدى القبائل الشهيرة في المنطقة الجنوبية في السعودية، والمعروفة بعمق بداوتها ووهويتها السعودية المحافظة.
قد يعتقد البعض أنني هنا أُحارب الإنفتاح والحرية وتقبل الآخر. ولكن في حقيقة الأمر أن ما أرمي إليه هو أن الحرية و الإنفتاح لا يعنيان تقليد المجتمعات الغربية بالحذافير، ورمي عاداتنا العربية والاسلامية عرض الحائط. الحرية لا تعني مسح الهوية العربية والقبلية، ولا تعني التعدي على الأعراف.
وقد يشير إلىَّ أحدٌ آخر بأن هذه الأعراف بالية وجاهلية، وأن من أساسيات التقدم توحيد الأعراف بما يتناسب مع المعايير العالمية. في ذلك أُخبر من يلقاني بهذا الكلام أنك بذلك تطمس هويتك الخاصة لتتبع هويتهم.
فهؤلاء المتقدمون والمتحررون كما يعتقد الكثير ليسوا خاليين من الأعراف والتقاليد والعادات. هم لهم عاداتهم التي نشأوا وتربوا عليها، ثم نأتي نحن نطالب بمحو أعرافنا وندّعي التحرر بتقبيل الشفاه علناً كنوع من الأسلوب الحضاري في الخطبة، وتماشياً مع الغرب ناسين أن هذا شأنهم وتلك عقيدتهم.
كم هو مقزز رؤية أحدهم يقلد امريكي أو أُوروبي وينسى أنه يخرج من عرفه كيف ينتسب سراً لعرف غيره. والأكثر مرارة هو رفع مثل هذه الفديوهات مصاحبة لموسيقى رومنسية وتعليق يحسد هذين العريسين كي يروج لمثل هذه الأفعال للجيل الجديد جاعلهم معتقدين أن هذا هو شكل الرومنسية في أجل صورها، مفاخرين بإسم وقبيلة العريس الوقح الذي لم يعر إهتماماً لا لقبيلة ولا جنسية ولا دين ولا حياء ولا أدب.