الصحبة في اللغة الملازمة والمرافقة والمعاشرة... ؛ يقالُ : صحبه يصحبه صحبةً، وصاحبه بالفتح وبالكسر عاشره ورافقه ولازمه... ؛ و الصَّحَابِيّ (الجمع: الصَّحَابَة) هو مصطلح إسلامي يُطلقُ على كُلّ من لقي النبي محمد وأسلم ؛ حتى وان رآه مرة واحدة , وان لم يكلمه ... ؛ بل ادرجوا الطلقاء ضمن مفهوم الصحابة ؛ و لا يمكن القطع بعدد الصحابة في كتب السيرة النبوية وذلك لتفرقهم في البلدان والقرى والبوادي... ؛ نعم قد تم ذكر أسماء الصحابة في العديد من المدونات الإسلامية منها : «كتاب الطبقات الكبير» لمحمد بن سعد ، وكتاب «أسد الغابة في معرفة الصحابة» لابن الأثير، وكتاب «الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر العسقلاني، وفي كتاب «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» لحافظ القرطبي ، والذي ذكر فيه تاريخ 2770 صحابي و381 صحابية ... ؛ وبحسب ما ذكر في كتاب «المواهب اللدنية بالمنح المحمدية»، لشهاب الدين القسطلاني ، كان هناك حوالي عشرة آلاف صحابي حين فتحت مكة، و70 ألفا في معركة تبوك عام 630م، وكان هناك 124000 صحابي حضروا حجة الوداع... ؛ والاكثرية الساحقة منهم مجهولو الاسم والسيرة والهوية , اذ لم يذكر التاريخ عنهم شيء قط .
وذهبت الطائفة السنية الى الاعتقاد بعدالة واستقامة جميع الصحابة وبلا استثناء ؛ بينما حفلت المرويات التاريخية والدينية بالكثير من القصص التي تبين انحراف الكثير من اصحاب الانبياء والاوصياء عن نهج الانبياء والاوصياء ؛ والنبي محمد نبي كالأنبياء السابقين وجماعته يجري عليهم ما جرى على الغابرين ؛ حذو النعل بالنعل ؛ فالإنسان هو الانسان معرض للخطأ والسهو والنسيان ... ؛ الا ان أهل السنة اتفقوا على أن جميع الصحابة عدول، وهذه الخصيصة للصحابة بأسرهم، ولا يسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه، لكونهم على الإطلاق معدلين بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم بنصوص القرآن كما يدعون ... , الا ان الكثير من الآيات القرآنية نزلت في لومهم وذمهم وتقريعهم في بعض الأحيان ، بالإضافة لوجود بعض المنافقين بين صفوفهم والذين ورد ذكرهم في بعض الآيات والروايات ... ؛ لذا تعاملت الطائفة الشيعية مع الصحابة كما تعاملت مع باقي المسلمين ؛ فإن أحسنوا جزاهم الله بالحسنى وإن أساؤوا حاسبهم بذلك ... ؛ ولا يعتقدون بوجود آيات او روايات تدل على تزكية الصحابة كلهم ؛ فكل الآيات محددة مشروطة، ولا يستثنى أصحاب النبي عن حكم الله الذي ينطبق على البشرية , كما تتدعي الطائفة الشيعية ذلك ؛ ويعامل أصحاب الجرح والتعديل عند الشيعة أصحاب النبي كغيرهم من المسلمين ؛ لاسيما وان الكثير منهم ارتدوا بعد وفاة النبي , والبعض الاخر منهم قاتل صهر النبي و وصيه وابن عمه الامام علي بن ابي طالب , والذي يعتبر الخليفة الرابع لدى السنة ؛ وكتب التاريخ مليئة بالجرائم والاحداث الدموية والتي تنسب لبعض الصحابة ... ؛ فمنهج الشيعة يقتضي بحث حال الصحابة فردا فردا للوقوف عند سيرهم , وعدم تسليم الأمور على عواهنها من حيث تفاوت درجة تمسك من صحب النبي بما أمر به، ابتداء بمن كان مؤمنا صادقا ممدوحا ؛ و انتهاء بمن ثبت نفاقه وارتداده ... ؛ وثبت عند الشيعة أن من أصحاب النبي من يستحق المراتب العليا ؛ ومنهم من هو بخلاف ذلك ... ؛ فلا يساوون بين عمار بن ياسر ومروان بن الحكم , ولا بين ابي ذر الغفاري وسمرة بن جندب ... ؛ والمسألة خلافية بين المسلمين ؛ وطالما بقيت المسائل الخلافية والعقائد والفتاوى المذهبية حبيسة رفوف المكتبات و زوايا التاريخ , والاشارة اليها لا يعد خروجا من الدين والملة او مروقا عن الوطنية ؛ ما لم تقترن تلك الحوارات والمناقشات بالعنف والدم والارهاب كما يفعل النواصب من الدواعش وعتاة الوهابية والتكفيرية .
فمن الناحية الدينية ؛ ناقش رجال الدين ومن مختلف الفرق والمذاهب المسائل الخلافية , وكفر بعضهم بعضا , وسفه بعضهم اراء المختلفين معهم , بل نشبت الصراعات الدموية بين الصحابة انفسهم فضلا عن اتباعهم , واول من سن هذه السنة هم أهل السنة ؛ فهم أول من لعن وسب الامام علي بن ابي طالب ومن على المنابر وفي المساجد والاسواق ؛ ولمدة 90 عام تقريبا , حتى انهم عندما ذبحوا الامام الحسين ؛ قالوا قتل بسيف جده ؛ كما قالوا في عمار بن ياسر من قبل : قتله الذي اخرجه ...!! ؛ واستمر النواصب على هذا النهج الطائفي التكفيري المنحرف الى هذا اليوم ؛ فلا تستغرب عندما تسمع الدواعش وهم يسبون الامام علي وال البيت او عندما يطعن عتاة الوهابية والتكفيرية بالإمام علي او عندما تضرب المراقد المقدسة لال البيت بالصواريخ من قبل المجرمين الصداميين والمنحرفين البعثيين , وكلنا شاهدنا بعض اللبنانيين المنحرفين والطائفيين عندما خرجوا في التظاهرات وهم يهتفون ضد الشيعة وحزب الله ؛ ويستهزؤون بشعيرة اللطم على الامام الحسين , ويسخرون من اسم الامام علي , اذ اطلقوا على الشيعة تسمية : جماعة علاوي ..!! .
ناهيك عن سباب واستهزاء المأبون الطائفي والسفيه التكفيري المنحرف طه الدليمي بالإمام علي وال البيت فضلا عن الشيعة , وغيرهم الكثير ؛ فعندما تسمع الشيعة من السنة : ان عيد الغدير بدعة , وان الحسين قتل بسيف جده او عندما يطعن بائمتهم ورموزهم ... الخ ؛ يجب عليهم السكوت والرضوخ للأمر الواقع , وعدم الشجب او الاستنكار ؛ اما اذا تكلم الشيعي بأمر ما , او ناقش مسالة خلافية , او مر مرور الكرام على واقعة تاريخية , او انتقد احد الصحابة نقدا موضوعيا بناء ؛ يهدف الى تصحيح السيرة وتغيير المسيرة بما يعود على الامة والمجتمع بالنفع والخير والتحرر من الافكار والرؤى الهدامة والتكفيرية ... ؛ عندها تقوم الدنيا ولا تقعد , اذ يتفق الجميع بما فيهم الملحدون والعلمانيون والزنادقة من ذوي الاصول السنية على الهجوم على ذلك الشيعي ؛ وتسقطيه , وضربه كضربة رجل واحد ؛ ضاربين بعرض الحائط مسلمات الاجتهاد الديني واختلاف وجهات النظر الدينية , و مخرجات الديمقراطية والحريات الشخصية وحرية التعبير والاختلاف في وجهات النظر , والتعددية واللحمة الوطنية ... الخ ؛ والذي يثير الاستغراب اندفاع بعض دونية الاغلبية وحمقى الشيعة وراء هذه الهجمات الطائفية والحملات الشعواء التكفيرية التي تستهدف حرية الرأي والشيعة على وجه الخصوص ؛ والطعن بأبناء جلدتهم او الاختباء في جحورهم ؛ بحجة محاربة الطائفية او بذريعة اللحمة الوطنية التي لا يقيم لها الطرف الاخر اي وزن او اعتبار ...!!
ومن اخير هذه المسرحيات المفتعلة والمزايدات السياسية المصطنعة ؛ هجوم البعض من رجال الدين السنة والاعلاميين والسياسيين على النائب علي تركي ؛ لا لشيء سوى انه قال : لعن الله أول من ظلم ال بيت محمد ؛ ولو كان السنة صادقين فيما يدعون من موالاتهم لال البيت ؛ لما اعترضوا على ذلك , فالظلم محرم في كل الشرائع السماوية ؛ فما بالك ان كان ذلك الظلم طال ال البيت ...؟!
وقد استشهد النائب علي تركي بنص ديني تاريخي ( اللهم العن الاول والثاني ... الخ ) ؛ ولو سلمنا جدلا بصحة هذا النص سندا ودلالة ؛ فان النائب مجرد ناقل ليس الا ؛ مع العلم ان النص لا يشير الى اسماء الخلفاء ابدا ؛ ولا يدل عليهم , ولم يصرح احد من علماء الشيعة المعروفين بذلك قط ؛ بل على العكس جاءت رواية عن الامام الصادق عندما سأله المنصور العباسي عن ذلك ؛ فأجابه الامام الصادق بأن المقصود من الاول والثاني والثالث والرابع ؛ فلان وفلان ؛ ولم يشر الى الخلفاء بتاتا , فضلا عن ان البعض شكك بهذا النص ؛ وعليه : بما ان النص تاريخي ومبهم وغير صريح , ولم يذكر النائب علي تركي اسماء الخلفاء ولم يقل عنهم سوء ؛ فلماذا كل هذه الحملة الشرسة , ولماذا لا يشن هؤلاء حملات مماثلة ضد من ينتقصون من ال البيت ورموز الشيعة ؛ ولماذا لم يستنكرون جرائم صدام الطائفية او يغضبوا لله ورسوله ؛ عندما قال صدام في احدى المرات وهو يمتدح عاهرة : ( انها تسو شارب النبي ) ...؟!