حين ننعزل بإرادتنا و نساوم رغباتنا على اثبات الذات، نجد أمامنا تحدي ممن نرحل ولأين سنتجه، لنكون في نظر أنفسنا على الأقل عصاميون وكادحون وناجحون بفعلنا. تسكننا رغبة كبيرة بين الفينة والأخرى أن نصبح ابطال قصتنا و ان نكون فعلا منقذي أحبتنا و دائرة  المحيطين. نتنقل في رحلة الذات بين الآخرين ونشذب هوياتنا لنسافر إلى القلوب ونجد مرفأ لعواطفنا.

في غمرة الحياة والرحيل لتكوين ذواتنا يتغلغل لأرواحنا ما يقلب كل خطط الاستقلال، دون إذن منا يسكننا التعلق من رؤوسنا حتى أخمص أقدامنا. إنه الحب و تلك التي تسلبنا لب شعورنا و بلا ترتيب نسقط بجميعنا في قبضة تلك التي! لنعيش فوضى حواسنا و بلا رحمة ننزع قناعاتنا لتصبح مسكونة بتلك التي !

تلك التي..... هي لحظة قد تكون عادية و قد نمر بها في محطات حياتنا دوما.. لكن بعبثية الأهواء نستسلم في لحظة دون غيرها لحس مرهف ساقته كلمة عابرة أو نظرة أو إيماءة غير مقصودة لنحب ونعشق ونهيم و لنصبح أسرى لها.. وبهذا ننسى همومنا و استقلاليتنا و نقبل القسمة مع من نحب.

تلك التي.. هي لحظتي ولحظتك و لحظة كل من يسكنه نبض يساهم في اكتشاف جوهره. فلسنا مملكة لمعتقداتنا ولا نملك حتى وجهات السفر و بطولة قصصنا، فهناك لحظة تنسجنا و تحيك لنا السعادة في عينين او في لمسة يدين أو حتى في الشرود بالخيال لمن نهيم بهم.

أحب.. تلك التي تسكنني و أعشق تفاصيلها و اقترابها وابتعادها بل أتنفس طيفها إن عبر مخيلتي. أصبح لدي الآن بالفعل حياة كما تمنيت و أصبحت بلا قيد مستقلة و أوازي حياة الكثيرين ومزدحمة بفصول تلك التي، وبها استغنيت عن كل بطولة وكل ذات. تلك التي أحببتها سأظل أحبها.... ما حييت فإن اقتربت عشت بها الحياة و إن ابتعدت رسمت بها الحياة. تلك التي علمتني الجلد على قسوة الحياة واشربتني رقة الأمل فلم أعد أبكي بوجودها الراحلين ولا الغائبين بل أتعاطى مع كل الأمور بعقلانية التوسط.. سنعيش بخير وسيعيش أحبتنا كذلك و سنكون أبطال قصصنا إن اكتشفنا في ذواتنا "تلك التي" تغمرنا بالحياة و تختصر النجاح بالقناعة الرضا عن القدر.