سوف نعبر هذه المحنة عندما تصبح مدرجات الجامعة أهم من مدرجات الكرة، ومعامل البحث العلمي أهم من مكاتب البحث الجنائي، وعندما نعرف أن اسوأ ما فى (الأمة) هو الأمية ... وأيضا ً السؤال : مَن الذي حوّل رمضان من ثلاثين يوم إلى ثلاثين " حلقة " ؟ ... افتقد واقعنا هذه الكاريزما الساخرة .. هذه الشخصية التى أخذت الألم والحسرة المُتناثر فى العقول وصاغت به كلمات واعتادت دوما ً أن تجعلنا نسخر من واقعنا ونبكي عليه فى آن معا ً .. فًشر البليةِ ما يضحك !
كان نتاج مايسميه البعض " بثورات الربيع العربي " ..جملة ..ترسخت فى الأذهان وعَلقت فى الأذن عند سماعها بنشرات الأخبار أو حتي عندما تمر العين عليها على صفحات الجرائد مرور الكرام ! جملة .. العالم العربى بعد 2011 غير العالم العربى بعد 2011 ! على غرار عبارة شهيرة فى العالم الغربي جميعا ً نعرفها ..
اتطلعت منذ فترة على كتاب ( قصر الكلام) للساخر الراحل " جلال عامر "
" قصر الكلام" الذى غاص وسبح قولا ً وفعلا ً فى بانيو الوطن !
هذا الكتاب المُكون من مجموعة مقالات ساخرة والذي صدر عام 2009.
ولكن الغريب والعجيب فى الأمر أن عبارات وكلمات هذا الكتاب بمثابة وثيقة تاريخية توثق واقعنا للأجيال القادمة ، فالعبارات والكلمات تقنع أى شخص وتنسف " الجملة " سالفة الذكر بأن العالم العربى قبل غير العالم العربى بعد !
وكأن هذا الرجل يكتب ليؤكد أن "من شب على شئ شاب عليه" !
* مقتطفات من " قصر الكلام" لواقع أقصر .
* العالم العربي على كف عفريت!
فى العالم العربي التأمين على الإنسان ( اختياري) ، والتأمين على السيارة (إجبارى) ، نحن لانفرق بين مُعارض الحكومة ومَعارض السيارات أو مَعارض الموبيليا ، ونظل نعبث فى آلة التنبيه حتى تفاجئنا صفارة الإنذار..
فى العالم العربي فقط يجب أن تحصل على رخصة من لجنة أحزاب البلد الذى تقيم فيه ؛ حتى يسمحوا لك بالمعارضة .. تكتب اليبانات وتملأ الإستمارة وبطاقة ضريبية وصحيفة حالة جنائية و6 صور ومنها صورة بلبس السجن ! يسألك الموظف : ناوي تعارض فى ايه بالظبط! وحتى تحصل على الموافقة لازم إجابتك تكون دبلوماسية ( ناوي أعارض فى حكم نفقة حصلت عليه مطلقتي)
بعض الدول يشترط فى المواطن أن يكون متزوجا ً ويعول حتى لايهرب ، وبعضها يشترط طولا ً معينا ً للشخص حتى لاتخبط رأس المُعارض فى سقف الحرية ويوقع النجفة ...
الحصول على رخصة (حزب ) أصعب من الحصول على رخصة مسمط ؛ لهذا تجد أن أصحاب المسامط هم فى الحقيقية معارضون فشلوا فى الحصول على رخصة حزب ففتحوا مسمطا ً ويتحينون الفرصة لتحويل المسمط إلى حزب أو العكس....
حاكم ومحكوم لكن العدل فى "الأول" ... والرزق مقسوم لكن السعي فى "الأول" ، ولولا العدل ما رأينا أفلام اللمبي فالعدل فى بلادنا هو أكبر إنتاج سينمائي .. بلادنا حريصة على العدل وتأخذه فى مواعيده اللى حددها الطبيب ، ولولا الخوذة ما عرفت الفرق بين الأمن المركزى والبنك المركزى.
وطبقا ً للدستور فالمصريين أمام القانون متساوون ( حوالي 175 سم دون حذاء) لكن فى الحقيقة تتفاوت أطوالهم فمنهم من يطول ثمار التنمية ويقشرها ، ومنهم من يعملها مربي ومنهم من تسقط على رأسه فتسبب له ارتجاجا ً.
فنحن نتمتع بأقوي اقتصاد فى منطقة الجيزة التعليمية.. لدرجة أن البنوك التي أشادت باقتصاد مصر عاقبها الله بالإفلاس ، من يمش ِ فى الشارع يلاحظ أن خطة التنمية تقفز بخطوات واسعة وكأنها " أبو قردان " صديق الفلاح ولو علمت الحكومة أن أبو قردان صديق الفلاح ، لقبضت على القرد حتى يسلم أبو قردان ، ومن هنا استمرارا ً لظاهرة التدين الشكلي التي تنتشر هذه الأيام أصبح معظم سائقي التاكسي يشغلون القرآن ومع ذلك لايشغلون العداد .... البقية فى العدد القادم .......