هنالك رجال منسيون يحتاجون دعائكم ...
رحيم الخالدي
لكل معركة رجالها، ولكن كل المعارك تحتاج رجال من طراز خاص، تتقدم القوات، ودائما ما يكونون بالمقدمة! وهؤلاء أعطوا مثالا في البطولة والإقدام والفداء، ومنهم من إرتقى شهيداً، ولا يمكن تذكرهم لكثرة عددهم، فلولاهم لما تحقق النصر، وأذكر هنا زمرة متكونة من أربعة أشخاص، يتبعون لاحدى التشكيلات التي يقودها أحد القادة المخضرمين، الذي يمتلك الباع الطويل في فن إدارة المعركة، إضافة لإمتلاكه فراسةٍ قلما يمتلكها غيره، وهذه الزمرة بأبطالها الأربعة تحت إمرته، يرأسهم البطل "أبو ذيبة" الذي أذاق داعش مر الهزيمة .
يعمل كما الثعلب في كيفية سرقة عبواتهم الناسفة، لينصبها في فخ لهم يصعب إيجاده ليوقع العدو في شر أعماله، ويروي لي أحد أصدقائه المقربين، وفي يوم كان قادما من بغداد، بعد إنقضاء إجازته الدورية، متجها صوب المحور الغربي، وقد سلك طريقا غير الذي يسلكه سابقاً، وقد مر بالمنطقة المحررة (الحضر)، بعد تطهيرها من دنس الإرهاب التكفيري، وعند مرورهِ بالقطعات الماسكة كان يتوقف ليسألهم ويسلم عليهم، وهو الذي كان بالأمس يتقدمهم ليفتح لهم الطريق، وبعد أن عرفوه أمسكوا به ليدلوه على أماكن جديدة، قريبة على سواترهم، ليبدأ رحلة جديدة لتفكيك تلك العبوات .
دخل لمقر إستراحته بهلاهل وهوسات مستبشراً، لينادي على صاحبه وهو يناديه بنبرته المتعود عليها، (تعال تعال شوف إشجبتلك)، وكان صاحبه فرحاً مستبشراً بالهدية، وكان المعتقد لدى صاحبهِ، أنه أتى بشيء من الغذاء الذي يحبه، و أي شيء ينسيهم أمر المعارك في أوقات الإستراحة، فما كان منه إلاّ أن أخذ بيده للسيارة التي كان يستقلها، ليريه مجموعة جديدة من العبوات الناسفة، وهي عبارة عن جلكانات بلاستيكية وعلب متنوعة، وكلها صناعة موت داعشية، التي لا يتقن الإرهاب سواها، فرجع صاحبه يعتلي وجهه الحزن، بعدما كان متمنياً أن يأتيه بشيء يأكله، لتتعالى الضحكات من أفواههم .
هؤلاء وغيرهم من نفس الإختصاص لكل التشكيلات فدائيون، يضحون بأنفسهم لسلامة إخوانهم، يتعاملون مع هذه العبوات، كما يتعامل دكتور القلبية، في ربط الشرايين ليعيد للإنسان حياته! فهم كذلك، فإن أي خطأ يكلفهم حياتهم، كون داعش ومن يقف خلفهم، تطوروا كثيراً في صناعة الموت، إستعملوا التكنلوجيا الحديثة! ليصعب على هؤلاء الابطال التفكيك، والذي لا يعرفه الإرهابيين، أن أبو ذيبة وزمرته، قد تعلموا من هذه التكنلوجيا الحديثة، كيفية عمل هذه المنظومات! لانهم ما أن يعثروا على شيء، حتى يرسلونه للاختصاصيين في أمور التكنلوجيا ليفككوا طلاسمها، ويجددوا عملها لنصبها من جديد، على أماكن سير الإرهابيين وتحركاتهم .
الإعلام وباقي المفاصل التي ترتبط بها، مقصرون أمام هؤلاء الأبطال وتضحياتهم، وتسليط الضوء على جانب واحد فيه غبن كثير، سيما باقي الإختصاصات الأخرى، التي تساهم بشكل وآخر في صنع النصر، الذي جاء بفعل مشاركة كل الصنوف، وليس المقاتل الذي يحمل سلاحاً فقط، لانه لولا تظافر كل الجهود، لما تحققت الإنتصارات التي أذهلت العالم، وجعلت أمريكا وباقي الدول التي تغذي الإرهاب، تقف حائرة أمام هذه البطولات .
بعد إنتهاء المعارك، نحتاج لأبو ذيبة ومن هم على شاكلته، في تطهير الأرض وجعلها خضراء، بدل زراعة الموت، التي زرعتها المجاميع الإرهابية في القلوب قبل الأرض، وتكريمهم ووضعهم في مدارس عسكرية، لتدريب أبناءنا المنخرطين في القوات المسلحة، كونهم يملكون خبرة تدريسية وعملية، لاسيما إرسالهم للدول المتقدمة في دورات، ليتعرفوا على آخر ما أنتجته المصانع الحربية، ليكونوا على علم ودراية، وبالأخير أقول لكل المحبين للإنتصارات التي تحققت، هؤلاء يحتاجون دعائكم .