مواقف الصحابة بين بعضهم البعض من حب وإثار و غيرها عظيمةً جدًا دائمًا تترك آثرًا جميلًا في نفسي ، رجال عظماء قاموا بهذا الدين ونهضوا بأُمّتهم ، "رحماء بينهم".

هم نجوم ضوؤها يملأ الكون الفسيح حتى نقتدي بهُداهم ...

سأكتب اليوم عن أحد المواقف التي أثر فيّ و التي تظهر ماذا يعني أن يكون المؤمنون إخوة ، ماذا يعني أن تقف مع أخيك في حزنه وفرحه ، أن تقول له أنت لست وحدك هاك كتفي اتكِئ ..

عندما تخلَّف ثلاثة من الصحابة عن غزوة تبوك حيث شاء اللّه أن تكون هذه الغزوة في وقت حر شديد وزمن قحط ؛ حتى يمتحن قلوب المؤمنين ...

فلما إنتهت الغزوة و رجع المسلمون فإذا بالمنافقين يدخلون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأعذار جمى بعيدة عن الصدق !!

إلا هؤلاء الثلاثة عندما سمعوا بهذا عزموا أن يقولوا إلا الصدق وإن لا يكونوا كالمنافقين .

أحد هؤلاء الصحابة هو كعب بن مالك -رضي الله عنه - ، قالها بكل صدق : "لاَ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ".

فمضت الأيام وقد هجرهم الناس فلا أحد يُكلمهم ولا يتعامل معهم حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ... فجأهم الفرج من حيث لم يحتسبوا وأنزل الله فيهم لما صدقوا قرآنًا يُتلى إلى يوم الدين.

{ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا }

فسمع كعب النداء "يا كعب بن مالك أبشر" فعلم بالتوبة وخرج مسرعًا حتى يلاقي رسول الله صلى الله عليه وسلم و دخل المسجدَ مستبشرًا ..فقام إليه طلحةُ 'يُهرول' ثمّ احتضنه!

قال كعب : " لا أنساها لِـ طلحة ! "

كم أدخلت تلك الهرولة من السعادة على قلب كعب بعدما أنهكه الهجر !!

"أحيانًا لا تحتاج سِوى مثل تلك "الهرولة"من صديق أو قريب .. يخبرك أنّك لست وحدك، بل إنّه يحزن لِحزنك ويفرح لِفرحك !"❤.

تلك هي المشاعر التي كانت بينهم حب وإخاه ما أعظمهم وما أحوجنا أن نقتدي بهم!