في وقت متأخر من الليل وفي بحر من الافكار .. فكرة مباغتة لا أدري ما سبب مجيئها .. ولا امتلك سبب محدد يقنعني للكتابة عنها  ، او بالاحرى الحديث عنه..اي مرض الذين يتحدثون عنه .. وكيف يدعون انه سبب الملل ..تعرفه انت بالفضول .. ما هذا الشيء .. ما مدى أهميته .. وهل لديه تأثير .. هل هو ميزة ام فطرة .. هل هو نعمة ام يجلب الهلاك ..في هذا المقال ستسمع مالم تعتاد سماعه.

سأبدء لك من اخر نقطة حتى اولها

نعمة ام نقمة :

  ربما سمعت عن مقولة "الجهل نعمة" ، فعدم المعرفة عن شيء يغنيك عن الارهاق في التفكير به و محاولة توظيفه و تأنيب الضمير في محاولة تحقيقه هذا ان كان صواب وصعب التحقيق بالفعل .. لا يوجد شيء يسمى صعب التحقيق ولكن هذا ليس موضوعنا. كيف يمكن للفضول ان يجلب لك نعمة او يجلب لك الهلاك ! حتى نكون واقعيين .. الفضول بحد ذاته لا يمكن ان يجلب لك الهلاك الا اذا خالت لك أفكارك واستحوذ عليها شيطانك .. ببساطة .. كلما زاد فضولك وصعُب اشباعه كان اسوء بل وحتى كلما تم اشباع فضولك بسهولة كان اسوء.. ولكن الفكرة ليست هنا .. الفكرة في مدى قوة او ضعف روحك في تقبل المعلومات كما هي او توظيفها في الصواب ام الخضوع لهيمنة طاقاتك السلبية.. الشيء الاهم هو مجال فضولك البالغ .. وتذكر هذه الكلمة جيدا (البالغ) لانني سأوضحها لك فيما بعد.. فإذا كنت من الناس "العاديين" اي الناس البسيطة العامة .. وتهتم لأخبار المجتمع او اخبار رياضة معينة (اي فضولك قوي في مثل هذه المسائل ) فستجد نفسك في دوامة مخدرة من التساؤلات والارهاق الفكري على مجرد "أحداث" لا نفع منها ولا ضرر .. وعلى الجهة الاخرى اذا كان فضولك حول "العِلم" وممن يشاهدون البرامج الوثائقية ومثل هذه المسائل ففضولك يعمل لصالحك الى حد ما .. وهذا الحد هو استسلامك للافكار السلبية حوله .. الخلاصة .. لا يوجد علاقة محددة بين طرفين بل هي شجرة اهمها ثلاث وقد ذكرتهم .

ميزة أم فطرة ؟! :

هل الفضول ميزة يتحلى بها أناس معينون أم صفة غريزية في عامة البشر ! الجواب بإختصار .. هي فطرة .. منذ ان وعينا على الدنيا وفينا الفضول .. الفضول الذي أنزل آدم سبع سموات .. والذي طور الإنسان حتى وصل الى الفضاء وصنع حضارات وبنا أمة .. هو نفسه الذي أفسد علاقات وهدم مجتمعات وشرّد المئات.. فعندما نتحدث عن فطرة نتحدث على عامة البشر .. بخيرهم وشرهم .. بأفضلهم وأحقرهم .. لا اعني بذلك البشر بحد ذاتهم ؛ فنحن افضل مخلوق وضعه الله على الارض .. بل أعني النفوس التي ترسختها أفضل القيم والمبادئ حتى التي املأها سم الشيطان وحقارته .

ما هو الفضول وما أهميته :

المعلومات التي تحصل عليها دون بذل جهد والمتنوعة ليست كالتي تبحث عنها اينما ذهبت والتي تبذل الجهد في تحصيلها .. أحيانا يكون هناك معلومات لا يحق لفضولك التدخل بها .. كجارك الذي يقال انه فجأة اصبح يملك ثروة .. او الفضيحة التي يتحدث عنها الجميع .. والكثير من الامور التي تنتهي حدودك السماع بها ولا الحديث عنها ! فالفضول هو بذل الجهد في تحصيل معلومة او غرض ما. و بالنسبة لأهميته فقد لمحت لك بها سابقا : فبدون فضول أجدادك وأجدادهم لم تجد نفسك داخل المنزل الذي انت فيه ولا جالس على هذا المقعد و لا أسفل هذه الإضائة ولا بهذا الجهاز الذي بيدك الآن تقرأ منه ولا حتى مرتديا الملابس المرتبة التي تغطي جسمك الآن .. فهذه ليست الا اشياء بسيطة كان سببها الفضول في المرتبة الأولى .

في النهاية :

لن أقول لك لا تدع فضولك يسيطر عليك .. بل سأقول دع فضولك يقودك ولكن في الطريق الصحيح .. ودع جرأتك تقودك ولكن في الاوقات المثالية .. وأطلق شجاعتك الكامنة ولكن وقت ما تحتاجها .. وجادل ولكن في الامور المناسبة .. وأخطِئ ولكن تعلم من خطأ غيرك حتى لا ينتهي بك عمرك في أخطاء قد أخطأها غيرك .. كن مميز .. حتى في خطأك .. واعلم ان كلامي هذا لم اقم بنسخه او إقتباسه من أحد الفلاسفة او من كتب قد قرأتها انما هو كلام من الخبرة التي عشتها ولو لم تكن كافية.. من مشاهد أراها يوميا و أمام عيني لعادات سلبية احيانا اقع بها .. فبهذا الكلام انصحك و اذكِّر نفسي به لاحقا .