*زياد الفيفي


تقول غاياتري سبيفاك عن الرجل الأبيض (حلم كل رجل أبيض هو تخليص المراة الملونة من الرجل الملون)

اعتقد بأن هذه المشكلة المتمثلة في اعتقاد الرجل الأبيض بمركزيته قد تجاوزته الى الإنسان الغربي بشكل عام حتى اصبحت ثقافة غربية أصيلة تعطي الغربي حق لعب دور الكائن السامي الذي إبتلاه الله بمسؤولية تعليم "الدون" أسس الحضارة , تسبب في استفحالها إلتفاف المجتمعات الغربية على العنصرية بدلاً من اقتلاعها فحقيقة أن الغرب تجاوز العنصرية هي حقيقة منقوصة , فالغرب لم يتجاوز العنصرية بل وطّن العنصرية بحيث قدم الرجل الأبيض تنازلاً للأعراق المتخلفة -الافارقة والآسيويين والشرق أوسطيين- بشرط أن يكون قد امتزج بهم وحصل على جنسيتهم وصار مواطناً منهم يؤمن بهم وبثقافتهم ويتحدث لغتهم , هذا التنازل يبدو في شكله الظاهري اقرب إلى محاولة لحماية الوحدة الوطنية من كونه إيماناً بحقارة العنصرية وضرورة معالجتها

يبقى هذا الشعور الإستعلائي تجاه بشر الدرجة الثانية "الغير غربيين" قائم ومتمثل في القيم والقوانين التي ما ان يستحدثوها حتى تتحول إلى ثوابت انسانية يجب على كل الشعوب أن تؤمن بها كون العرق الغربي الأسمى قد آمن بها , فعلى سبيل المثال لو طرح رجل شرق أوسطي فكرة زواج المثليين قبل عشرين عاماً من الآن لكان محط اشمئزاز ونوذجاً للتخلف الحضاري العربي في نظر المجتمعات الغربية لكن ما ان قرر ذلك المجتمع السامي أن للمثليين حقوق يجب أن تحفظ أصبح منع ممارسة المثلية شكل من أشكال القمع الوحشي ومعارضة زواج المثليين انتهاك صارخ لحقوق الإنسان .

في عام 2014 قام خيرت فيلدرز النائب في البرلمان الهولندي بتقديم توصية داخل قبة البرلمان لمناقشة مشروع اعادة تقييم علاقة بلاده بالمملكة العربية السعودية وذلك بسبب أن السعودية تضع شعارات دينية في علمها الوطني في حين أن السعوديين أنفسهم لم يطرحوا هذه الفكرة للنقاش بالاساس , مثل هذه الحالات تعطي مؤشراً على مدى اعتداد الانسان الغربي واعتقاده انه مركز للكون ويجب على العالم أن تقتديه فكيف لدولة في القرن الواحد والعشرين ان تضع شعارات دينية في هويتها الوطني في حين ان هولندا لا تفعل ذلك !! ما الذي يجعل هؤلاء البشر الذين يعيشون في تلك البقعة المسماه بـ"السعودية" لايلحقون بركب الحضارة التي خضناها بفصل الشعارات الوطنية عن الشعارات الدينية !!

هذا المستوى من التطفل في تفاصيل حياة شعوب الدرجة الثانية ومطالبتهم باصلاح أمور هم لايروها معطوبة , وتغيير أشياء هم لايروا اهمية تغييرها , ومطالبتهم بتعديل ما لايريدون تعديله هي دليل آخر على شعور هذا الإنسان الغربي بأن على عاتقه مهمة تعليم الناس الحضارة , الحضارة التي يؤمن بها وليس التي يؤمنون بها.

ختاماً وجب على الغربي قبل أن يدعي بأنها قد تجاوز العنصرية أن يطرح على نفسه السؤال الصعب:-

-لماذا كل ما أطرحه يُفترض أن يكون حقيقةً مطلقة وكل ما تطرحه الثقافات الأخرى هو معتقد قد يكون صائباً وقد يكون خطأً يتوجب علينا إصلاحه ؟!