البتاويين المرض المزمن العضال 

واستمر توافد الاجانب والغرباء عليها , فضلا عن العراقيين الاصلاء من ابناء المحافظات الاخرى , من الباحثين عن العمل او الهاربين من مناطقهم لأسباب شتى , والكثير منهم كان يفترش حديقة الامة وينام في العراء ايام الزمن الاغبر , وكانت الشرطة الصدامية متواطئة مع المجرمين وتغض الطرف عنهم , بل ان بعض زبائن دور الدعارة من عناصر الحزب والاجهزة الامنية القمعية وقتذاك , حتى اضحت منطقة  البتاويين في عهد السافل صدام منطقة غريبة ؛ بسبب بعض الممارسات غير المحببة التي تمارس فيها ، والبعيدة عن طبيعة وثقافة الشعب العراقي المحافظة ؛ تتقاسمها الجالية السودانية مع الجالية المصرية ؛ وقد عانت هذه المنطقة الإهمال ولم تشهد أية عملية إعمار او تنمية  منذ أربعينيات القرن الماضي، والى سقوط النظام البائد عام 2003 بل الى هذه اللحظة , فهي رهينة الإهمال والتهميش !!

وقد حولها النظام البعثي السافل الى ( جيب امني ) يجتمع فيها العراقيون  وغيرهم , ويتوافد اليها كل طبقات وشخصيات المجتمع العراقي ؛ ليسهل رصدهم من قبل اجهزة القمع الصدامي , والقاء القبض عليهم ؛ فضلا عن القاء التهم جزافا بحق ابناء الاغلبية , وحبس المواطنين العراقيين البائسين  والمسالمين من ابناء المحافظات الجنوبية ؛ الهاربين من جحيم مناطقهم الى جنة البتاويين للبحث عن عمل وقتذاك ؛ وكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار . 

وبعد عام 2003 وبسبب الظروف الامنية والعمليات الارهابية ؛ هاجر من تبقى - من المسحيين -  من حي البتاويين بعد أن طالتهم يد الإرهاب ؛ اذ لم تكتف قوى التكفير والظلام بالضحايا الشيعة فقط ؛ فقد ضمت اليهم المسيح والايزيدية والصابئة ؛ وقد ادلى احد المواطنين بشهادته  عندما سأله احد الاعلاميين ,  قائلا : (( ... وسألته عن احوال المنطقة : فقال على الفور : غير جيدة، ثم استدرك : الا ترى كيف صارت ؟ وهي المنطقة التي عشت فيها منذ السبعينيات وكانت آنذاك من اجمل مناطق بغداد ... ؛  واضاف : جئت اليها نازحا من الشمال وكان فيها الكثير من العوائل المسيحية ... ؛  اما الان فلا يوجد الا القليل ، فقد هجرهم الارهاب والعنف بعد عام 2003، واصبحت مدينة عابري السبيل ، بإمكان اي شخص ان يستأجر فيها بيتا او غرفة ولا يهم من اين يكون ؛  الان انا حزين اننا اصبحنا نرى اناسًا لا نعرفهم في الشارع , وبصراحة احيانًا ينالنا الخوف منهم، فلا نستطيع الخروج الى الشارع كما كنا في السابق فالوجوه التي نراها تخيفنا ... ؛  واضاف : المدينة تملأها الاوساخ ولا احد يهتم بها وهي في قلب بغداد ...)) (1)

وبعد عام 2003 سكنت العديد من العوائل الغجرية والمطلوبين للقضاء والخارجين عن القانون في منطقة البتاويين ايضا ؛ فضلا عن جيوش العمالة الاجنبية والغريبة , والمتسولين والمشردين والمشبوهين والمجرمين والارهابيين  ؛ واللاجئين السودانيين وغيرهم من الجنسيات الاخرى ... .

نعم قد تحولت منطقة البتاويين خلال العقدين الماضيين ، وبسبب الظروف والتحديات الامنية المختلفة ؛  الى مرتع للمشردين والشحاذين والمجرمين والارهابيين  بعد أن تركها ساكنوها بين مهاجر ومسافر ومنتقل الى منطقة اخرى ...  ، فارتبط اسمها بجماعات سائبة تتعاطى المخدرات وتتاجر بها  وتمارس العنف والجريمة  ؛ وتستغلها عصابات مشبوهة تستأجر بيوتها وشققها خارج نطاق سلطة القانون الذي ينظم مثل هذه العملية ... ؛ لان اغلب مالكي تلك الدور والعمارات هم خارج العراق .

ونتيجةً لهجرة السكان القدامى والمواطنين المسالمين ، أمست مبانيها مهجورة تملأها النفايات، وتزكم الأنوف بروائحها الكريهة... ؛  فالمشهد يوحي بأن إمكانية العيش في هذه المنطقة شبه مستحيلة ، ما ساعد على تحولها تدريجياَ إلى دولة مصغرة يحكمها تجار الممنوعات واصحاب السوابق والموبقات ... ؛ وقد  تعرضت في فترة التوتر الطائفي إلى تضييق شديد من الجماعات المسلحة والقتلة المأجورين , وقتل فيها الكثير من الغجر، فيما هاجر الآخرون  منهم خارج  بغداد و العراق، ولم يبق منهم سوى عدد قليل يسكنون في فنادق خاصة... ؛ بل تحولت الى اخطر وأسوء مكان في بغداد ؛ وكأنها منطقة مقتطعة من العاصمة  ...!! 

ويقول عدد من سكان منطقة البتاويين  في وقت سابق ،  لمراسل شفق نيوز إن منطقتهم :  "تعد من المناطق الموبوءة بالفساد وذلك لكثرة بيوت الدعارة ومحال الخمور المنتشرة بين المساكن أو داخل المنطقة والحبوب المخدرة فضلا عن إيواء الكثير من المجرمين والهاربين من العدالة من بقية مناطق بغداد ومختلف المحافظات العراقية"... ؛ وأضاف السكان  أن :  "الشوارع الثلاثة الأولى من منطقة البتاويين وتحديداً، بداية شارع السعدون، من جهة الباب الشرقي تعد من أخطر الأماكن في بغداد، حيث تنتشر حاليا عصابات لبيع المخدرات وبيع الأعضاء البشرية"، مبينين ان عدداً من المواطنين السوريين يتخذون من هذه المناطق اوكاراً لهم وهؤلاء يعملون بالتسول والدعارة وغيرها من الأعمال المشبوهة"... ؛ وتابع السكان أن : "عدداً من العناصر من الذين يرتدون الزي الأمني يتعاملون مع هؤلاء العصابات، ويأخذون حصصاً مالية من محال بيع الخمور وممن يعملون بهذه الأعمال الموبوءة"، مبينين ان "هناك نساءً يعملن بالدعارة يتواجدن بصورة علنية في الشارع الرئيس لمنطقة البتاويين، ويتواجد بقربهن عدد من عناصر القوات الأمنية، الذين يتركونهم بلا محاسبة وكأن الأمر لا يعنيهم"... ؛ وبيّن السكان أن "هؤلاء النساء اللواتي يمارسن السمسرة والترويج للدعارة في بيوت معينة داخل المنطقة فيما تساعد المقاهي المتواجدة على انتشار المخدرات"، لافتين الى أن "المتهمين بهذه الاعمال، حتى وان اعتقلوا، في حملات امنية متفرقة تشن بين مدة وأخرى، فانهم يخرجون بعد مدة ويعودون لممارسة نشاطهم مرة أخرى"...!!

وكما هي عادة المنكوسين والبعثيين والطائفيين والمهجنين من غير الاصول العراقية ؛ غرد الهجين فائق المرندي فيما يخص العملية الامنية الاخيرة في منطقة البتاويين ؛ بتغريدة خبيثة كخبث سريرته المريضة ؛ وانطلاقا من عمالته المكشوفة ضد الاغلبية العراقية والتجربة الديمقراطية ؛ بما يلي : (( ...بعد أن كانت البتاوين سكناً لأرقى عوائل الطوائف من اليهود وغيرهم الذين تم تسفيرهم من العراق وإجلاؤهم من المنطقة، تحولت المنطقة إلى بؤرة للقوادة والفسق والفجور والفساد.. وهكذا تتحول بغداد في ظل حكم الميليشيات! )) 

بل هي مريضة بأمثالك من الدخلاء والغرباء منذ زمن طويل , وتعاني تداعيات فترة جرذ الحفرة القومية الدموية السوداء, فقد حقنها السافل صدام بالدم الملوث بالإيدز ورحل ... . 

..................................

  • 1-البتاويين مزارع خس وسط بغداد كساها اليهود بالطابوق/ عبد الجبار العتابي .