من: السعيد بعلته.

إلى: دواءه و صحته.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،

يسرني يا سيدتي الكريمة أن أتقدم إليك ببعض ما فاضت به قريحتي من حلو الكلام و أجمله، و نقاء القول و أعذبه، أبين لك فيها علتي التي أصابتني من بعدك، فعرفت العافية و قيمتها و غيري كثير لا يعرف، كنت أنا ثم أصبحت أنتي، بجسد ذكوري و قلب أنثوي، ملكتيه بكل ما فيه، أخذتي بتلابيبه إلى كهف يفزع منه الناس و أراه فردوسا و جنة.

يا جميلتي، عرفت في حياتي المهنية أن المريض إذا أصيب بورم - أعاذني الله و إياك منه - ينحصر في علاجه بين حالين، إما أن يستأصل هذا الورم و يتخلص منه بالكلية فيتعافى بعد ذلك بإذن الله و ينعم بصحته، و إما أن يتمكن منه الورم أكثر فيحاصره بالأدوية و ما والاها ليحد من انتشاره حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

أقول ذلك لأنني كمن فقد عافيته، لكن لم أفقد صحتي بعد، فقدت عافية الوحدة و صفاء الذهن و عدم مبالاتي بالناس، و أصبحت شريكا لكن لوحدي و أهتم لك و أنسى نفسي،

لا يمكنني استئصال هذا الورم، لأن استئصاله لا يكون إلا بالعناق، و هذا محال في وقتنا الراهن و حتى بعد شهر من الآن، و ما أبعده،

لكنني قد وُصفت لي وصفة تحاصر هذا الورم و تمنعه من الإنتشار، جرعة بعد جرعة، ليست حبيبات أبتلعها ليلا و نهارا، و إنما ذبذبات صوتك الدافئ، وصفة يومية لا غنى لي عنها.

قد يكون ذلك مزعجا، و لا عجب، فمن من المرضى لا يرى أن أكله كبسولات العلاج يوميا ليس بمزعج؟ بل هو ذورة الإزعاج، و لكنه حل،

أيرضيك أن أعاني من علة في قلبي و دواءها بين شفاهك و لا تمنحيني إياه أتصبر به على مرضي؟ لا أظن، فقلبك الطاهر لا يرى بتعذيب عدوه و الإنتقام منه، فكيف بمن تحبين؟

يا فتاتي، كل حب في قلبي هو لك، ليس بعد الله و شرعه أحد سواك، أنتي كل من أحب، أحبك حبا متنوعا، كحب الفتاة لأبيها، و حب الأم لإبنها، و حب الصديق لصديقه، و حب العشيق لعشيقته، و حب الطير للسماء، و حب السمك للماء، و حب العابد للصدق و النقاء.

يا كل من أحب: إليك أهدي قلبي فهل تقبلين؟ و أطلب ود قلبك فهل به علي تتفضلين؟

يا لشوقي لعينيك الجميلتين، و يا لروعة حضورك بين الحاضرين، يا لفقدك بين الغائبين.

ليت لي سلطة على سير الزمن فأقفز به قفزة إلى يومنا الموعود، يوم أراك فيه أميرتي و ترينني فيه الملك، يوم يهدم بيننا كل ستار، لا باب يمنعني عن رؤيتك، و لا مجتمع ينظر إلينا نظرة المريب المرتبك، أنتِ لي، و أنا لك، مملكة نحن ملوكها، و نحن المواطنون، و نحن فقراءها و نحن المتاجرون، و نحن سكانها و نحن الزائرون، و نحن أمواجها و نحن المبحرون، ليس لسوانا رأي فيها و لا يكون، نشيدها الوطني ضَحكتُكِ، و علمها بسمتُكِ، و يا سعدي بالعيش فيها، و يا هناي.

أحبك بكل اللغات، و بأجملها أكرر ذاك،

أحبك، أحبك، فهل تعقلين؟

يا جنتي اقبلي حبي، و أخبريني،

هل أنا كل من تحبين؟