رحيم الخالدي
القانون الإلهي، يختلف اختلافاً كبيراً عن القانون الوضعي، لكنهما في بعض الأحيان يتفقان! كون الأخير مقتبس من الأول إقتباساً كلياً، والبعض منه جزئي، وتعمل البلدان المتطورة تغييره بين الحين والآخر، لموائمته ليكون فعالاً، ليتماشى مع الحياة اليومية، ويكون نافعاً بقدر كبير لتلافي المشاكل في المستقبل، كذلك القرآن الكريم فيه حل لكل شيء، لكن العلماء لم يتوصلوا لنقطة الكمال، كون الحياة في تطور مستمر، وهذا يسيرنا لحاجتنا الماسة للمراجع الكرام، لتبيان الصح من الخطأ، كونهم يملكون الاهلية في بت الرأي في المسائل، وحسب الرسائل المطروحة لكل منهم، وحسب درجة إجتهاده وإختصاصه .
الجريمة تعاقب عليها كل من القانونين، وحسب درجة الجرم، وأكثرها إيلاماً "جريمة القتل"، وتتفرع الى إقسام عدة، وأولها القتل الوجاهي عيناً وعمداً، كذلك المساعد والمحرض والمستفيد وغيرها من المبررات التي تؤدي للجريمة له نصيب من العقاب وهكذا تسير الحياة تحت طائلة القانون الذي يجب احترامه وتقويته ليطال أعلى هرم بالدولة لتعم المساوات بين أبناء الوطن الواحد لكن الذي يجري في العراق يختلف اختلافاً جذريا وبالخصوص بعد سقوط الصنم الذي لا زلنا نعيش بقوانينه المجحفة وتبعاته هي التي أوصلتنا لما نحن فيه .
تمر الذكرى الثالثة لجريمة العصر "سبايكر"، التي تعتصر قلوبنا منذ حدوثها لحد يومنا هذا، ولم نرى أيّ مسؤول تطرق لفك طلاسمها، أو الأعداد الحقيقية للشهداء لهذه المجزرة، التي أدمت القلوب قبل العيون، وكثير من العوائل تنتظر بفارغ الصبر، إستلام جثث أبنائها المغدورين، على يد أوباش لا يملكون ذرة من الإنسانية، وفي أيام حدوث تلك الجريمة، أطل المسؤولين عبر القنوات الإعلامية، بإنهم قد شكلوا لجان لتبيان الحقيقة، والوقوف على الأسباب التي أدّت لحدوثها، لكن المنتج وكالعادة التملص من المسؤولية، وتذويب الحادثة دون إتخاذ إجراء، بمن أدى لتلك الحادثة الأليمة .
كثيرون يبررون بكلام غير مقبول أن الحكومة ضعيفة! وبالطبع هذا كلام غير مقبول إطلاقاً كوننا نملك وزارة للعدل التي تهرول خلف الفقير وتحاسبة اشد الحساب بينما تقف مكتوفة الايدي أزاء المجرمين القتلة وكذلك نملك قضاة أعدادهم في تزايد مستمر يفوقون الاعداد قبل سقوط النظام ويستلمون مرتبات ليست بالهينة ومحاكم أعدادها بتصاعد أيضاً وهنالك محاكم اختصاص بالإرهاب حصراً وهنا يتسائل المواطن الفقير هل القانون تم ايجاده ليقتص من الفقراء أم هو يشمل الكل كما في سائر الدول المتقدمة ؟ التي تحترم القانون وتقدسه لانه يحميها .
سبايكر ذلك المعسكر الذي بناه الامريكان، باسم طيار أمريكي ليس المعظلة، أو حجر العثرة الذي أدى لتلك المحصلة من الشهداء، بل هنالك أسئلة تتمحور حول الحدث ماقبل الحادثة، أي سقوط الموصل بيد الإرهاب التكفيري! الذي تم إستيراده بواسطة المطبلين، كذلك التصدير من قبل الدول الداعمة لزعزعة المنطقة العربية، والسيطرة على مقدرات الشعوب، وخاصة الشعب العراقي الذي إبتلى بالحكومات المتعاقبة، التي تعشق الحروب والمشاكل وماحرب الخليج الأولى والثانية إلا نموذج قذر لسياسات الحكام الذين تعاقبوا بحكم العراق .
كثير من الناس البسطاء يتسائلون. عن ذلك المعسكر البعيد عن منطقة الأمان، ولماذا تم اختيارهُ؟ وهل ضاعت الأماكن الآمنة في العراق!، ليتم إرسال هؤلاء الطلبة لتلك القاعدة اللعينة، اليست الناصرية تملك قاعدة، أو النجف، أو الكوت، أو معسكر الرشيد، أو باقي الأماكن ليتعلم اؤلئك الطلبة، أو السؤال الأكثر إلحاحاً، من الذي أرسلهم؟ اليست الإنتخابات التي أرسلتهم لقاء أصواتهم وأصوات عوائلهم! حسب ما يذكر أهالي الشهداء المغدورين، وهذا يقودنا لجواب واحد، حيث تجتمع الخيانة مع عدم الفهم والجهل، المسيطر على من يتصدر القرار، ليكون مصير البشر، بيد من لا يعي مدى خطورة الموقع الذي يديره .
خاتمة الكلام أن رب العزة والجلالة أمر بالعدل، والإقتصاص من المجرمين أمر لا بد منه، مهما كانت درجة الجرم، ليعم العدل، والقانون يقويه المجتمع بالمساندة، وليس بالتدخل بشؤون القضاء، والدفاع عن المجرمين وتبييض صفحاتهم السوداء، وجريمة سبايكر وماتلاها من تداعيات، لازالت الأمهات تبكي أبنائها، والزوجات تبكي ازواجها، والبنات تبكي آبائها، وتنتظر بفارغ الصبر يوم تنتهي تلك اللجنة، التي تشكلت أيام الجريمة النكراء، منذ عام الفين وأربعة عشر، وتظهر لنا كل الخونة والمجرمين، سواء من الذين ساعدوا بإحتلال الموصل، أو المجرمين المنتمين لداعش الإرهابي، وجرح سبايكر لايندمل مالم ينال المجرمين عقابهم.