بسم الله الرحمان الرحيم وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد واله وصحبه واخوانه وحزبه

أولا : البعبع السوري :

شاء الله عز وجل أن تكون ثورة الأحرار في سوريا الذين رفعوا من أول يوم شعار " يا الله ما لنا غيرك يا الله " شاء عز وجل أن تكون تمحيصا للمؤمنين ومحقا للمجرمين وأن تميز الخبيث من الطيب وشاء سبحانه أن يتخذ شهداء من المؤمنين هم أحياء عند ربهم يرزقون وشاء أيضا أن لا يكون لأحد من المخلوقين عليهم فضل وهم الذين توكلوا عليه وحده فلا ينسب النصر القريب بحول الله إلا إليه سبحانه . وشاء الله حِكَما بالغة كثيرة نتلمسها في حينها إن شاء الله السميع العليم . كانت هذه مشيئة الله وكانت مشيئة الاستكبار العالمي المتحالف مع الجبر المحلي أن تكون الثورة السورية بعبعا للشعوب المستضعفة أن تفكر يوما في الانعتاق من قبضته فراح يصنع التوازنات ليطيل أمد الحرب ويمعن المتصارعون في سفك الدماء وتقاسم الدور الأمريكان والروس مستخدمين بيادق الشيعة الحاقدين والوهابيين المتشددين . وراح ينقل اللاجئين السوريين من بلد لاخر كي يراهم الناس يغطي تحركاتهم كما يغطي الحرب إعلام كاذب ضال مضل . وراح يسخر علماء عملاء ومحللين منحلين ينادون في الناس :" احذروا مصير سوريا "

وفي المغرب رافق هذا الترهيب من المصير السوري تشويه ممنهج لحركات " الاصلاح " اذ رافق الحكومة التي سوقوا لها أنها اسلامية تراجعات على جميع المستويات . تراجعات يراد منها تحذير الناس من كل تغيير واصلاح ويراد منها تحطيم معنويات الشعوب فلا تطالب أبدا بحقها وترضى بالحاكم الأبدي السرمدي .

هذه مشيئتهم التي لن تخرج عن مكر الله بالمجرمين وعن الأسباب التي يسوقها سبحانه بين يدي نصره المبين

ثم ما يلبث البعبع أن يتساقط ولم تلبث الثورة السورية أن تصير ملهمة للشعوب معلمة إياها دروس الصبر والصمود والتوكل على الله وحده دون سواه .

ثانيا : حتى إذا فرحوا :

بعد تراجع المرحلة الأولى من الربيع العربي تنفس حكام الجبر الصعداء وظنوا في مغربنا أنهم أسعد السعداء ولعلهم ظنوا أن الشعوب عادت لنومتها القرونية ولعلهم استفادوا من الحراك السابق الدروس وعرفوا مواطن القوة والضعف لدى الشعوب ولعل الجبر حصن مواقعه بل استرجع ما فقده أيما الربيع العربي زاد عليه ضعفه وما القرارات المشؤومة التي ختمت بها الحكومة السابقة  واستقبلت الحالية بها عملها إلا تأكيد لذلك . أدرك المستبدون أن الهوية الإسلامية للشعب المغربي هي ضامنة وحدته وهي ملهمة احتجاجاته السلمية وضابطتها ألا تنجر للعنف المشين وودوا لو يغيروا هويته ويبعدوه عن اسلامه فنشروا الجهل وأجهزوا على التعليم واحتلوا المساجد وأوقفوا الخطباء وأشاعوا الفاحشة وأضلوا وصدوا وشوهوا ومكروا .

وهم في أوج انتشائهم بما توهموه نصرا وهم يسابقون الزمن لتنفيذ مخططاتهم أتت الموجة الثانية من الحراك فهم مبلسون . أخلطت الأوراق وأغضبت كبراء الطغاة على من دونهم وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون .

انطلقت الموجة الثانية من الاحتجاجات من الريف بلد المجاهدين فتظاهر المخزن مدة باللامبالاة وناور أحيانا وخادع لكن الزمن كان كفيلا بأن يظهر حقيقته فبطش واعتقل ونكل بالناس . كل ذلك كان سببا في تعاطف باقي المدن مع الريف لتتسع رقعة الاحتجاجات التي ماكانت لتكون لو استجاب المسؤولون لمطالب الناس البسيطة ولكن أوَ أملك لهم إن كان الله عز وجل يدبر أمرا .

من طبائع الاستبداد العناد وهو ما يقصم ظهره . ترك احتجاجات الريف تنضج رويدا رويدا ويتعاطف معها الناس يوما بعد يوم  ويتعلمون منها .

حاول أن يلتف بالوعود الكاذبة لكن هيهات أن يصدقه الناس وهم الذين خبروا كذبه .

حاول أن يشوه صورة الاحتجاجات ويرميهم بتهم الخيانة والانفصال لكن هيهات في زمن الاعلاميات والانترنت والصورة وهيهات والشعب امتلك من الوعي ما عجز المخزن عن مسايرته وظل متشبثا بطرقه العتيقة .

حاول أن يقمع لكن هيهات مع من مرغوا وجه الاسبان في التراب .

راهن على الوقت عَلَّها تخور عزائمهم لكن هيهات فقد أضحت مع الوقت أشد إصرارا .

ثالثا : لَبِنَاتُ التغيير  :

إن تراكم أخطاء المستبدين وتراكم نضال المناضلين هو ما يصنع التغيير الطلوب . ولن يكون التغيير الحقيقي بضربة لازب ذاك وَهْم السذج قصيري النفس هابطي الهمة قليلي قراءة التاريخ وفهم الحاضر .

منذ " الاستقلال " والحكام يعدون الشعوب والإعلام الرسمي يبشر بعهد جديد يقطع مع الماضي فلا يلبث أن يصير أسوأ من سابقه ولا يكون الا الانتكاس والارتكاس . توالي الكذب أفقد كل ثقة فيهم . ومنذ " الاستقلال " والشعوب تناضل طلبا لحقوقها ثم ما تلبث أن تسكت تصديقا للوعود والتماسا لغير ذات الشوكة . لم تذهب النضالات سدى إنما هي لَبِنات في صرح التغيير الشامل . فكل لبنة تؤسس على سابقتها وكل مرحلة نضالية تستفيد من سابقتها وتستدرك عليها وتصحح أخطاءها . حتى إذا وصل طغيان المستبدين مداه ووصلوا إلى خط اللاعودة يوازي ذلك أن يصل وعي الشعب ونضاله مداه أتى أمر الله نصرا وفتحا مبينا

والحمد لله رب العالمين