في شهر رمضان , شهر العبادة والإيمان , والقبول والغفران , وقراءة القرآن , نسعى إلى كل ما فيه من الخير, طالبين من الله سبحانه أجره ورضوانه.

فأول من يطرأ على البال التصدق الأموال , فالصدقة تطفئ غضب الرب و تمحو الذنب , فنسرع بالريالات إلى الشاحذين عند الإشارات , ولا ندري ما مصير هذه الأموال المدفوعة التي تجمعها جماعات مجهولة مشبوهة ممنوعة , ومن يدري فربما تكون قيمة طلقة في رأس جندي مرابط , ندعو ليلا مع نهار وعند الإفطار الواحد القهار أن ينصره ويحميه على كل من يعاديه.

ونجمع من الثياب أوسخها و أنتنها وأقدمها و أعفنها , فهذا ثوب مخرّق وهذا فستان مشقق , نضعها في أكياس القمامة السوداء , و نوزعها على المحتاجين والفقراء , آملين أن تكون دفعة بلاء , و طالبين الأجر والثواب من رب الأرباب .

وما سبق أمثلة على التقرب إلى الله في شهر الخير وغيرها كثير , ناسين ومتناسين أو جاهلين ومتجاهلين يتما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة أو أسر ضعيفة فقيرة عفيفة يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف لا يسألون الناس أموالهم ولا يستعيرون ثيابهم , فهم أحق بالصدقة و أحوج للنفقة .

هناك بعض الأمور المهمة يجب على المتصدق مراعاتها قبل التصدق وهي النظر في أحوال البشر , حتى تذهب الصدقة إلى من هو أحق بها , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ) إن الصدقة على المسكين صدقة, وعلى ذي الرحم اثنتان : صدقة وصلة ). فلننظر أولا من هم ذوي قربة , فالأقربون أولى بالمعروف أو كما قال عليه أفضل الصلاة والتسليم .

و أن تكون طريقة الصدقة حسنة عند مستقبلها , قال سبحانه و تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ ... الآية )) . كمن يضع ملابسه في أكياس قمامته و كأنه يقول خذوا هذه ( الزبالة ) ولو أنه اشترى أكياس الهدايا و وضع فيها الملابس ثم وزعها لكانت سببا في  إسعادهم وجبر خواطرهم وذلك احتراما لمشاعرهم .

و أن نهتم في جودة الصدقة , فإن كانت كسوة  فنختار أوسط ما نكسي به أجسادنا , و إن كانت لقمة فنختار أوسط ما نطعم به أبنائنا , و من يريد أن ينال من البر الكمال ,  فليتصدق بأفضل ما عنده , قال تعالى : (( لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ )). .... تمت.