ﺃﻭﺩﱡ، ﺑــﺎﺩﺉَ ﺫﻱ ﺑــﺪﺀ ، ﺃﻥ أوضح ما يلي : عندما ننتقد هذه التظاهرات او تلك الاحتجاجات ؛ فهذا لا يعني اننا لا نؤمن بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير , او ندعو للدكتاتورية وقمع الحريات وتكميم الافواه وخنق الاصوات المطالبة بالإصلاحات السياسية او الاقتصادية او الخدمية , بقدر ما نحاول التفريق بين التظاهرات المتحضرة والاخرى الهمجية , والتفكيك بين الاحتجاجات المدنية السلمية والاخرى ذات الطابع المسلح او التي تتسم بالتخريب والارهاب والاضرار بالممتلكات الخاصة والعامة ؛ وعليه ليست كل التظاهرات نظيفة ولا كل الاحتجاجات نزيهة و وطنية ؛ وانتقادها لا يعني مباركة الفاسدين في دوائر الحكومة او غض الطرف عن فساد وفشل البعض .
كثيرة هي الاحداث المؤلمة والجرائم وحوادث الشغب والعنف والاضطرابات السياسية والدينية والعشائرية التي حدثت في الناصرية بعد سقوط الصنم عام 2003 , وكل التظاهرات والاحتجاجات التي اندلعت في الناصرية اتسمت بالعنف ومظاهر حرق واتلاف الممتلكات العامة , والتعدي على النظام العام ورجال الامن , والاستهانة بأرواح الناس .
من حق المتظاهرين والمواطنين في الناصرية وفي باقي المدن العراقية , المطالبة بالخدمات او الدعوة لمحاربة الفساد وتطهير دوائر الدولة من الفاسدين والبعثيين والطائفيين والعملاء والمخربين ؛ ولكن ليس من حقهم ان يكون كالدمى والعبيد بيد مرتزقة السفارات والمخابرات الاقليمية او اداة بيد الشيوخ الجهلة , او ان يكون كالامعات ينعقون مع كل ناعق من دون تحديد الغايات والاهداف والوسائل ... ؛ او ان يخربوا الممتلكات العامة ويعطلوا الحياة ويخلوا بالأمن والسلم ويعرقلوا اكمال المشاريع , اوان يخرجوا فجأة ومن دون مقدمات منطقية ؛ فان هذه التصرفات تشير الى امور مشبوهة وغير قانونية.
وتناهى الى سمعي ان جهاز الامن الوطني يعلم بالتحويلات المالية التي تأتي من الخارج لبعض الشيوخ في الناصرية , وذهاب هؤلاء بين الحين والاخر الى بعض الدول الاقليمية لأخذ التوجيهات والاوامر التي تضر بمصلحة العراق والاغلبية والامة العراقية , فضلا عن نفوذ العناصر البعثية وايتام صدام وجلاوزة النظام البائد وارتباطهم بالجهات الخارجية المعادية , مع وجود العديد من الحركات الدينية المشبوهة والتي تعمل بالخفاء وبالتنسيق مع شراذم البعث وعملاء السفارات والمخابرات , وقيل ان بعض الشيوخ والنواب في الناصرية وبالتعاون مع بعض المقاولين والتجار ورجال الاعمال وتجار المخدرات والممنوعات ؛ هم سبب الاضطرابات الاخيرة ؛ بالإضافة الى دور الفاسدين من المحسوبين على الحكومة المحلية , والذي شجع هذه الشلل والشراذم على احداث الشغب بين الحين والاخر ؛ عدم جدية الاجهزة الامنية وتراخي القوات الحكومية في مطاردتهم والقاء القبض عليهم , واخلاء المحافظة من الاسلحة , وتطهيرها من العصابات والمافيات والمرتزقة .
والناصرية اشبه بالقنبلة الموقوتة والتي تهدد الكل وبلا استثناء , فعلى الرغم من التعديلات الاخيرة في الناصرية والاصلاحات والعمل بالمشاريع المتلكئة والاخرى الجديدة , وتلبية بعض المطالب من قبل حكومة السوداني , قامت مجاميع شبابية ليلا وفي هذه الاجواء الرمضانية بالخروج الى الشوارع وحرق الاطارات والتعدي على السيارات الحكومية كالعادة , ومن دون سابق انذار او معرفة الاسباب او ابلاغ السلطات المحلية بالرغبة في التظاهر, وهذا الامر ان دل على شيء فإنما يدل على ان الامور مدبرة بليل , اذ وراء الاكمة ما وراءها , وهذه الاضطرابات المستمرة والتي تحدث فجأة وبسبب ومن دون سبب معقول ؛ دفعت بالكثير من ابناء الناصرية للسكن في المحافظات الاخرى , علما ان بعض التظاهرات والاضطرابات وراءها احزاب وجماعات محلية تتصارع فيما بينها من اجل الغنائم الحرام والمكاسب والاموال السحت .
ولابد للحكومة المركزية من السيطرة على الناصرية المختطفة من قبل الاعداء والجهلة وشلة الحرامية , واحتضان الشباب من خلال المشاريع التنموية , وازالة كل العوائق امام اكمال المشاريع وتطوير واقع المحافظة , ولعل من اهمها ما ذكرناه انفا , اذ ان هذه الشراذم يبدأ الخراب منها ويعود اليها ؛ واخر العلاج الكي كما قالت العرب , وعليه ينبغي على الحكومة من اعلان حالة الطوارئ في المحافظة والبدء بتطهيرها من السلاح والعصابات والفاسدين ؛ لتكون انموذجا يحتذى به , في تصحيح الاخطاء والبدء بالإنجازات وحماية المواطنين من عبث المجرمين والمخربين والجهلة والحمقى والمندسين .