Image title


لا شيء يشبه الفشل في الوصول إلى هدف حددناه مُسبقاً، فالفشل هُنا يُشبه الضربات المباشرة على الوجه، ولكنّها أقسى، لأنّها ضربات تُدمّر الروح، وتُدمّر الإرادة الصلبة التي بُنيت خلال سنين طويلة داخل الإنسان المُثابر، لا شيء يُمكنه إنقاذ إنسان يغرق في مُحيط الإخفاقات المُتتالية، فالإخفاق يجرّ الاخفاق مالم نتّخذ خُطوات حقيقيّة للتغير إلى الأفضل، إلى مكانٍ مورق، مُلوّن.

روبرت بنسكي شاعر وكاتب وناقد ومُعلّم، بدايته كانت مُختلفة عن الكثير من الكُتّاب، فتقديراته في المرحلة الثانوية لم تكن تزيد عن الضعيف، لم تكن لديه مُشكلة في القراءة أو الكتابة، وإنما كانت مشكلته مع المهام الموكلة إليه داخل المدرسة، وذات يوم أخبره مُعلّمه بأنّه سوف ينتهي به الأمر كمُشرّد في الطرقات، إلا أنّ روبرت أصرّ بشكل مجنون، وأعاد جدولة حياته، ليستفيد من كُل لحظة كانت تضيع منه، أصر على تقديم دليل ملموس لجميع من آمن بأنّ هذا الشاب سيكون في الشوارع بعد المرحلة الثانوية، فتمكن من الحصول على درجات تؤهله للدخول إلى جامعة روتجرز، وتحصّل على بكالوريوس الآداب، ثم انطلق وتحصّل على درجة الماجستير وبعدها قدّم رسالة الدكتوراه في جامعة ستانفورد، وطوال سنوات دراسته بقيت أعماله الأدبية لديه، لم يكن الناشرون يرغبون بنشر شيء له، لكنّه لم يقلع عن الكتابة، ولا تحوّل إلى مُتشرّد!. بل تحوّل إلى مُرشّح لجائزة بولترز في الشعر، وتحصّل على العديد من الجوائز وأهمّها لقب أمير الشعراء في الولايات المتحدة الأمريكية من عام 1997م إلى عام 2000م، وهوَ الآن يُدرّس في جامعة بوسطن مادة الكتابة الإبداعية.

لم يسمح هذا الشاب للفشل بالتوغّل إلى قلبه، بل حوّل هذه الطاقة الغضبية التي توّلدت لديه إلى طاقة مُنتجة مُبدعة، أحياناً يكون الغضب مُفيداً والرغبة بالانتقام – وفق ضوابط – رائعة (بالنسبة لي) فالانتقام عبر الانجاز مُثمر ويُخرس كُل من يتطاول على الإنسان بشكل ما، أحياناً عندما نُطارد حُلم من أحلامنا، نجد عقبات مُختلفة، إلا أنّها بالإصرار والمحاولة والتمرين المُستمر تتذلل، إلا شيء واحد .. النفس المُحَطَمة، هيَ بحاجة إلى الكثير من العمل، والكثير من التحفيز، والكثير من العمل لتصل إلى مرحلة البناء الخلّاق.

أن تُكسر الروح، أن نخسر الكثير.