أحبها..
نعم أحبها، هي لا تعلم مدى شعوري حين قررت الابتعاد لظروفها. كنت أعتقد أني السبب في بعدها. حزنت لفترة على حظي البائس. لم أكد أفرح بالحصول عليها حتى قررت الابتعاد. أصابني السهاد، حتى كدت أبدأ الحداد…
لها في قلبي مكان، فاق تعابير أوصاف الزمان، أعطت لقلبي كل حنان. كنت قبلها بحرًا من الحزن العميق. كنت أرى السعادة في وجوه الناس، فألبس قناع السعادة حتى أتوارى عن الأنظار، مللت الانتظار، أجلس تحت الجدار أتأمل حالي المسكين، وحيدٌ من سنين. بالرغم من كثرة الأصحاب، أو بالأصح أغراب، صرت وحيد. كل ما وجدت أصحابًا عاد الوضع من جديد. كثرت جهات الاتصال، وكثر منهم الاحتفال، نطلب مشاركتهم ولكن لا مجيب، هه، أمري عجيب، ما أكثر من يدعونني بالصديق، بالحبيب.
حتى الأقارب والأرحام، ذقت منهم المر والحام، ذقت العلقم السام، أراهم يتضاحكون مع بعضهم، لبعضهم، وكأنني دخيل عليهم. أراهم يتملصون مني حتى ضقت ذرعًا وتركتهم، هم أهلي وأصحابي، ولكن في قلوبهم شيءٌ آخر، قررت الابتعاد ولكن إلى أين.
وكنت ولا زلت مؤمنًا بأن الأمر كله خير، وأن كل هذا لخير سيحصل لي، ولكن كما قلت، طال الانتظار ومللت، حتى شككت. هل حقًا سينتهي هذا الحال، أم أن القدر قد خط الأمر وحال.
كم مرة جلست لوحدي وبكيت. تكابل الأمور غير معقول، لا أقولها استنكارًا للقدر ولكن ماذا أقول. صبرت وصبرت وصبرت حتى خارت القوى وتعبت. تغيرت وقلت: لعلها تصيب ولا تخيب ولكن ما صابت.
بعد طول انتظار عادت، وعاد فرحي معها. أفرحتني بإخباري بأني لست السبب. أعادت لي الأمل، وأزالت همًا على صدري كالجبل. أورقت أشجاري بقدومها، واخضرت جنتي بحضورها. أريدها وأستميت لرؤيتها. لرؤية بسمتها. عاد لي الأمل بأن الأبواب فُتحت أمامي، وما هي إلا مسألة أيام حتى أعود قبل أن أكون ذالك البحر. الحمد لك ربي على كل حال، استجبت دعاي بزوال همي. استجب دعاي بأن تجمعنا على حب وسلام ورضا.
أصبحت أرى الحياة بجمال ألوانها، وأشتم عبق روائحها. بدأت بودار أمنياتي بالظهور، اعتراني السرور والحبور. لعل باقي أحلامي تتحقق.
رسالة إلى كل عاشق، تمسك بحبك، فقد يعود إليك يوما، أو يأتيك ما ينسيك إياه ويحتل مكانه، أو على الأقل تعيش شعورًا لم يذقه الكثير، شعورًا من أجمل ما خُلق في الدنيا، فمن لم يذق طعم الحب لم يذق طعم الحياة، فقد قيل:
وَمَا ذَاقَ طَعْمَ الْعَيْشِ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ### حَبِيبٌ إِلَيْهِ يَطْمَئِنُّ وَيَسْكُنُ
وقد سُخر ممن لم يحب فقيل:
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ تَدْرِ مَا الْهَوَى ### فَقُمْ فَاعْتَلِفْ تِبْنًا فَأَنْتَ حِمَارُ