رحيم الخالدي
تعمل قنوات التلفيزيون في أوربا، سيما كندا التي تعتبر من دول أمريكا الشمالية فاقت باقي القنوات، التي تخترع بين الحين والآخر أسلوب جديد، لرسم الفرحة والسرور في نفوس مواطنيها، وتنوعت الفذلكة والنكتة لكل المشاهد والحالات، ومن يريد الإطلاع، اليوتيوب يعج بتلك المقاطع، ونتمنى أن نصل لتلك النفسية المرحة بتقبل النكتة والموقف المحرج أحياناً، لأننا تَغَذَيّنا طيلة سنوات حكم البعث حياة الحرب! التي لا زالت تعشعش في نفسية المواطن العراقي، وبقيت هذه الحالة لحد إنتهاء فترة حكم البعث،
دخلنا بنفق جديد تصاعدي أكبر من السابق، وصلنا حد عدم تقبلنا الموقف المضحك، فتحولنا لشعب محارب مُرغماً، وهذا لم يأت من فراغ! بل عملت عليه مخابرات دول، وصرنا نسايرها لنطبق نظرياتهم، من دون دراية وفطنة! وهذا الواقع المرير الذي نعيشه اليوم، بينما تعيش الدول التي فتحت أبواب الحرب لنا بالإنابة عنهم، إبتداءاً من حرب الخليج، الأمن والأمان الذي نفتقده، منذ تلك الأيام التي إعتلى صدام أول سلم في القيادة لجمهورية العراق الحربية، تحولنا من بلد يعشق العلم والأدب والفن، وكل مناحي الحياة الحرة الكريمة، الى أداة حربية بالأجرة، لدول الخليج التي لا تفقه أبجديات اللغة العربية .
ينتهي الموقف المضحك بإعلام الشخص الذي يتم إدخاله ضمن ذلك البرنامج وتنتهي بضحكةٍ ويتقبلها ذلك الشخص بكل رحابة صدر، المهم في الأمر أنه تم تعريفه بالبرنامج والكادر، سيما المصور والمخرج لذلك المقطع، الذي تم تصويره في الهواء الطلق، أو الأستوديو أو باقي الأماكن، التي يتم إختيارها بعناية فائقة، لكن الذي يجري في العراق، غير الموضوع الذي بدأت به هذا المقال، والذي سأشرحه من خلال الفقرات التالية، التي تفوح منه رائحة تزكم الأنوف، وتجزع منها النفوس، تصل حد يكره الانسان نفسه ويخرج عن طوره .
التفجيرات التي تحدث بين الحين والآخر، من جماعات تعتبر نفسها قيّمة على المواطن العراقي، فهي من جانب تحارب الدولة، وتريد تمرير رسالة، ومن جانب آخر تراها من خلال التحليل أنها جهة سياسية مشاركة بالعملية الديمقراطية، والذي يذهب ضحيتها المواطن العراقي البسيط! وبعد ذلك تظهر التصريحات الرنانة، في تشكيل فريق بالكشف عمّنْ وراء تلك العملية، وننتظر الكشف عن أؤلائك المجرمون، ومن هي المجموعة التي قامت بتلك العملية، ومؤكد أن الحكومة كشفت ملابسات الحادث، لكنها بقيت صامتة! إستحياء من الجهة التي نفذت تلك الهجمة الإجرامية، ومن المفروض الكشف لتنتهي القصة الدرامية التي إبتدأت .
الأموال التي تمت سرقتها بكل الوسائل والممكنات، خاصة السنوات التي تولت فيها دولة القانون الحكومة، فكانت كما وصفها بأنها إنفجارية! لكننا لم نستفد منها، بل ذهبت لتكون أرصدة في البنوك العالمية، ووعدنا السيّد الراحل أحمد الجلبي بكشف كل السرّاق، وإرجاع كل الأموال بالطرق الرسمية، والتي له فيها اليد الطولى، كما صرح بها عبر القنوات الفضائية، ونتفاجأ بخبر محزن حقاً بوفاة سريعة غير محسوبة التوقيت، وكان المعروف عن السيّد أحمد الجلبي يتمتع بصحة عالية، ويتبع نظام غذائي مدروس ومعد سلفاً، وليس من باب الإعتراض على حكمة الخالق في خلقه، ولكن تبقى هنالك خيوط عملت على التخلص منه بأي وسيلة كانت .
سقوط الموصل ومجزرة سبايكر، التي لم يفصح عن حجم الشهداء الحقيقي لحد الآن! يضاف له حجم الأراضي التي إحتلتها المجاميع الإرهابية لمحافظتي الانبار وصلاح الدين، حيث خرج على الملأ مسؤولون لوزارة الدفاع ورئاسة الوزراء، بعد إتضاح الصورة، أنهم قد شكلوا لجنة تقصي الحقائق! وبيان الجهة المقصرة، وسبب ترك الجيش والشرطة الإتحادية أماكنهم وأسلحتهم ومعداتهم، التي كلفت العراق مليارات الدولارات، لكن المنتج لاشيء! والأمر الآخر المثير أن مجلس النواب، إستضاف كل القادة الذين كانوا يمسكون زمام الأمور في الموصل، وباقي المناطق وحقق معهم، والمنتج أيضاً لاشيء يذكر، بينما اللجنة البرلمانية التي إستدعت اؤلئك، مطالبة ببيان يُقرأ على الملأ ويعرف ذلك القاصي والداني لنكون بالصورة .
ملفات كثيرة تقبع على رفوف ودواليب المحاكم، ولجان النزاهة! تريد من يفتحها وفضح الفاسدين، وإرجاع الأموال التي سُرِقَتْ في وضح النهار، بأساليب شيطانية وتحايل على القانون والدستور، وكلما إقترب شخص من فتح تلك الملفات، تحدث كارثة لتبدل الموقف! والإلتهاء بالأمر الثاني ليتم نسيان الأول وهكذا دواليك، موقف يحتاج لتبديل كل الكوادر، التي تتربع على كل من بيدهِ سلطة القرار، وهذا يحتاج الى تظافر كل الجهود الشريفة، التي تريد بناء عراق جديد، وبالطبع هذا لن يتحقق لانه تمنيات حالم، لو تم تطبيقه سيكون هنالك دماء، سيدفع ثمنها الفقراء، وسينجو منها السرّاق .