لم تتوقف الأنظمة الطائفية الهجينة ولاسيما القومية والبعثية عن تحقيق أسس سطوتها الغاشمة ومآربها السياسية المنكوسة ، من خلال الاستعانة بالأجهزة القمعية والمؤسسات العسكرية وخبرات ومساعدات الأجنبي والمرتزقة في مجالي القتل والتعذيب .
قد يبدو للقارئ المنصف والمستمع الواعي ؛ ان الحديث عن جرائم البعث ومجازر صدام بحق ابناء الاغلبية والامة العراقية وغيرهم , يشبه الحديث بمن يفسر الماء بالماء بعد بذل الجهد والعناء , فهو يندرج ضمن دائرة توضيح الواضحات او الاستدلال على صحة اليقينيات ... ؛ اذ ان القاصي والداني يعرف ان نظام البعث من اشرس الانظمة الدكتاتورية القمعية وان صداما من اعتى الطغاة والجلادين , والبعيد والقريب يعلم بأن العراق قد تحول في عهده الى ثكنة عسكرية خطيرة ومعتقل كبير رهيب , وبقعة سوداء ومنطقة حمراء موبوءة حتى النخاع بالقتل والتعذيب والبؤس والعذاب والجور والظلم .
فقد كتبت الاف الصفحات والمقالات ومئات الدراسات والابحاث , ورفعت الاف المستندات والوثائق التي تكشف جرائم البعث وتسلط الاضواء على مجازر صدام واجرام زبانيته الى المنظمات الانسانية والدولية , والقيت الاف المحاضرات واقيمت الاف الندوات لفضح وتعرية النظام , ولا زال الصندوق الاسود يطارد السفاح صدام وجلاوزته حتى بعد هلاكه , ففي كل يوم نكتشف جريمة ومقبرة جماعية جديدة , تضاف الى سجل البعث الدموي الاسود .
وبعد كل هذا السجل الاسود والحافل بالانتهاكات المسندة للنظام البعثي الصدامي الارهابي , يتحدث البعثيون والصداميون والطائفيون وبكل وقاحة وصلافة , ويطالبوننا بالأدلة على ما ارتكبوه والبراهين على ما اقترفوه , وينفون تورطهم ويدعون البراءة والوطنية ؛ بل ان البعض منهم وعلى طريقة ( اتغده بيه قبل لا يتعشه بيه ) رفع شعار المطالبة بحقوق الانسان وانخرط في منظمات المجتمع المدني ... ؛ ولبسوا ثياب الانسانية والرحمة كما لبس الذئب الغادر ثياب الحمل الوديع ؟! .
يبذلون الجهود الحثيثة هم و غلمانهم اللقطاء ؛ لتبييض صفحات غدرهم واجرامهم وارهابهم بحقنا وحق العراق العظيم ؛ وكأننا اموات لا نستطيع الرد والاعتراض , وكأن العراقيين الشهود نسوا العقود المظلمة الطويلة والسنوات العجاف وايام الجمر والنار , فهؤلاء الاوغاد طالما راهنوا على ذاكراتنا السمكية المخرومة , وطيبتنا التي تبلغ حد السذاجة والبلاهة احيانا , لذلك هم لا يستحون ولا يخجلون من العراقيين ولا تؤنبهم ضمائرهم الميتة عندما يطلبون من مقدم البرنامج الفلاني او المتحدث العراقي الاصيل عن ادلة تثبت تلوث يدي صدام الرحيم والعطوف الكريم بدماء المساكين و(المكاريد) والمواطنين العزل والعراقيين الاصلاء , او عندما يكذبون قصص العذاب والتعذيب التكريتية والصدامية وجرائم البعث التي اكتوى اغلب العراقيين ان لم نقل كلهم بها .
والذي ادهشني كثيرا وانا اتابع البرامج الاعلامية التي تعري البعث وتسلط الاضواء على جرائم صدام وعصابته , وتكشف العمليات الارهابية التي قام بها الطائفيون المنكوسون , مطالبة بعض ايتام البعث وازلام النظام وشراذم التكفيريين , ادلة تثبت تورطهم في عمليات القتل والتعذيب والاجرام والارهاب ؛ وليت شعري هل نحتاج لإدانة الذئب بقتل الشاة الى ادلة تثبت ذلك ؛والفتك بالغنم من اوضح لوازمه واشهر صفاته ؟!
البعثية والصدامية يطلبون منا المستحيل ؛ فهم يريدوننا ان نصدق بأن مئات المعتقلات والسجون الرهيبة والممتدة على طول خارطة البلاد , والارواح التي ازهقت فيها , والاعدامات الكبيرة والمستمرة , والمقابر الجماعية التي لا يعرف عددها واعداد ضحاياها الا الله والراسخون في الاجرام البعثي والارهاب الصدامي , وضرب المدن بالصواريخ والاسلحة الكيمياوية , وتجويع الشعب واذلاله , والتبرع بثروات العراق للغرباء , وتبديد خيرات البلاد على حروب الوكالة ومعارك النيابة عن الاخرين والتي اكلت الاخضر واليابس وراح ضحيتها الملايين من ابناء الاغلبية والامة العراقية , وقطع الالسنة والرؤوس والاذان وبتر الايدي والارجل , وارتكاب المجازر الارهابية والعمليات الاجرامية كجرائم ابادة الانتفاضة الخالدة عام 1991 او جريمة سبايكر وغيرها الكثير ... الخ ؛ وقعت من غير فاعل , وارتكبتها مخلوقات فضائية لا تمت للعراق بصلة ولا تربطها وشيجة ببني البشر ...!!