ربما كان عابراً، تابعا للقطيع، وانزلقت قدماه على صخرةٍ ملساء، المهم أنه لسبب ما سقط في الماء وجرفه التيار العاتي، وعبثا حاول التمسك والمقاومة. وبالطبع كان النهر يصبّ في شلال شاهق الارتفاع، فسقط صاحبنا من ذلك العلوّ فكان الارتطام عنيفا.
فتح عينيه فوجد نفسه في كهف خلف مياه الشلال، مُحاطا بأناسٍ علِم أنهم أنقذوه من الغرق واعتنوا به طول غيبوبته. استفسروه عن هويته فلم يحر جواباً. لقد فقد الذاكرة! ولما لم يكن ثمة سبيل لمعرفة انتماء هذا الغريب، قرر منقذوه أن يكملوا إحسانهم، فلعلّه يعينهم في حرب عدوّهم.
مرت الأيام، واندمج الغريق الناجي في وسطه الجديد، الذي سيماه الحياء؛ فاتخذ لباسهم ومارس شعائرهم، وعلّموه مهارات تنفعه. وصار يخرج معهم في رحلات القنص، ثم ضمّوه إلى الكتيبة التي كانت تُغِير على معاقل عدوّهم، فأبلى البلاء الحسن.
وكان مضيفوه -أهله الذين لا موئل له سواهم- قد أخبروه أن أعداءهم همج معتدون، لا يرعون حقاً ولا حُرمة، علاوة على كونهم متخففين من اللباس سائرَ أيامهم، وفظائع أخرى أصون السامعين عن ذكرها. فوقع صاحبنا في أسر هؤلاء.
وهنا توقفت الحكاية. ترى ما مصيره: هل سيبقى الأسير مع رعاع تقدّم وصفُهم؟ أم يخلّصه أولياؤه من حبسه؟ أم يستميله محتجزوه بإغراءات عندهم فينضم إليهم؟
للاستماع للقصة: https://www.youtube.com/watch?v=w55lQdgNdCU