الإرهاب من الحاجات اللي بيقف عندها علم النفس الشرعي و علم الإجرام و العقاب و علم الإجتماع و أفرع مختلفة من العلوم..

بس هنا نتكلم عنه من منطلق علم النفس الشرعي بالذات بما إني أحد دارسيه في الوقت الراهن...

علم النفس الشرعي هو العلم اللي بيقف على الحد الفاصل بين علم النفس و نظام العدالة.. و بيعني بنفسية المجرمين و الشهود و رجال العدالة، و ممكن يوصلك للمجرم من آثار جريمته.. أو يشاورلك عليه من تصرفاته..

إيه هي سيكولوجية الإرهابي..؟ ليه بيعمل كده؟ في نماذج لدا في العالم عبر التاريخ؟

انتهت لإيه ووصلت لفين؟

"الحسن بن الصباح".. اسم حفظه لنا التاريخ.. لرجل فارسي.. طامع في منصب.. تقرب من الخليفة الفاطمي "المستنصر بالله" أملاً في تولي وزارة مصر.. و بعدين حكم مصر كلها لاحقاً...

و كان "الحسن بن الصباح" شديد التطرف في تملق و نفاق المستنصر.. اللي كان سعيد باللي بيعمله الحسن بن الصباح.. و خاصة مع تقربه من ابنه ضعيف الشخصية "نزار"...

و تصور "الحسن" لو اغتال الخليفة.. يقدر بسهولة يدفع بـ"نزار المصطفى لدين الله" للحكم.. و بالتالي يحكم هو فعلياً.. مع ضعف شخصية "نزار"...

لكن الحسن بن الصباح اساء تقدير قوة منافسه ووزير مصر وقتها "بدر الدين الجمالي".. اللي عرفه من النظرة الأولى.. و راقبه في صمت.. و بعدين بدأ يتخذ ضده اجراءات حازمة..

و فوجيء "الحسن بن الصباح" بنفسه منفي لدمياط.. و ضاعت كل أحلامه في السلطة و الثراء و النفوذ..

و جن جنونه مع وفاة الخليفة "المستنصر".. خصوصا لما "بدر الدين الجمالي" سجن "نزار" و دفع بابن الخليفة "المستعلي بالله " إلي عرش مصر..

و كانت فرصة ذهبية للصبّاح.. اللي قرر يقوي شوكته عن طريق "مشروع الخلافة".. و يدخل للناس من مدخل بيحبوه و يرتاحوا له..

الدين...

زي أي مخبول عنده مشروع سياسي مش عارف ينفذه.. أو أطماع مش عارف يوصل لها..

قادة الحملات الصليبية..

حسن البنا..

شكري مصطفى..

رجب طيب اردوغان..

و غيرهم كتير.. استعملوا الدين مطية و عباءة.. توصلهم لغرض مخالف تماما للي بينادي بيه الدين...

فقادة الحملات الصليبية سفكوا دم البشر.. باسم المسيح اللي حرّم الدم.. و قال "احبوا أعدائكم"..

وجماعة الإخوان الإرهابية سفكوا الدم عشان كرسي الحكم في أكثر من سبع دول.. بينما الرسول الكريم صلي الله عليه و سلم قال عن ذلك الكرسي:

"إنا لا نعطي هذا من سأله و لا من حرص عليه".. و قبله قال ربنا سبحانه "من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا"...

الحكاية إذن مش حكاية دين و لا شرع و لا لهم علاقة بالله..

دا تطرف..

جنون..

نحطه بقى في مكانه الطبيعي..

تحت مجهر العلم..

علم النفس..

و زي ما سمعنا من قبل "لازم حازم".. بدأ "الحسن بن الصباح" يجوب الشوارع و يخطب في الناس.. عن الخليفة اللي ضيعوه.. و الخلافة اللي سقطت.. و غضب الرب على المصريين.. و إزاي إنه "لازم نزار"...

و زاد الطين بلة بعدها.. إن "نزار" مات في السجن.. فبدأ "الصبّاح" يتاجر بدمه.. و اعتبره شهيد مات عشان أراد إنفاذ كلمة الله في أرضه.. و تطبيق الشريعة.. عكس بدر الجمالي المنحل اللي عايز يمنع كلمة الله و بيحارب الإسلام و قرر يخرس المؤذنين على المآذن (و الكلام كان كله كذب طبعا)..

و تدريجيا بدأ مشروع "الحسن بن الصباح" ياخد شكل.. و بدأ يبقى له مريدين و أتباع.. و بدأت حركة اسمها "النزارية".. بقيادة "الحسن بن الصباح".. واحدة من أخطر الحركات المتطرفة في تاريخ الشرق وقتها...

كان صعب جدا تناقش حد من النزارية.. و كان رد النزاري انه يشتمك أو يعتدي عليك..

مستحيل يناقشك بالحجة و المنطق..

تطرف...

يا ترى بتشوف اشباه النزاريين دول على السوشيال ميديا؟ في الشغل؟ في الأسرة؟ بتحاول تناقشه بالمنطق فبيثور عليك و يشتمك؟

بتشوف إنك أحيانا مابتكلموش اصلا.. فبيشتمك؟

و لأن التطرف مبيلاقيش مهد إلا في عقل ضعيف.. فكان من نصائح "الصبّاح" لمساعديه نصيحتين أغرب من بعض..

"لا تختاروا الذكي"..

يعني عشان تنضم للنزارية أو أي حركة متطرفة.. لازم تكون حمار تماما..

مابتفهمش.. و بالتالي يبقى سهل يتغسل مخك و يتلعب بعقلك..

و النصيحة التانية كانت: "لا تتكلموا في بيت ينيره سراج في الليل"

البيت اللي فيه مشعل أو مصباح منوّر بالليل هو بيت طالب أو عالم أو باحث أو فقيه أو حد سهران بيقرأ و يدرس..

حد بيفهم يعني..

صاحب علم..

صاحب عقل..

و دا خطر كبير على الدعوة.. مش بس مش حينضم.. لأ.. دا ممكن يقنع اللي راحوا يجندوه بالعكس..

تعالى أوريك تشابه أكبر.. بين "النزارية" بتاعت الحسن بن الصباح.. و جماعة الإخوان الإرهابية.. و الجماعات اللي انشقت عنها...

تشابه مذهل.. مش حتصدقه إلا لما تقراه.. و دا نتكلم عنه لاحقا..

و لحديثنا بقية.. الجزء الثاني

كنا بدأنا نتكلم عن سيكولوجية الإرهابي.. و الكلام جرنا لبعض الحركات المتطرفة في التاريخ.. الكلام دا تلاقيه في أول مرجع لو حابب ترجع له...

بيبدأ "الحسن بن الصباح" يستقر مع أتباعه و دراويشه في قلعة مهجورة في إيران اسمها "قلعة ألموت Alamut Castle".. و تعني بالفارسية "عش النسر"..

بيهرب من مصر " الهادي بن نزار".. و بيحصّل "الحسن ابن الصباح" علي القلعة.. و بيستقبله الحسن و بيكرم وفادته.. و بيعلن للأتباع إن روح "نزار" تجسدت في ابنه "الهادي".. و بقى هو الإمام.. و الهادي فوضه في الحكم.. و بدء مشروع الخلافة...!

و المصيبة إن أتباع الصبّاح صدقوه...

خد بالك دا كلام مالوش أي مرجعية دينية و الإسلام مابيعترفش اصلا بتناسخ الأرواح..

مفيش أي منطق و لا عقل.. يقولوا إن روح الأب بتحل في الإبن و تطالب بالخلافة.. بس مع ذلك الأتباع صدقوا..

و دي سمة أخرى من البروفايل النفسي للمتطرف..

اللامنطق..

المتطرف مستعد يتقبل اي فكرة بيقولهاله "سيّده".. طالما بترعى الفكرة الأساسية في أعماقه

أي فكرة.. توضح له إن "صح" و لو لمرة واحدة في حياته...

لأن دي سمة أخرى من سمات المتطرف..

"الفشل"..

هو فشل في كل شيء حاول يعمله.. حتى لو بقى طبيب و مهندس...

هو مش فاهم اللي درسه.. و لا بارع فيه..

عشان كده ممكن تلاقي منهم ألف طبيب.. بس مستحيل تلاقي من الألف دول واحد "عالم".. و متلاقيهوش عارف تركيبات الأدوية اللي بيوصفها و لا الميكانزم اللي بتشتغل بيه..

ممكن تلاقي وسط المتطرفين مئات المهندسين.. بس مافيهمش مخترع واحد...

بتلاقي منهم طبيب بقى له بيمارس الطب من سنين.. و يطالب مريض قلب إنه يتوقف عن العلاج الدوائي و يشرب عرقسوس..

هو مش فاهم الدواء بيشتغل إزاي و لا يعرف حاجة عن العرقسوس..

هو سمع دا من "سيده".. قراه في كتاب كتبه "سيّده".. نقلا عن ناس من 1200 سنة..

و "السيد" دا بيبقي في الغالب شيخ أو فقيه.. لأن أسهل فكرة تدخل منها لعقل المتطرف الفارغ هي فكرة الدين..

أو ممكن بيبقي السيد دا "مرشد"..

و دا أول تشابه بين الإخوان و النزارية.. إن الجماعة كلها لها مرشد.. ومرشد المجموعة و سيدها "شخص واحد"..

مفيش "مجلس شورى" باعتبار إن أمرهم شوري بينهم.. و لا مجلس رئاسي و لا غيره..

مرشد واحد.. و مفيش أي رأي في الكون ينفع يخالفه..

تطرف..

تاني تشابه هي إن المرشد دا بيجمع أموال من اتباعه بشكل دوري.. على هيئة تبرعات أو زكاة أو غيره.. و بيكون نسبة ثابتة من دخلهم.. سواء كانو تجار أو عمال او غيره...

و بالنسبة لكل من الإخوان و النزارية.. الأموال دي بيتم تنميتها بسبيل واحد..

التجارة..

و بالنسبة للحسن بن الصباح كانت التجارة اللي اختارها مربحة للغاية..

الخمور و المخدرات.. و على وجه الخصوص "الحشيش"..

و بالرغم من حرمة الإثنين في الأديان السماوية.. بس النزارية تاجروا في الحشيش و صنعوا الخمور و باعوها.. باعتبار إن "الغاية تبرر الوسيلة"..

و دا مبدأ حتلاقيه في أي تنظيم متطرف..

زي الشباب اللي بيعملك صور فوتوشوب و يحاول يقدمهالك على انها حقيقة.. عشان تغير آراءك.. هو عارف إنه كذاب مزور..

بس"الغاية تبرر الوسيلة"..

و غايتهم دايما من الأزل هي الحكم..

الكرسي..

فقط..

و كلا من الإخوان و النزارية لهم هيكل تنظيمي...

هيكل الإخوان هو: محب.. مؤيد.. منتسب.. منتظم.. أخ..

و هيكل النزارية هو: محب.. مؤيد.. منتسب.. نظامي.. فارس..

لاحظت التشابه الغريب؟

و للإخوان جناح عسكري.. أسسه "عبد الرحمن السندي" سنة 1941 و سماه "كتائب المقاومة".. المرشد السابق عمر التلمساني قال عنه " "نشأ الجهاز لمقاومة الوجود الأجنبى ثم انحرف عن الطريق"...

أي فرع للإخوان في اي مكان في العالم.. له جناح مسلح..

زي حماس وفرعها كتائب القسام..

أما النزارية.. فكان جناحها المسلح اسمه "كتائب الفداوية"..

و بينما تواصلت الإخوان مع البريطانيين في عهد عبد الناصر.. وشفناهم في أيامنا دي في السفارات الأمريكية مرتدين العلم الأمريكي طرحة و كرافت.. تواصلت النزارية مع الصليبيين و المغول..

و بدأ "الحسن بن الصباح" يحصن قلعة ألموت.. و يعد كتائب الفداوية ، بتدريبات عسكرية شاقة.. لدفعهم في مهمات انتحارية..

إنك تدفع شخص إنه يقتل نفسه أو يفجر نفسه في أبرياء عن طيب خاطر.. دا مش شيء طبيعي.. و علم النفس بيقف عنده كتير..

بيسترسل لنا التاريخ في حكايته الغريبة.. و بيورينا نموذج و مثال.. إنه الوزير "نظام الملك" رسله إلي "الحسن بن الصباح" مجموعة من الرسل يطالبه بالتخلي عن القلعة و حل جماعته..

بيستمع "الحسن" للرسل.. و بعدين بيستدعي اثنين من الفداوية.. و بيقول لأحدهم:

"اذهب إلى أعلى ذلك البرج وألق بنفسك إلى الأرض"

بلا مناقشة.. بيرمي الفداوي نفسه.. وينتهى به الأمر جثة هامدة فوق الصخور..

و بعدين بيلتفت "الحسن بن الصباح" إلى الآخر و يقول له كلمة واحدة:

"اقتل نفسك"..

فبينتزع الفداوي خنجره و يطعن نفسه في قلبه مباشرة.. و يفارق الحياة..

ساعتها التفت "الصبّاح" لرسل "نظام الملك" و قال لهم:

"أبلغوا من أرسلكم أن عندي من هؤلاء عشرين ألفاً.. هذا مبلغ طاعتهم لي!"

السمع و الطاعة..

طاعة عمياء بلا تفكير.. أشبه ما تكون بعلاقة الكلب بسيّده...

كلب و سيد...

طيب إزاي؟

إيه تفسير العلم لأن شخص يقتل نفسه ببساطة كده لمجرد إيذاء الغير؟

دا نعرفه لاحقاً و يبقي لحديثنا بقية

الأجزاء الأولى من رحلتنا مع سيكولوجية الإرهابي و جماعة الإخوان و ذيولها زي داعش و النصرة.. و اصولها زي "الحشاشين".. موجودة في أول مرجع للي يحب يرجع لهم..

استتب الأمر "للحسن بن الصباح" في قلعة الموت اللي حولها لحصن رهيب.. و كان بيحميه حوالي 20 ألف من الفداوية..

زي ما قلنا عشان "الحسن بن الصباح" يضم اتباع.. أطلق المئات من معاونيه.. ينشروا دعوته و يستقطبوا ناس.. يكونوا أعضاء في تنظيمه..

و كانت أوامر "الصباح" صريحة..

ممنوع اي محاولة.. مجرد محاولة.. لتجنيد اي شخص ذكي..

ممنوع محاولة تجنيد أي شخص في بيته مصباح مشتعل بالليل..

أبو مصباح بالليل دا زي ما قلنا.. بيبقي طالب أو عالم أو فقيه أو باحث مجتهد ساهر بيقرا أو يتعلم.. و دا خطر عظيم على دعوة النزارية...

و كان "للصباح" في سبيل تجنيد الأعضاء الجدد خطة صارمة محكمة.. بتتبعها "النزارية" لتجنيد أي عضو جديد..

كانوا بيرتادوا المساجد و الأسواق.. و يتفحصوا الناس.. المرشح الي يحسوا إنه ينفع.. كانوا بيبدأوا يشتغلوا عليه..

الأول بيخضعوا المرشح دا لمراقبة دقيقة.. لازم يتأكدوا إنه غبي.. محدود الذكاء و المنطق و التفكير..

المرحلة دي كان اسمها "التفحص"..

ثاني حاجة بيعملوها.. كان اسمها "التأنيس".. بيبدأ يقرب من المرشح و يصاحبه و يتودد له.. و يعزمه على الغدا.. و يعزمه علي العشا و يدعوه لبيته.. و يهاديه..

باختصار.. بيخلي المرشح يأنس له و يرتاح له و يحبه...

ثالث مرحلة كان اسمها "الثورة"..

طالما انت ارتحت له.. يبدأ مبعوث "الصبّاح" يكلمك عن الظلم المستشري في البلاد.. و غياب المساواة.. و القمع.. و بعد الناس عن الدين.. و عن غياب الحرية و الحق و الإصلاح و العدل..

كلمات رنانة جميلة.. مش كده؟

رابع مرحلة كان اسمها "الإلتباس"..

بيبدأ اللي بيجندك يخبط عندك في كل المعلومات اللي عرفتها في حياتك.. مؤمن بأبطال معينين يطعن فيهم..

مؤمن بمباديء معينة.. يهدمها..

يضرب لك كل الثوابت اللي تعرفها أو عرفتها في حياتك كلها...

بيسبب لك حاجة بلبلة رهيبة هائلة.. معقول؟ معقول جيش الدولة دا حرامي؟ معقول سلطات الدولة مش صح؟ معقولة فكرة النظام غلط؟ و فكرة الدولة غلط؟

معقول الناس اللي بترتاد المساجد و البيع و الصلوات دي كافرة؟

دمرلك كل خلفيتك الثقافية و الدينية و الاجتماعية.. و ثقافتك و تراثك و عقلك..

طبعا مش سهل إنه يضرب الثوابت دي عند اي شخص عاقل.. عشان كده كانوا بيختاروا "الغبي"...

بعد ما تقع في الإلتباس و الارتباك دا بقي.. كان بيسيبك و يمشي...!

الخطوة دي اسمها "التهميش"..

بيسيبك خلاص و يبدأ يختفي لفترة.. و أنت من غير ما تشعر بقيت محتاج له زي ما المدمن محتاج جرعة المخدر.. بقيت مبلبل مشتت مرتبك.. و محتاج حد يرعاك و يفهمك.. يقف جنبك..

ومين أفضل من صديقك "النزاري" اللي بيعزمك و يعاملك زي أخوه ويدخلك بيته؟ اللي فتح عينك علي "الحقيقة".. و خلاك تشوف المصلين كفار.. و الصائمين العاكفين مرتدين؟؟

بعد ما تستوي تماما.. بيظهر في حياتك تاني.. و بيطبق عليك الجزء السادس من خطة التجنيد.. و كان اسمها غريب شوية..

"التدليس و التأسيس"..

بيبدأ يخدعك و يدلس عليك أكثر و أكثر.. لحد ما تصدقه.. و تكفر بنفسك ووطنك و أهلك و كل حياتك.. و تتملا جنبات عقلك بأفكار مغلوطة.. و معاني مرتبكة.. فتفهم الحرية خطأ و الدين خطأ.. و الحياة خطأ..و بعدين يبدأ يأسس للنزارية في عقلك.. و يرسي قواعدها.. و يكلمك عن الخلافة.. و عدل الخلافة.. ووجوب الجهاد ضد أهلك و ناسك..

"الصباح" كان عارف إنه كاذب مدلس.. و سمي الجزء دا من خطته "التدليس"..!!

بعد كده.. بتكون راسك اتملت بالخزعبلات.. و بقيت في أعماقك واحد من "النزارية".. بتحمل نفس افكارهم و معتقداتهم.. اللي "الحسن بن الصباح" أراد زرعها في عقولهم.. فبتيجي الخطوة الأخيرة..

"البيعة"..

بتتعرض على المرشد أو زي ما كان اسمه في نظام "النزارية":

"سيدنا"...

"الحسن بن الصباح" و تبايعه على السمع و الطاعة و الولاء..

و بدأ "الحسن بن الصباح" في دعوته يتخذ منحني جديد.. و يعلن نفسه "نبي" مرسل من رب العالمين.. و إنه يأتيه وحي بما يقول.. لدرجة إنه أحيانا كان بيعنون أوامرة و بياناته "هذه آيات من رب العالمين"...

بيفكرك دا ببيان "حسن البنا" السياسي اللي في الصورة دا.. اللي عنونه بنفسه "هذا بيان من رب العالمين"؟

و عشان يضمن طاعة فرق "النزارية" المطلقة.. عمل حاجتين..

عمل حديقة سرية بين جبلين شاهقين.. نصها تحت الأرض.. أرضها زرع و جدرانها رخام.. و فيها نوافير و عصافير و بجع.. و قنوات ملاها عسل و خمور.. و رصعها بجواهر و لآليء مزيفة.. وملاها جواري من الإيرانيات و الترك و المناطق اللي زي كازاخستان و الحتت دي..

و سماها "الفردوس"..

الجنة..

و كان "الصبّاح" عايز يقنع أتباعه اللي بيوديهم الحديقة دي إنهم راحوا الجنة فعلا على إيديه.. و بعدين رجعوا تاني..

و كان اللي بيروح بيرجع يحكي للباقين و هو مبهور متلاحق الأنفاس..

و طبعا مش أي حد يصدق حاجة زي دي.. حتى لو كان بهيم بيرعى على البرسيم من ساعة ما اتفطم.. فبدأ "الصبّاح" يغيب عقول أتباعه بالحشيش..

الحشيش اللي كان بيخلي اتباعه يدخنوه بكميات هائلة.. و الحشاش من دول يفوق يلاقي نفسه في "حديقة النزارية".. حواليه جواري و فواكه و طيور و أعناب و خمر.. و يشرب لحد ما ينبسط و يفقد وعيه.. و يصحى يلاقي نفسه في قلعة الموت..

و طبعا بما إنه كان في شبه غيبوبة.. فاللي بيتحكي له هو إنه "سيدنا الصبّاح وداك الجنة و رجعك تاني"...

و مع تأثير المخدرات و الخواء العقلي.. بيصدق..

بيصدق و يفقد قواه العقلية تدريجيا..

دا لأن كتر تعاطي الحشيش و الكحول بيسبب له نوع من الجنون.. زي "الجنون بسبب الكحول Alcohol Induced psychosis " و ممكن يصاب بالفصام لو عنده قابليه له.. أو تجيله هلاوس و ضلالات أو غيره.. و يتحول لمختل عقليا...

باختصار مابيبقاش شخص عاقل سويّ خلاص..

وبما إنه فقد عقله و فقد القدرة علي التفكير المنطقي.. بيفضل قاعد على نار مستني يرجع الجنة مرة تانية.. لدرجة إن كتير منهم بقوا يخروا ساجدين للصبّاح باعتباره "رب العالمين" نفسه.. مش نبي زي ما إدعى.. و يتوسلوا له يرجعهم الجنة..

عشان كده اعضاء النزارية في التاريخ اسمهم "الحشاشين".. لأنهم ارتكبوا معظمهم جرائمهم تحت تأثير الحشيش.. و دخلت كلمة "حشاشين assassin" اللغات المختلفة بمعني "قاتل" أو "سفاح"..

أما اللي كان بيفوق أو يبدأ في مناقشة اوامر "الصباح" أو مجادلته.. فدا له مصير واحد..

القتل..

وقتها كان في وزير للدولة اسمه "قوام الدين أبو علي الحسين بن العباس الطوسي" الملقب بـ"نظام المُلك".. أول من أنشأ المدارس النظامية.. و اتسمت على اسمه..

دا كان عدو "الصباح" اللدود.. اللي بيحارب دعوته.. و بيرسم الخطط لاجتياح قلعته..

و في 10 رمضان 485 هـ.. كان "نظام الملك" مسافر برا الدولة.. ووقف بعدما قطع مسافة بسيطة.. يصلي في مسجد..

و للأسف مكانش عارف إن في شخص متتبع موكبه..

و زي اغتيالات سياسية كتير في التاريخ.. اقترب منه شخص بسيط من العامة.. و هو بيحمل في إيده رقعة من الجلد على شكل رسالة.. بدا و كأنها عريضة تظلم..

و سمح "نظام الملك" للرجل - اللي كان في حقيقته أحد الفداوية- بالاقتراب.. و أول ما قرب منه سحب خنجر من ثيابه و نزل على "نظام الملك" طعناً.. قبل ما يفتك المصلين وحراس "نظام الملك" بالمعتدي..

بعد ما هدأت الأمور.. اتضح إن الورقة اللي شايلها القاتل كانت صك من "الحسن بن الصباح" بخط يده و ممهورة بتوقيعه و خاتمه.. بتمنح القاتل ملكية قصر في الجنة..

موضوع "الصك" دا حيلاقوه بعد كده مع اي حد من "النزارية" يقتلوه أو يقبضوا عليه..

موضوع مذهل.. مايصدقوش أي عاقل على الإطلاق.. أنت مين اصلا عشان تقول إني في الجنة أو النار؟

دا الصحابي الجليل "ابو بكر الصديق" نفسه.. قال إنه مايضمنش هو في الجنة و لا في النار.. لو واحدة من قدميه بالفعل جوا الجنة...

بس مع ذلك.. هو دا اللي بيحصل النهاردة بالضبط..

خطوات التجنيد بالحرف..

و بعدين وعد بالجنة.. بشرط تقتل دول..

او تلبس الحزام الناسف دا..

و تفجّر نفسك في الأبرياء..

ابو بكر مش ضامن الجنة.. و شيخك المخبول القاطن في الجبل وسط القوارض والصراصير ضمنهالك...!

نكتة..

و شوف بقى المفاجأة الحلوة.. "الحسن بن الصباح" كان بيتواصل باستمرار مع أوروبا.. و ينفذ لهم عمليات انتحارية جوا بلده وعمليات الإغتيال للشخصيات الوطنية مقابل المال.. و أحيانا كان بالاتفاق مع الأوروبيين نفسهم.. بيهاجم بعض قوافلهم و يقتل لهم شوية جنود.. عشان يضمن اعجاب العامة به..

بيفكرك الموضوع دا بجماعة إرهابية موجودة دلوقتي.. بتزعم الجهاد ضد الصهاينة.. و تروح ترتمي في أحضانهم و تتعالج عندهم؟

الإمام "محمد الغزالي" اكتشف بنفسه سيطرة أجهزة المخابرات الأمريكية و الإسرائيلية على "الإخوان" قبل ما ينشق عنها..

و قال في كتابه "من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي المعاصر"، دار الكتب الحديثة - صـ 264:

"لا أعرف بالضبط كيف استطاعت هذه الهيئات الكافرة بالإسلام أن تسيطر على جماعة كبيرة مثل الإخوان المسلمين على النحو التي فعلته، وربما كشف المستقبل أسرار هذه المأساة..."

المؤرخ البريطاني الهندي "سيد امير علي Syed Ameer Ali" في كتابه "مختصر تاريخ المسلمين".. بيقول لنا إن أوروبا اهتمت جدا بحركة الحشاشين.. و خصوصا إن تعاونهم كان مثمر.. فقرروا إنشاء حركات "شبيهة" لاحقا.. في الهند و الخليج العربي و إيران و مصر و اليمن.. لضمان استمراريتهم و سيطرتهم.. ووجود عملاء لهم داخل الدول دي من طراز خاص..

طراز قاتل.. مستتر بعباءة الدين.. يجذب ضعاف العقول بمفاهيم و معاني مغلوطة.. لكن جذابة براقة..

الثورة..

الحرية..

الإصلاح..

الخلافة...

"برنارد لويس" بالمناسبة.. اللي بينسب له مخطط تقسيم الشرق الأوسط.. كان كاتب كتاب اسمه "الحشاشون فرقة ثورية في تاريخ الإسلام The Assassins: A Radical Sect in Islam"..

"ثورية".. "إسلام".. "خلافة"

ناس ثوريين كويسين...

نسيب بقى حركة الحشاشين و قلعتهم.. اللي هولاكو حيكتسحها بعد كده و يجيب عاليها واطيها.. و يقتل كل من فيها.. زي ما قتل كل اللي تعاونوا معاه..

و بعدما شفنا تطابق "النزارية" المذهل مع الإخوان و الحركات المنبثقة عن الإخوان زي داعش و النصرة و غيرهم.. نشوف رأي علم النفس.. و ليه الناس دي بالعقليات الضحلة اللي بتدفع بيهم للمصير دا..

و دا يخلي للحديث بقية...

الجزء الثالث

و إحنا بنتدارس "سيكولوجية الإرهابي".. الأصدقاء زعلت من النهاية المبتورة لقصة "الحسن بن الصباح".. و قالوا لأ.. عايزين نعرف حصل ايه و نهايته كانت ايه.. و انتهت طائفة "النزارية" الحشاشين على إيه..

اللي حصل إن دعوة الحشاشين استمرت.. و انضم لها آلاف.. و كان من أساسيات الدعوة دي إنها بتشكك في كل الثوابت.. و تفسر كل المعارف و العلوم بمنظور ديني يناسبها..

و دا يعني إن عندهم اللي يناسب كل الأذواق..

عندهم اللي يخليك تحس إنهم جماعة جهادية بتكافح الأوروبيين الكفار..

عندهم اللي يرضيك لو بتحب قصص "الإعجاز القرآني"..

عندهم اللي يعجبك لو ضد العلم و شايف إن العلم هو العلم الديني فحسب..

حتنبسط أوي معاهم لو زير نساء و بتحب الخمور و المخدرات..

لو راجل صوفي زاهد حتنبسط..

كله موجود.. المهم تنضم للحشاشين..

الحشاشين اللي بقت فعليا في إيران وقتها "دولة" داخل الدولة.. ليها نظام حكمها و تسلسلها في الجماعة و جيشها الخاص..

لحسن الحظ إنه كان متصدر المشهد وقتها ناس زي الإمام "أبو حامد الغزالي".. فالإمام قعد و كتب كتاب بيفند فيه فلسفة "النزارية" و عقيدتها.. و سمّاه "المـُـنقذ من الضلال و الموصل إلي ذي العزة و الجلال"...

وصل الكتاب للحاكم وقتها.. و قراه.. فأمر بتعيين "أبو حامد الغزالي" استاذ للمدرسة النظامية في "نيسابور".. فراح "الغزالي" للمدرسة و أخد كتابه معاه و حطه من ضمن المنهج اللي بيدرسه للطلبة..

وبالحركة دي.. أصبح الفكر المضاد للنزارية بيدخل كل بيت..

مش كتير إنفصلوا عن النزارية بعد صدور "المنقذ من الضلال".. لكن أعداد المنضمين الجدد قلت بشكل ملحوظ.. و فضلت تقل أكتر و أكتر...

كان لازم "الحسن بن الصباح" يضمن استمرار النزارية بعد وفاته.. فلما أحس بقرب موته.. دخل لغرفة خاصة.. ليها ممر سري.. و هرب من الممر دا.. ودخل الأتباع، لقوه اختفى و ساب وراه جزمته.. و رسالة بتقول إنه بما إنه "رب".. فهو قرر يصعد للسماء.. على إن يتولى النزارية من بعده صديقه "بزرجميد"...

اختفى بعدها و يقال إنه مات سنة 518 هجرية بلا نسل و لا ولد.. لأنه كان قتل ولاده الاتنين في حياته.. و في ناس وقتها قالت بعد اختفاؤه.. من فرط شره و أذاه.. إنه كان الشيطان ذاته.. لعب لعبته و أسس أول جماعة إرهابية من نوعها.. و انصرف..

استمرت "النزارية" بعدها سنين.. و جالها ميت رئيس.. كلهم ما شاء الله برضه قالوا إحنا أنبياء و إحنا آلهة.. لحد ما هولاكو اقتحم القلعة و قتلهم جميعا..

خلصنا بقى خلاص من الحشاشين.. نشوف بقى ليه المتطرف في عصرنا دا بيتصرف كده..

إزاي بيقتل طفل؟؟

إزاي بينزل بقنبلة وسط ناس أبرياء ميعرفهاش.. و يسيبها و يمشي و هو عارف إنها حتسلب أرواح.. من غير ما يفكر في أي عواقب للي بيعمله؟

إزاي دمروا دول كاملة.. و كل ما تكلم حد فيهم تلاقيه غير مدرك عواقب أفعاله.. و بيقولك "دا ثمن الثورة".. و الكلام العبيط إياه؟

إزاي مفيش ذرة ضمير؟

من ضمن الأمراض العقلية اللي بيتمتع بيها المتطرف.. هو اضطراب اسمه "اضطراب الشخصية الحدية Borderline personality disorder"..

الاضطراب دا من أسبابه المهمة "التحرّش الجنسي في مرحلة الطفولة"..

يعني المتطرف دا بيبقي أحيان كتير جدا.. حد اعتدى عليه جنسيا و هو صغير...

وبيكبر بالعقدة دي..

فلو كان متطرف بعيد عن الدين.. تلاقيه قاعد يتكلم عن إن الحرية هي حرية القلع و الجنس و المخدرات.. و الفوضي و التخريب..

و لو متطرف بعباءة الدين.. تلاقي فكرة الجنة بالنسبة له بتتلخص في الجنس.. و إزاي لازم الست تتدارى كلها.. و إن اصبع منها ممكن يثيره.. و يعمل فتنة.. و إزاي لازم يقتل عشان يروح الجنة يمارس الجنس..

مندفع إندفاع عنيف.. لأن الإندفاع دا بيريحه من آلامه الانفعالية اللي عايش فيها طول الوقت...

مدرك إن سلوكه مدمر.. بس مش مهتم بعواقبه..

علشان كده هو مابيفكرش قبل ما يتصرف.. و لا يهتم بعواقب اللي بيعمله..

هو بيعمله و بس...

علشان ده بتلاقي نفسك بتكلم واحد منهم بهدوء و تناقشه بالعقل فيشتمك فجأة..

أو حتى يشتمك من غير ما تكلمه..

هو مايعرفكش.. و مايعرفش عواقب اللي بيعمله..

و دايما حالته النفسية بتتأرجح.. زي البحر.. ثورة عارمة.. أو هدوء مفاجيء..

تدين وورع.. و فجأة يخوض في الأعراض..

الأكثر تطورا منهم بيشيل سلاح.. و يهجم على حافلة.. فيها نساء و أطفال.. و يقتلهم و يمشي..

و بعدما ما يعمل اللي عمله.. بدون ذرة قلق واحدة.. يبدأ بعد شوية يشعر بالندم..

و شعوره بالندم بيزود آلامه الإنفعالية.. فيندفع على طول يعمل مصيبة تانية.. و هكذا..

لحد ما يبقي في النهاية عايش في دايرة مفرغة.. آلام نفسية.. يندفع في فعل إجرامي عشان يتخلص منها.. فتزيد آلامه النفسية.. فيعمل فعل تاني.. الخ..

مع مرور الوقت بتبقى جرايمه رد فعل آلي تجاه أي ألم إنفعالي..

لحد ما بيوصل للمرحلة الأخيرة..

الانتحار..

خد بالك إحنا بنتكلم هنا عن المتطرف مش "اللي مشغله".. اللي مشغله دا بيبقى واعي ذكي.. ومدرك المراحل دي كويس أوي.. و منتظر المرحلة الأخيرة بفارغ الصبر..

مرحلة الإنتحار..

ساعتها بيلتقطه.. و يوعده بالجنة.. و يلبسه الحزام الناسف.. و يبعته يحقق أهدافه..

و المصاب باضطراب الشخصية الحدي في المرحلة دي بيبقي مرتاح جدا..

هو مش مدرك عواقب اللي بيعمله زي ما قلنا.. و بيرتاح من آلامه النفسية الرهيبة المستمرة..

دا أحيانا بيبقي مش مدرك إنه اللي بيعمله دا انتحار..!!

متخيل؟

هو أصلا معندوش نيّة للانتحار.. هو رايح ينسف نفسه.. باندفاعه المرضي المعهود.. بدون أي تفكير في العواقب.. و متصور إنه رايح للجنة لحظيا...

و لو جبت أي شخص سوي و قلتله "فجر نفسك".. حيرفض..

جرب تجيب قط صغير.. و تحاول تدفعه لأنه يلمس شعلة نار..

حيرفض و يمتنع..

دا لأن البقاء غريزة ربنا سبحانه و تعالى وضعها في أعماق كل المخلوقات سليمة النفس..

لكن مش المتطرف.. باضطرابه و مرضه النفسي..

و دايما العيال المتطرفة دي تلاقي شخصيتها بتتسم بحاجتين..

الغضب والقلق..

وأحياناً الاكتئاب والقلق...

على طول غاضب و بيشتم و يقل أدبه.. و متوتر طول الوقت..

يا إما متوتر ومكتئب مش شايف أي حاجة جميلة.. حتى لو طفلة بتترك العشوائيات إلي سكن آدمي.. حتى لو شاف سنابل قمح ذهبية بتلمع في أشعة الشمس..

منظر يبهج أي إنسان سوي طبيعي..

إلا هو..

على طول بيشع سواد و كآبة و حقد و كراهية...

و المصاب بالاضطراب دا حاسس دايما إن المجتمع بينبذه.. و بيرفضه.. فبيتصرف بشكل عدائي مع المجتمع.. فبيبنذه بجد و يرفضه أكتر.. فيشعر بالتوتر والكراهية أكتر و أكتر..

و يرفع السلاح على المجتمع..

و السلاح قد يكون بمعناه الحقيقي.. أو يكون مجازي.. زي الكلمة..

و الشخص دا دايما مايعرفش يعمل علاقة رومانسية سوية..

مابيعرفش يحب.. و لو دخل في علاقة رومانسية معاك تلاقيه طوال الوقت بيلومك و ينتقدك.. كأنك قاعد مع مراقب بيصطاد لك الأخطاء..

و لما بيفشل في علاقته بيقلب كراهيته على المجتمع كله..

زي "سيد قطب".. اللي فشل في علاقة عاطفية.. فكتب يكفر و يستحل دم المجتمع بالكامل "و لو صام و صلى و حج بيت الله الحرام".. زي ما قال بنفسه في كتابه "معالم على الطريق"..

تفكيرنا العادي فيه مناطق كتير.. و مناطق وسط.. "دي حلوة بس ممكن تكون أحسن"..

"أنت وطني بس حتنتخب مرشح غير مرشحي"..

"انا بحب الحلويات و الحوادق"..

"انت جريء.. بس مش متهور"..

"انا بحبك بس زعلان منك"..

عادي..

أما المتطرف المصاب باضطراب الشخصية الحدي.. فهو معندوش الوسطية و التفكير المنطقي دا..

دايما تلاقيه و هو بيكلمك في أي مناقشة عادية.. يصنفك لحاجة من اتنين..

أبيض أو أسود..

أنت معايا يا إما فلول.. أنت معايا يا إما لجنة.. أنت معايا يا إما كافر.. أنت معايا يا إما بتتفرج علي موسي و عكاشة..

أنت بتحبني أو بتكرهني..

معندوش وسط في أي شيء.. تطرف عنيف..

يا أبيض يا أسود..

و دا في علم النفس الشرعي اسمه "الانفصام Splitting"...

و المتطرف دا فيه سمة أخري..

دايما لو لقاك ناجح في شيء يهاجمك..

لو عملت أي انجاز يحاول يهدمه..

يحاول يشوه أي شيء..

و الشخص دا دايما عنده مشكلة في تكوين صورة واضحة عن شخصيته و هويته هو نفسه...!

مرة يقولك مصر حلوة.. و مصر الثورة.. و مرة يقولك "ماسر".. و مرة "مصر مش مهمة" و مرة "تحرير العالم يبدأ من مصر".. و مرة يقولك أنا وطني هو الثورة.. لأ وطني هو الجماعة.. لأ مفيش وطن أساسا.. لأ وطني هو ديني.. إلي آخره..

هو مش عارف هو مين ووطنه فين و عايز إيه..

هو بس عايز خراب.. اندفاع.. دمار..

زي شباب حزب الدستور و مؤيدي البرادعي اللي راحوا داعش.. و الناس ذهلت.. إزاي من النقيض للنقيض؟ من المناداة بالحرية و بالعلمانية.. للإرهاب؟

دا الطبيعي إنه يحدث.. لأنه مش عارف "هو مين"..

بلا هوية...

لأنه أصلا حتى في دعوته للحرية كان متطرف.. و حولها لدمار و سباب و فوضى..

تماما زي الشاب "إسلام يكن".. اللي مكانش عارف هو بطل رياضي.. و للا شاب حالم رومانسي.. و للا ثائر مع الحرية.. و للا إرهابي..

و في النهاية انتقل إلي سوريا مع جماعة إرهابية.. حيث اللي صنع الجماعات الإرهابية دي بيقدمله "كل دول مع بعض".. و اللي انت عايزه موجود..

إرهاب تلاقي.. ثوار تلاقي.. جيش؟ تعالى احنا اسمنا "جيش حر".. مغامرة موجودة.. جنس في.. مخدرات في.. فلوس حنديلك.. عبادة و جنة عندنا..

اللي انت عايزه.. بس تعالى...

نفس أسلوب الحشاشين..

بس مفيش "أبو حامد الغزالي" خلاص..

طيب هل الإعتداء الجنسي في الطفولة هو السبب الوحيد اللي في ماضي المتطرفين دول؟

لأ في أسباب تانية كتير.. نركز فيها على الي بيقوله علم النفس الشرعي عن "التجارب السيّئة في مرحلة الطفولة"...

د. علاء حموده