"ما هى الأحلام التى تريد أن تحققها فى المستقبل؟".. حين كنا صغاراً كان هذا السؤال من أبسط الأسئلة التى تسأل لنا، كنا سعداء عندما يسألنا أحد هذا السؤال و كانت إجاباتنا لا حصر لها، الآن لو نظرنا إلى تلك الأحلام التى حلمنا بها حين كنا صغاراً سنجد أن القليل منا فقط من حققها، وأن هذا السؤال لم يعد سهلاً وبسيطاً، بل تحول ليصبح من أكثر الأسئلة تعقيداً كذاك السؤال الذي يُوضع في نهاية أي إختبار ليحله الطلاب المتميزون فقط.

كل واحد منا فى هذه الحياة يمتلك حلم أو غاية تأخذ من روحه وعمره الكثير إما أن تهبه للحياة أملاً وحافزاً أو تلعنه يأساً وتشاؤماً، هذا معتمدٌ عليك أنت فالناس تنقسم هنا إلى فريقين، الأول شخص قد لا ينام مرتاح البال وربما يسهر لساعات طويلة على سريره مستلقياً على ظهره فاتحاً عينيه يفكر كيف يسعى إلى تحقيق غايته، والثاني شخص يجلس ويسأل نفسه هل تستحق هذه الغاية أن أبذل كل هذا العناء لتحقيقها؟ وماذا إذا لم تتحقق بعد كل هذا العناء الذى سأبذله؟.. فى الحقيقة يا صديقى إذا كنت هذا الشخص من الفريق الثاني فانك لن تصل إلى شئ فى حياتك فالحياة لا تمنح شيئاً للجبناء سوى أن تقتلهم قهراً ببطئ، أمر طبيعى أن يخاف الإنسان من أن يسعى عبثاً دون أن يحقق شئ، لكن إياك أن تحول هذا الخوف لسور يحول بينك وبين أحلامك، بل عليك أن تستغله بشكل إيجابى، أولاً اجعله حافزاً للنجاح كأنك غريق فى بحر وتبحث عن النجاة، ستظل تسبح وتسبح دون توقف حتى تصل إلى الشاطئ خوفاً من الغرق، قد تكون لا تجيد السباحة بشكل كاف وربما لا تقدر على السباحة لمسافات طويلة، لكن الخوف من الغرق يجعلك تحاول و تسعى أن تفعل أي شئ للنجاة، ثانياً اعلم يقيناً فى قلبك أن الله لن يجعلك تصل إلى شئ ليس فيه خيراً لك وربما كانت الحكمة من السعي لهذا الشئ أن يهيئك و يعلمك الصبر والعزيمة والارادة لتسعى لشئ أسمى وأفضل فيه الخير لك، أو ربما يكمن الخير كله فى السعي لا فى الوصول.

ولو أننا بحثنا فى التاريخ خلف كل هؤلاء الذين وصلوا إلى مرادهم وحققوا أحلامهم وتحدثنا عنهم لن تكفينا أياماً لسرد تجاربهم وقصصهم، لكن يكفينا أن نعلم أنهم لم يصلوا بسهولة إلى ما حققوه، بل سقطوا ألاف المرات وإنحت ظهورهم حتى الوصول دون أن يصيبهم اليأس، لأنهم جعلوا من غايتهم وسيلة للحياة، استعانوا بالصبر زاداً يعينهم على مشقة السعي، وضعوا نشوة النجاح نصب أعينهم بوصلةً للطريق حتى لا يضلوه، آمنوا بتلك المقولة التى تقول "لن تدرك الراحة إلا بالتعب فإذا دعتك حلاوة الراحة تذكر مرارة الفشل". أنت لا تنقص شيئاً عنهم بل قد تكون ظروفهم أصعب منك وأكثر تعقيداً وتعجيزاً، الفرق فقط أنهم قاتلوا فى معركة بين اليأس والأمل فتسلحوا بإيمانهم بأنفسهم فانتصروا، فقاتل أنت أيضاً مثلهم من أجل غايتك، ستتعثر لكن إياك أن تتوقف انهض وأزِل غبار اليأس من عليك ولملم ما سقط من أملك ثم ابتسم وضع يدك فى جيبك وسر واثق الخطى مكملاً طريقك لتصل.

واستعن فى طريقك بهؤلاء الذين يمنحون الأمل سواء كان بالكلمة أو بالفعل لمن يعرفوهم أو لا يعرفوهم، هؤلاء الذين ‏لا تغفل أعينهم عند سقوطنا ليمدونا بالأمل رغم خيباتنا المتكررة، هؤلاء الذين يشدون بأزرنا رغم فشلنا المستمر ليمدونا بالقوة التى تعيننا لنكمل الطريق دون مقابل، هؤلاء الذين نجدهم دائماً بجانبنا عند حاجتنا لهم دون أن نطلب منهم ذلك وكأنهم ملائكة من البشر وضعهم الله بيننا فى الأرض ليعينونا على عمارها، هؤلاء بدونهم لما وصل كل حالمٍ إلي حلمه ولا كل مُمٓكِن إلى تمكينه ولا كل ناجح إلى نجاحه، بدونهم لن تكتمل الرحلة وبوجودهم تتحقق الغاية.

واحذر يا صديقي فى طريقك من هؤلاء المحاربين للنجاح الكافرين بالآمال، سيشتتونك ويجعلونك تضل الطريق ليس لأنهم يريدون ما تسعى إليه بل لأنهم لا يريدونك أن تنجح، يريدونك أن تكون مثلهم متشائماً يائساً كسولاً وفاشلاً لا تحقق أي شئ فى حياتك، هؤلاء يعيشون بدون حياه، سرق اليأس منهم كثيراً من ملامح عمرهم، تجدهم فى عمر الشباب ولكن جسدهم منهك، شعرهم به خصل بيضاء، تملأ التجاعيد وجوههم حتى إذا ابتسم أحدهم وتوقف عن التبسم لا تختفى تلك الخطوط التى ترسم على خديه، وكأنها علامةً لتخبر الجميع بأن اليأس مر من هنا، هؤلاء سيلتفون حولك كلما سقطت ليحبطوك وينذروك من صعوبة ما هو قادم، فاخلق من سقوطك هذا إيماناً يطفأ أصواتهم المزعجة الساذجة، سر بخطوات ثابتة نحو غايتك، خطوات قوية يُصنع من صداها سجناً يكون محكم الإغلاق على ظنونهم كلما ظنوا بأنك يأست ولن تكمل الطريق، اعبث بكل تلك الثوابت والقواعد التى أخبروك يوماً بأنها لن تتكسر و لن تتغير أبداً، اصنع لنفسك طريقك الخاص وضع أنت قواعده واجعل الجميع يسير عليها، أخبرهم أن حلمك هذا ما هو إلا صفحة من كتاب أعددته يحتوى على ألاف الصفحات مكتوب على غلافه بخطٍ كبير "الأحلام لم تخلق ليحققها اليائسين".