لما كنت في السنة الأولى في الجامعة حدثنا أستاذنا عن تجربة خاطئة وقع فيها في مرحلة سابقة.
قبل أن يدرسنا بعشر سنوات؛ كان أستاذنا من كبار المدراء التنفيذيين في شركة سيارز اند رويبك Sears, Roebuck & Company المالكة لسلسلة من الأسواق الضخمة، كانت الشركة تعد لحملة إعلانية كبيرة وتستعد أيضا لإطلاق علامة تجارية جديدة، وكان أستاذنا هو المسؤول عن هذه الحملة.
من قبل شهرين من موعد الإطلاق، كان يطوف البلد شمالا وجنوبا للاجتماع مع الشركاء والوكالات والشركات الإعلانية من أجل التحضير للحملة الإعلانية وإطلاق المنتج الجديد.
وكان أيضا أثناء سفره وتنقله مستمرا في إدارة العمليات اليومية للقسم الذي يشرف عليه، ظل على هذا النحو لمدة أسابيع، يقابل الشركاء والوكالات ويرد على المكالمات والبريد الإلكتروني، وفي هذه الفترة ونتيجة لضغط العمل أصبح لا ينام إلا بحدود 3-4 ساعات يوميا.
قبل أسبوع من حفل التدشين، لم يستطع جسمه التحمل أكثر، نُقل إلى المستشفى جرّاء الجهد والضغط البدني الذي تعرض له، مكث في المستشفى 8 أيام، ونتيجة لذلك لم يستطع حضور الحفل.
إناء الصحة والطاقة:
تخيل معي أن صحتك وطاقتك عبارة عن إناء ماء كبير، ويوما عن يوم هناك أشياء تملأ هذا الإناء، (مدخلات) مثل: النوم، والأكل، والضحك. وكل الأشياء التي تعينك على الاسترخاء.
أيضا هناك أشياء تستهلك الماء الموجود في الإناء، مثل التمارين، والعمل والدراسة، والقلق، وضغوط الحياة المختلفة.
ليس بالضرورة أن تكون كل الأشياء التي تستنزف إناءك أشياء سلبية على حياتك، بل قد تكون هي وسيلتك لتعيش حياة منتجة؛ لذلك مهم أن يكون لديك أشياء تستهلك إناءك، أداء التمارين بتفان، والدراسة، والعمل. وحتى تكون فعالا ومنجزا ولتتمكن من إنجاز شيء له قيمة، يجب أن تستهلك هذه الأشياء جزءا من طاقتك.
لأن المخرجات أو ما يستهلك إناءك يعتبر تراكميا، فحتى التسريب البسيط في إنائك ربما يقود إلى خسارة كمية كبيرة من الماء.
نظرية الضغوط التراكمية:
اعتدتُ على ممارسة رياضة حمل الأثقال ثلاث مرات في الأسبوع، ولفترة طويلة كنت أعتقد أنه يجب علي أن أمارسها لأربع مرات في الأسبوع، وفي كل مرة أحاول زيادة العدد أستمر فقط لأسابيع قليلة ثم بعد ذلك أصاب بالإنهاك أو أتعرض لإصابة خفيفة.
أحبطني هذا الموضوع، لماذا لا أستطيع مقاومة زيادة التمارين إلا لفترة محدودة (4 أو 5 أسابيع)؟
لاحقا، بدأت أدرك نظرية الضغوط التراكمية، اقتنعت أن 3 مرات من ممارسة رياضة الأثقال أسبوعيا هو المعدل الذي أستطيع المحافظة عليه، لذا عندما أحاول إضافة يوما رابعا، يبدأ الضغط يزداد ثم يتراكم، وفي لحظة فاصلة، يصل الجهد والإعياء إلى حد كبير مما يعرضني للإنهاك وربما الإصابة.
وفي الحالات الشديدة؛ نفس حالة أستاذي ربما تصبح الضغوط ككرة ثلج وتكبر يوما بعد يوم حتى تحطم ما تبقى من حياتك.
إذا كنت تريد أن تحافظ على إنائك ممتلئا، لديك خياران:
- ببساطة أعد تعبأته باستمرار، اضحك، تناول طعاما لذيذا، وخذ حقك من النوم، ولا تنس أن تخصص جزء من وقتك للاسترخاء.
- اجعل الضغوطات في حياتك تستهلك من إنائك. لكن عندما يفرغ دلوك سيجبرك جسمك على ملئه مرة أخرى إما بتعرضك لإصابة أو مرض، مثل ما حدث بالضبط مع أستاذي.
كلما زاد الضغط في حياتك، أعط نفسك فسحة أكبر من الاسترخاء. لماذا؟ لأن هذا الوقت سيأخذه جسمك منك رغما عنك، إما بالتعب والإعياء والمرض، وإما بالراحة والاسترخاء والمتعة.
لذا حافظ على إنائك ممتلئا.
هذه المقالة ترجمة بتصرف لمقال للكاتب جيمس كلير .. المقالة الأصلية