لا يوجد اخطر من رجل عاش  ويعيش بلا هوية او بهوية هلامية فضفاضة ؛ فمثل هكذا رجل مؤهل لان يكون العوبة بيد كل من هب ودب , وصدق من قال : من لا مشروع له اصبح مشروعا للآخرين ؛ ولو رجعت بذاكراتك الى الوراء , واسترجعت شريط حياتك ؛ لوجدت ان اغلب الحقراء والاذلاء والانذال  والعملاء والمرتزقة والانانيين والمنافقين واصحاب الجلود المتبدلة والوجوه المتعددة ... الخ ؛ من الذين شاهدتهم او سمعت او قرأت عنهم ؛ من هذا الصنف اللامنتمي لأية عقيدة او عرق او قومية او طائفة او مكون او مبدأ وطني او انساني ... الخ . 

وفي احد الايام سألت احد المختصين في علم النفس والاجتماع ؛ عن السبب وراء وصف الشعب الفلاني بالحقارة وعدم تقبل اغلب العرب لهم ؛ فأجابني : ان الشتات والتشرد في الاصقاع البعيدة والعيش في المهجر وتركهم لديارهم  الحقيقية وعدم قبول الاخرين لهم , وحرمانهم من الجنسية  ... الخ ؛ ولد عندهم شعور بالضياع والتشرذم وحرمهم من الهوية التي تميزهم عن الاخرين ؛ فكانت ردة افعالهم تجاه المجتمعات والاخرين سلبية وتعكس هذه المشاعر التي ولدت معهم .  

والذي يعيش بلا هوية او بنصف هوية كالذي يقف عند مفترق الطرق , او كالذي يبحر في المحيطات الكبيرة  من دون بوصلة  او وجهة محددة , ومثل هكذا شخص يبقى  متحيرا متذبذبا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ... ؛ و عنده كل الرياح سواء , وقد يكون مصداقا للمثل الشعبي العراقي : ((   الياخذ امي يصير عمي )) .

وهوية (س) تختلف عن هوية (ص) اذ لكل هوية خصائص وسمات تميزها عن الاخرى , فهوية الفرد تعبر عن انتماءه ولغته وعرقه ودينه وثقافته وعقيدته السياسية  ... الخ , نعم قد تتبدل او تتغير  هويته احيانا  تبعًا لتطور تجربته وتغير أفكاره بصورة جزئية ؛ ومع ذلك قد ينظر الاخر الى هذه التغيرات من منظار اخر , اذ يبقى يتعامل مع الشخص المعين وفقا لثوابت هويته العرقية او القومية او اصوله الدينية السابقة  ؛ ولا يأبه بهذه التغييرات التي طالت هوية الشخص المختلف معه ؛ وطالما شاهدنا في الحروب الاهلية والمعارك الدينية ان العدو القاتل والاخر المختلف قد يقتل حتى ابناء المكون المتواطئين معه او الذين يؤمنون بأفكاره .  

بعض الاغبياء عندما يشارك الاعداء في معاولهم الهدامة ومخططاتهم الخبيثة التي تستهدف ابناء شعبه ومكونه وبني قومه ؛ يظن انه في مأمن من شرهم , ولا يعلم هذا الاحمق انه مجرد اداة بيد الاعداء سرعان ما  يتم التخلص منه  , اذ بمجرد انتهاء وظيفته في القضاء على اهله وشعبه , يتم رميه في اقرب قمامة  , فهو مجرد خائن ذليل او احمق لا يميز بين الاعداء والاصدقاء في نظرهم , ومن يغدر اهله لا يثق الاخرون به , وهؤلاء الحمقى يخربون ديارهم بأيديهم وايدي خصومهم ...!! .