قاطع الهلالُ صمت ذكريات طلال.- النية النية يا طلال ، اختم شهر شعبان بنية

- طلال: النية !- نيتي هذا الشهر أن أكون كبلال لا يكادُ يتأخر عن فرض ، - أطرقَ إلى الأرض ثم تابع قائلاً بصمتٍ متألم - كنَّا نسخر منه في صبانا ، المطوع راح المطوع جاء المطوع قال المطوع و نضحك هههه. ثم صمت .. تابع بنبرةٍ فيها شجن ، لكنه لم يكن إلا شخصاً حافظ على فروضه بين ( قروب الربع ) !

- هذه سجيةٌ حسنة إنها الحرص على أداء الفروض .

- أذكر أن رمضان الماضي و الذي قبلهُ كان صيت جمال يتردد كصدى بين أهل الفريج! بابه مفتوح و يده من العطايا لا تكل ،رغم أنه كان يوما ما يستدين كي يسد رمق عياله !

- الكرمُ سجية من سجايا الرحمن وهبها الله له .

- جلال أفندي غاب عنا أربع سنوات مسافراً إلى بلاده و عاد على شاشات التلفاز يفتي .

- ( ضاحكاً ) أفتى بعد أربع سنوات من الدراسه ، إنك تبالغ ( يتابع الضحك )

سادَ جوٌّ من الوجوم ، ذرف على إثره طلال دموعاً مسحها بكفه و ولى بوجههَ شطر البابِ داخلاً .

ناداهُ الهلال من جديد .

- أهو الحسدُ و الغيرةُ اشتعلتا في صدرك أم الغبطةُ و الندم !

- التفت رامقاً الهلال بنظرة قائلا : بل متأملاً ... لا أملكُ أن أفعل إلا ما اعتدتُ عليه. كما أنهم لا يملكون إلا ذلك .

- قلتُ لك النية و أضف إليها العزم.

- كلُ عامٍ أنوي كما ينوي جمال و بلال و جلال لكن ..

- أما بلال و جلال فيصنعان ما يصنعان بسجيةٍ امتن الله بها على كلاًّ منهما ، فأحدهما حريص على الطاعة و الآخرُ كريم . فضلٌ من الله امتن به عليهما ، أما جلال بالنية و العزم حقق ما يصبوا اليه.

- ( مستغرباً ) و ما الفرق يا هلال ؟

- الأخلاقُ منيحة يهبها الله سبحانهُ للإنسان فمنها سجية و منها نية ،أخالُك تذكرُ حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم لأشج عبد القيس حين قال له "إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة" قال: يا رسول الله أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما؟ قال: "بل الله جبلك عليهما" قال: الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله.

- ماذا تقول يا هلال !؟

- نعم يا طلال ، شدَّ من عزمك و أخلص نيتك ، كي ترتقي بنفسكَ و تحقق ما تريد لابد أن تربي نفسك على الإخلاص لا بد أن تربي نفسك على المواضبة على الصلاة كبلال و على العطاء كجمال فتكرمَ من حولك و إن كان بادئ الأمر على مضض. درب نفسك ،هذبها ، راقبها ، بل و جاهدها الجهاد الأصغر ، تفُز بما عند الله سبحانه !

- أراهما قد حظيا بفضلِ الله عليهما ، فهنيأً . ليتني ...

- على رسلك يا طلال ، صاحب السجية هذه طبيعته لا يستطيع تغييرها جبلهُ الله عليها ، أما صاحب النية فهو الأفضل لأنه يصبر و يصابر على الطاعة فهنيئا للصابرين الذين قال فيهم الله يا طلال .

﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾

تهلَّل وجهُ طلال و ارتسمت على محياه ابتسامة الأمل و تمتم بكلماتٍ لو وضعت في ميزان العبدِ لأثقلته سبحان الله و بحمده ، سبحان الله العظيم!