لجنةُ تحري رؤية هلال رمضان تعلن عدم ثبوت رؤية الهلال و تقررانعقادها مرة أخرى يوم غدٍ الجمعة.

هذا إعلان محطاتُ التلفزة و الإذاعة التي تابعت مباشرة لحظات رصد الفلكيين لهلال رمضان عبر قنواتها ، و قمةُ التفاعل مع الحدث من المشاهدين و عامةٍ الناس ترقباً للبشرى السارة.

لكن طلال لم يكترث كغيره ، فهو حتماً حتماً سيصوم كما يفعل كل عام ، فإن لم يكن غداً أولُ رمضان فبعد غدٍ . الأمرُ سيانٌ عنده . المهم في ذهنه أن في رمضان سيستمتع بجلسات السمر ليلاً مع رفاقه حتى بزوغ فجر اليوم التالي .

عيناه إلى السماء متأملا واجماً.. قادته تأملاته في تك الليلة و هو في طريق العودة إلى البيت بعد أداءِ صلاة التراويح الأولى إلى أن يطرحَ سؤالاً على نفسه !

رمضانٌ مضى و آخرُ غداً يقبل ، ما الجديد في حياتي ؟ سيمضي رمضان كما مضى سابقه لا أجد في نفسي غير الذي أجدهُ كلَّ عام . متعة السحورٌ الأول ، و طول اليوم المضني ، سباقٌ حول .. وين وصلت يا فلان في الختمة ؟ و هو سباق الرد فيه خجول لا أدرِ لم ؟أو ربما أدري و لكنه محرج و لا أحب أن أسمعهُ !

ظل سارحاً عند مدخل منزله وقد كتَّفَ يديه أمام صدره ، شاخصاً نظرهُ إلى نجومِ السماء ، كأنما يبحثُ عن ضياءٍ ينير له حُلكة أسلوب حياته .

صوتٌ يهمسُ في أذنيه ، تلفت ، طار الصوتُ بعيداً ثم ارتفع ، عاد من جديد و صار يناجيه كأنما هو نفسه التي بين جنبيه .

- أنا الهلال يا طلال ، مررتُ فإذا ظلال أفكارك تشعُ نوراُ في هذا الليلِ المظلم .

- الهلال !

- سامرتني أفكارُك ، و شدني سرحانُك فسحبتني ذكرياتك فظننتُ أن لديكَ ما يشجيني ! فتابع حديثَ خاطرك.

- قيلولة طويلة بعد الظهر إلى وقت انتظار أذان المغرب ، هل صليت العصر؟

فطورٌ نهايتهُ تخمةٌ تثقلني عن صلاة التراويح التي أختزلها في أربع ركعات و أخرجُ متسللا طالباً سريري !!

- لكنك اليوم أديت التراويح و أتممت الشفع و الوتر .

- نعم أديتها مع الإمام و في الصف الأول و هذا ديدني مع إطلالتك المتألقة كأنني أنا أنت أغدو و أروحُ متهللا في كبدِ السماء ، لكن ما أن يمضي أسبوعُ إلا و أصيرُ كمحاقٍ توارى عن القوم . الغريب في الأمر كيف يدبُ فيَّ النشاط و تدب الحيوية في جسمي و أنا في طريقي إلى السرير الذي فكرتُ فيه للتو و أنا في صلاتي . لا أدري ؟ أركبُ سيارتي وأغير اتجاهي فأذهبُ لأسامر خلاني في أحد المقاهي إلى منتصف الليل ، ثم أستقبل اتصال من آخر يدعوني لإكمال السهرة على شاشة التلفاز في مجلسِ منزله ، فإما نتابعُ مسلسلا ً أو نلعب بلي ستيشن !