Image title


في خُلدِ كلٍ منا أمنيةٌ و حلم ! وددنا أن لو تحققت بدعوةٍ مع كل نفحةٍ من نفحاتِ الرضى الإلهي في مواسم الخير الكثيرة ، لذا نسعى جاهدين في تضرعٍ و خشوع و دموعِ الشوق و الأمل و الرجاء تسحُ على الخدودِ متوسلةً أن يقبل الله تضرعها و يحقق أمانيها .
و من مواسم الخير التي نتحرق شوقاً لسكب الدموع فيها ، شهرُ رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، خيرُ الشهُور و أحبها إلى القلوب ، حين يهل هلالهُ نبوحُ له بمكنوناتنا المشتاقة . فنصوغُ أدعيةً ادخرناها له هو فقط !
ففي منظورنا البديهي رمضان مزرعة للعباد يقطفون ثمار ما يبذرون حين تمام الشهر . و لكن هلاَّ تريثنا قليلاً نعدُ عُدتنا و نتأهب لباب الريان و شهرِ الغفران كي نجني ثمارَ حصادنا شهداً سائغاً شهياً.
فلكي نتأهب علينا أن نقوم بتضميد جروح سنةٍ بأكملها . و نستشعر لذة شفائنا مم اقترفتهُ يدانا .
و أولُ جروحنا معاصينا التي نعرفُها حق المعرفة صغيرها و كبيرها ما كان منها في السرِ و ما جهرنا به. و ضِمادها التوبة النصوحة و هي العزم الأكيد على الإقلاع عن الذنب و الندم على التقصير ثم الإخلاص لله و تجديد النية ... " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لا أَعْلَمُ
ثانيها:أننا جرحنا عامنا بملهيات الحياة و مشاغل الدنيا ، و ضمادهُ التضرع لله بأن يثبتنا على طاعته سائرَ حياتنا و المداومة على ذكره و شُكره . ( ‏اللهُمَ لا تجعل الدنيا أكبر همنا و لا مبلغ علمنا و لا إلي النار مصيرنا، و اجعل الجنة هي دارنا و قرارنا يا رب العالمين )
ثالثها : أن يلهمك الله سبحانه و تعالى الحمد والشكر على أن بلغك رمضان ، فهي نعمة عظيمة حقاً . احمده سبحانه و امْتن له بالشكر و حسنِ الثناء أن أتاح لك فرصةً جديدة للحياة في هذا الشهر الفضيل . فابتعد عن جرحِ جارحة اللسان و القيل و القال و كثرة اللغو الذي لا فائدة منه .
- قال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
وزنِ الكلامَ إِذا نطقَتَ ولا تكنْ ثرثارةً في كلِ نادٍ تخطبُ
واحفظْ لسانكَ واحترزْ من لفظِهِ فالمرءُ يسلمُ باللسانِ ويعطبُ
والسِّرَّ فاكْتُمهُ ولا تنطقْ به فهو الأسيرُ لديكَ إِذ لا ينشبُ
وكذاكَ سِرُّ المرءِ مالم يَطوِه نشرَتْه ألسنةٌ تَزيدُ وتُطنبُ
ثالثها : اليأسُ و القنوط . و ضمادها الفرح. فافرح . و لترتسمْ على محياك ابتسامةُ الأمل و الخير و البشْرِ و التفاؤل و السعادة مع قدومِ هذا الشهر . افرح فهو خير الضيوف ! خفيفٌ لطيفٌ جاء محملاً بالهدايا الربانية التي ستغمرك بالرضا . افرح به الآن لأنك ستقول يوم وداعه بالأمس فقط ! كنت معنا فعلامَ العجلة !