لطالما شغل هذا الامر سكان العاصمة لسنوات, حيث تتصارع القوى المسلحة على السلطة فاستوجب ان تكون مقراتها بوسط العاصمة او على اطرافها لتكون فاعلة ,ما ادى الى سقوط العديد من الضحايا نتيجة المناوشات بينها, وفي بعض الاحيان تدمير بعض المباني الخاصة بالمواطنين.
لاشك ان الضعوط المحلية المتمثلة في الاهالي وبعض مؤسسات المجتمع المدني والمطالبات الدولية بجعل العاصمة خالية من المظاهر المسلحة, كانت وراء هذا الامر,فهذه التشكيلات تقوم باستحداث نقاط تفتيش (استيقافات) داخل حدودها الادارية (مغتصباتها)متى يحلوا لها وتفعل ما تشاء دونما حسيب او رقيب.
الاعلان عن خروج المجاميع المسلحة خارج العاصمة امر جيد, ولكن الى اين؟ ولن نتكلم عن الثمن الذي قبضته او ستقبضه نظير موافقتها على الخروج من العاصمة, فذاك ستعلمه لاحقا فلا شيء يمكن إخفاؤه, خاصة وان رئيس الحكومة الحالب دأب ومنذ مجيئه الى السلطة قبل 3 اعوام على تهدئة الاوضاع بواسطة المال العام على هيئة (صريرات).
هذه المجاميع المسلحة توجد لديها سجون خاصة تعتقل به خصومها, ما مصير هؤلاء المساجين؟.
والسؤال الاهم,الى متى يتم الابقاء على هذه التشكيلات الخارجة عن القانون؟ مهمة الاستقرار الداخلي تقع على وزارة الداخلية, هل الوزارة غير قادرة على ذلك بشريا وتقنيا وماديا؟ أ لا تتواجد العديد من المعاهد العليا والكليات المختصة في مختلف المناطق لأجل تخريج كوادر مهنية لتأدية المهام على الوجه الاكمل؟.
للأسف الشديد افراد هذه المجاميع يتواجدون وبشكل مكثف في بعض مؤسسات الدولة (حرّاس) لا يقدمون شيئا(طاقات خاملة ان لم نقل سلبية), بل يستنزفون الخزينة العامة حيث الرواتب المرتفعة حيث مرتباهم اضعاف نظرائهم في الخدمة المدنية, أحيانا يتدخلون في عمل الدوائر العامة المكلفين حراستها, ما يستفز العاملين بتلك الجهات ويتذمرون من العمل ويسعون الى الخروج من تلك المؤسسات, ما يسبب في انخفاض مستوى الاداء بها, تكون نتيجته سلبية على المتعاملين (المستفيدين) معها.
لأن تقوم الدولة يجب تفكيك هذه التشكيلات, والاستعانة ببعض افرادها ذوي الاختصاص, وإفساح المجال لأفرادها ممن تتوفر لديهم الرغبة في العمل الامني وبشكل فردي للانتساب الى الوزارة لإعادة تأهيلهم والاستفادة منهم , والعمل على تأهيل البقية في المجالات الحياتية الاخرى ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع.
يحذونا الأمل في اختفاء المظاهر المسلحة في الشوارع والميادين, كما نتمنى ان تخلو المؤسسات العامة من افراد هذه الجماعات والاكتفاء برجال الامن .
ندرك ان عملية اعادة البناء البشري ليست سهلة, ولكنها في المقابل ليست مستحيلة اذا توفرت الظروف والامكانيات, فهؤلاء الشباب الذين اضطرتهم الظروف للانتساب اليها,لان الحكومات المتتالية لم توفر لهؤلاء الشباب سبل العيش الكريم, يمكن الاستفادة منهم في عديد المجالات الاخرى واشعارهم بانهم ابناء لهذا الوطن الذي ربما خذلهم في اوقات حرجة من تاريخنا المعاصر باستغلالهم من قبل المتصارعين على السلطة في معارك افضت الى مقتل الاف الشباب وانقطاع العديد منهم عن مقاعد الدراسة بسبب الدمار الذي لحق بالمؤسسات التعليمية وادى الى توقف الدراسة بها. نتمنى ان تكلل جهود الخيّرين بالنجاح, وطي صفحة الماضي القريب المليء بالماسي.
ميلاد عمر المزوغي