Image title


هنا يتسائل نيتشه عن الصروح الايديولوجية التي بناها الفلاسفة منذ افلاطون الى عصره وعلى اي اساس تقوم هذه الصروح الايديولوجية التي يسميها نيتشه بالصروح الاخلاقية les edifices moraux وهو يعامل نفس عبارة كانط في نقد العقل المحض .

ما بناه الفلاسفة لا يقوم على اسس صحيحة ونظرة خاطفة اليه ، يكفي لأن تقول الى اي مدى الاساس هش !

هناك تشبيه في الانجيل حول البيت الذي يبنى فووق الرمال والبيت فوق الصخور وبعد عاصفة البيت الذي في الرمال لن يبقى له وجود . نفس المجاز والتشبيه استعمله نيتشه لكي يبين الصروح الايديولوجية منذ عهد افلاطون .

شوبنهاور كان تطرق من قبل في fondements de la morale على ان الاخلاق الى عهده كانت تعمل على اسس هشّة وضعيفة ، وقال بأنه لا توجد ميتافزيقا اخلاقية بمعنى الكلمة وعلى ان الاخلاق بدون اساس وماهي الا تجليات للغرائز . من هنا يقول شوبنهاور انه لا يمكننا ان نقول على ان الاخلاق الجيدة هي الاخلاق الفلسفية التي قال بها كانط . والتي يمكن ان تقوم على مطلق ويعطي مثال ب كانط . اعتراض كانط حسب نيتشه حول ان الاخلاق لا تصمد هو اعتراض خاطئ وهو جواب خاطئ في نظره !! كانط يعتقد انه ممكن ان يُقيم الاخلاق على اساس العقل العملي . العقل العملي واساس تعميم الواجب الاخلاقي imperatif categoeique.

كيف للعقل ان يتبث صحة ادعاءاته ؟ وهل يمكن لاداة "العقل" ان تنتقد نفسها ؟ اخلاق عقلانية ، ميتافزيقا اخلاق . فلسفة كانط العملية ليس لها اساس واساسها ان وجد فهو اساس هش .

بالنسبة لنيتشه ، الدليل عى انه ليس هناك اساس هو في الواقع ان كانط يفحص العقل عن طريق العقل kant examine la raison au moyen de la raison بمعنى انه هو قاض وطرف .

نيتشه يرى ان بان اليقسنسات الميتافزيقية الحرية ، والخلود ، والله ، التي قال بها كاانط والتي تنسب الى العقل على انها طبيعية في تكوينه هي في الاساس ليست عقلية وهذه اليقينات هي في الاساس ارادة الاعتقاد volonté de croire, d'une volonté de certitude, d'un vouloir vrai. ولكن هذه اليقينيات حسب نيتشه هي في الاساس ذات طابع غرائزي .

نيتشه يرى ان كانط بدسّه ارادة الاعتقاد التي ممكن ان نذهب الى تسميتها بالخرافة لانه هناك خرافة في الاعتقاد ؛ في العقل ، في الاخلاق ، في المعرفة ، في البحث عن يقينيات .

السؤال الذي يطرح نفسه ماهو الاساس الغرائزي في البحث عن ارادة المعرفة واليقين والاعتقاد ؟ بكل بساطة يجيب : الخوف من اللايقين la peur de l'incertitude.

المعرفة هي ارادة اليقين ، المعرفة يُراد من وراءها اشياء نستكين لها ، اسس قوية واشياء ممكن ان نتمسك بها ضد لا يقينيات المستقبل التي تتسم بالغموض والرعب .

**

وعلم النفس التطوري يفكّك ارادة الاعتقاد باليقين و الخوف من اللايقين الى اجزاء اصغر واكثر فهمًا ، بأننا نخاف من الاشياء غير الواضحة لإنها قد تشكل خطرًا بينًا علينا .

كمن يسمع هسهسة حشائش في ظلام وسط غابة ، فيظنها مفترس يكمن له ، وعليه ان يتصرف في تلك الحالة ، هاربًا بنفسه مبتعدًا(مستيقن بأنه خطر يجب تفاديه) او ماض نحو السبب ، باحثًا عن المعرفة ! لتبقى تلك الدوافع الغرائزية معنا حتى اليوم ، لكننا احيانًا اعطيناها اتجاهات ثقافية اخرى ..