أنا أعيش مثل الجميع ..
أملك هاتفا "ذكيا جدا" بخلفيةٍ لم أغيرها منذ ثلاث سنوات كاملة سأرسلها لك فيما بعد لتعرف لماذا لم أستطع تغييرها بعد كل هذه المدة
لا زلت أقرأ الكثير من الكتب إلا أنني لم يعد باستطاعتي أن أنهيها
"الأمير الصغير" وحدها الرواية التي أرغمتني على إنهائها
هل رأيت يوما كتابا فتح إنسانا وبدأ بقراءته ؟! هذه الرواية فعلت ذلك بي. إقرأها إنها مدهشة!
لا زلتُ أقرأ لديستوفسكي على الرغم من أنه قال يوما:
"إنك لا تَستطيع أن تَتصور كَم عَذبوني جَميعًا
الأعداء والأوغاد والأصدقاء، حتي أن الأصدقاء عَذبوني أكثر مِن الأعداء! ".
لقد أصبحَت لدي قدرة هائلة على "التظاهر" إلى درجةٍ تُمكنني من إلقاء قصائد "إيليا أبي ماضي" من دون أن يظهر عليَّ أيُّ أثر للكآبة أو الحزن
أستطيع أن أجعل أحدهم يبتسم بكل سهولة وكلما أنقذتُ أحدا من بركة الحزن الذي يعانيه أغرقُ أنا مسافة إضافية
إنك لا تُدرك يا صديقي كم يكون العطاء مُحزنًا عندما يمنح المرءُ أشياءَ يتمنى أن تُمنح له ويقول كلاما يتمنى أن يسمعه من غيره . إنك لا تدرك ذلك حقًّا .
هل أنا بخير؟
أرجوك لا تسألني هذا السؤال مجددا !
هل أنا بخير؟
سؤال فقد وظيفته -أو ربما تقاعد منها- وأصبح يعمل منبها لمجموعة أحزان تغطُّ في غياب عميق في زاوية ما من قلبي دائما ما تستيقظ -ترتعش فزعة-ً من "غيابها العميق" كلما طرح عليَّ أحدهم هذا السؤال
تُرى كيف حالك أنت ؟
ألا زلت تقرأ رسائلي الطويلة كعادتك من دون أن يتسلل الملل إلى قلبك
ألا زلت تعتقد مثلما كنتَ دائما أننا نحن الإثنين لطالما كنا نشبه مدينة "بغداد"
أجملُ المدن التعيسة ..
أتعسُ المدن الجميلة ..
ألا تزال تؤمن بما قلتُه لك ذات يوم أننا ندرك تمامًا أن البكاء هو قدرنا مثلما أن الضحك هو قدر الآخرين
تدري ..
لا يهم إن كنت لا تزال كذلك أم توقفت لأن المهم هو أن تكون بخير . ليست "بخير" التي يوزعها الناس بالمجان كل صباح ومساء من دون أن يعنيها أحد، أقصد "بخير" التي تقولها الأمهات لأبنائهن بعد أن يُشبعنها بالكثير من القلق والاهتمام.
في النهاية -النهاية التي لا تريد أن تنتهي- لا تقلق يا صديقي ولا تشعر بالأسى حيالي . إياك أن تفعل !
فأنا ورغم كل هذا لا زلت أعيش مثل الجميع
تُضحكني نكتة سخيفة
تقلتني عبارة من نص فارغ
وتُنقذني قصيدة ..
غير أنِّي لا زلت كعادتي لا أحب مشروب "كوكاكولا" وأدَّعي دائما أنِّي بخير !