(1)


لم افكر فى عدد الذين تقدموا للزواج منى ولكنى كنت ابحث عن استثناء واحد
يتناغم مع رومانسيتى التى كانت تكبر وتتعاظم فيكبر بداخلى ذلك المجهر الذى
أرى من خلاله مالايراه أحد ، كنت حين أنظر إلى الواحد منهم أجدهم يرتدون
أقنعة سميكة بألوان وأحجام مختلفة ،فتركبنى الحيرة من أمرهم وأمرى اذا لا
أنا بقادرة على مصارعة حلمى آملاًفى الأنتصارعليه، ولا بمتمكنة من الأنسياق
عنوة إلى مقصلة زواج مستحيل

:::
(2)

تماماً كما فى كل
مرة توصينى أمى بالرقة والأناقة فيما البسه ، ولاتكف عن أن تزود قناعتى
بالخطيب الجديدوتصفه بأنه ذكى وانيق وشديد الوسامة وفخر النسب وسألحق به
إلى لندن هكذا كان الاتفاق بينما يتناهى صوت أبى يعلن عن غضبه ويلطمنى على
وجهى بكماً هائلاً من كلمات وأوامر تستفز روحى ويصفنى بالجلادة المشاكسة
التى تشوه أى رجل بمهاترات لا مبرر لها

:::
(3)

المحه
وسط الجميع يجلس على كرسيه بشكل لا يخفى غروره ، ألقيت عليه بسلام خاطفاً
وجلست واضعة ساقاً فوق ساق ، بيد أنه راح يزوى ما بين عينيه ليحسن التحديق
ويدقق التفاصيل فى ثنايا جسدى
لم يدهشنى تصرفه كنت أعتبر كل ذلك بديهة من بديهات ضعف ودناءة الرجال
لفت أنتباهى أطمئنانه لهدوئى وأبتهاجه لصمتى متصواًأنه سيتلو على صفحته المتاح وغير المتاح
فيما بعد سيعرف أن هدوئى أستياء وصمتى تذمرولن تفيده كلمات تعيد سر ماأنكشف
( هكذا كنت أقول لنفسى )

:::
(4)
لم يطل الوقت فبعد أن تركونا بمفردنا مكثنا لحظات دون كلام وما أن بدأ الحديث حتى كان سمجاً مفككاً التفت إلى قائلاً:

عرفت أنكِ تريدن رؤيتى فلندخل فى الموضوع الذى جمعنا هنا ، ثلاثة أيام
مضت من أجازتى ولم أحصل على موافقة نهائية فلا تنسي أن هناك وثائق مطلوبة
تحتاج لبعض الوقت ولا أعرف ما ضرورة الإصرار على هذا اللقاء والداك يعرف كل
شئ عنى


خرجت كلماته تثير ذاكراتى ...أفكر فى كل من سبقوه..تخلفت على وجهى أبتسامة باهتة وقلت :
=لمعرفة المزيد من التفاصيل
التفت إلى مستغرباً
=أى تفاصيل ؟
رشحتك خالتى ووافقت أمى ووافق جميع أخواتى وأنا حققت أحلامى كما أشتهى ومعى لن تحتاجى لحمل حقيبتك

علقت على جملته ، وقد شعرت بحزمة من مشاعرالمرارة تتأبطنى :
= بلا طلب لرأى

دون أن ينظر إلى وجهى :
= ماذا تريدن أكثر من ذلك أنك لمحظوظة

أبتلعت سخريتى وأصابعى تديركوب الماء ولم أتردد بأن القى تحفظى جانباً:

= ماذا عن المشاعر والأحلام أتحملها حقيبتك
بصوت بارد لاقلق فيه ولا حرج قال :

= لا أخفى عليك أنا لا يتوفر لدى لحظة فراغ لأتعامل مع تلك الخرافات
والثرثرة التى ملاءت رأس البنات عصافير وفراشات وحوداديت عبد الحليم
الوهمية كل ذلك لا يعنيينى
أنا لا يهمنى سوى وجود من تهتم بتفاصيل حياتى فنحن نعيش فى عالم واقعى فلا تفترضى أشياء لا معنى ولا قيمة لها
شعرت بالغثيان من رائحة العبارات والجمل التى تنبعث من روح معطوبة وعلى غير توقع منه قلت بتهكم لاذع:
= أمن شئ أخر تأمر به
بأبتسامة غامضة تحمل شتى المعانى قال:
_أنت فتاة رائعة فقط ..كونى عاقلة
أوضحت :
_ انا لست رائعة
_ اذا أنت كما قيل لى ..تشعرين بنفسكٍ ملكة ولا........
تصنعت عدم السماع وقلت قبل أن يكمل :
_ ألم يخبروك بإننى لا أصدقكم ولا أثق بكم

أرتفعت نظراته إلى وجهى من جديد وكأنه يلح ليعرف الواجهة الخفية عنه :
_ لذلك لاتفكرين فى الزواج بعد
_ بل على الاطلاق
التفت نحوى متفاجئا ومضطرباً وأضاف :
_لا تفهمين ماأقول
_ إننى أفهم كل شئ جيداً
فى أستنكار غاضب قال :
_ أتنجمين ،لايمكنك معرفة ما يريده الرجل
_ أعرف ماذا أريد وهذا يكفى
تجمدت ملامحه وبأندهاش غير مصدق يحاججنى:
_هل ستهزمى رجل
لم أستطيع منع نفسى من الضحك والقيت بتحفظى جانباً:
_ أنه لشئ تافه أن يشغل الرجل نفسه بمعركة وهمية وعادة ذكورية صنعها وأصبح أسيراً لهاولن يشفى منها أبداً
بعصبية لا يحتاجها الا من ينفى حقيقة مشروخة قال :
_ لاتعرفى ماذا أريد
بثقة أجبت :
_ بلى لديك مكانا شاغراً لجارية

ينظر إلى فى غيظ شديد وبنبرة جافة وكأنها حكم قضائى مبرم قال :

_ غداًعندما نتزوج ستصبحين ملكة فلدى كل ما يلزم لكن أطلب منكِ أن تكفِ
عن هذا لأننى لا أحبه وتلك التى اتمناها لابد أن .......و ........و
و........
لم يفاجئنى وهو يعدد الممنوعات والأنتقادات والملاحظات كنت
قد وجهت نفسى ودربتهاعلى أننا نسعى ، فى دروب مغلقة للوصول إلى أن أعتادت
وطاعت اختصار المسافات بلا تذمر
قاطعته بحدة منهية النقاش ..
_ لا أريــــــــــد أن أصيــــــــــر ملكة
:::
(5)
يقترب المشهد من النهاية ويوشك المتفرج على المغادرة وبأستعلاء من لايرى ولا يسمع يطلب الرد فى أسرع وقت

وبالرغم من رجاءات أمى المتكررة ووابل العتاب واللوم والتدخلات والنقاشات
التى كانت تصل إلى حد الصدام أحياناً، وبطرائق شتى وحيل كثيرة كنت اتمسك
بحقى فى الأختيار ولا أكن أملك غير الاعتذار منهم فما كان قلبى ليتوقف
ولايتراجع ولا يضل
وماأن يصله الرد حتى يتغير شأنه تماماً ،يسقط القناع الذى لاحظته وأحسست به سلفاً فقد كنت أرى ما لايراه أحد ويتمتم وهو الغاضب :
_ أننى لأرها عادية مغرورة تافهة ، من تحسب نفسها 
فلا يسعنى سوى أن أغرق بالضحك منه وعليه وقد تخلفت على وجهى ابتسامة طفلة تطرب لخلاصها وتنتشى