محمد القحطاني مدافع عن حقوق الإنسان وعضو مؤسس في جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم)، إحدى منظمات حقوق الإنسان المستقلة القليلة في السعودية، يقضي الآن حكم 10 سنوات في السجن لمطالبه السلميّة بالإصلاح. تُوفيت والدته في 23 أبريل 2017 وعُرض عليه بسبب ذلك "الخروج من السجن بداعي الرأفة" لمدة ثلاثة أيام لحضور العزاء. لكن مع ذلك اختار محمد أن يرفض العرض احتجاجًا على اعتقاله الظالم.

كتبت زوجته مها رسالةً إلى محمد عقب قراره الصعب.

-

حبيبي،

أحسن الله عزاك

وأعتذر لأني كنت غاضبة جدًا على الهاتف. لم أستطع فهم قرارك. أو ربما فهمته، لكنني رفضت الاستماع في لحظة ضعفي. الحكومة عرضت عليك الخروج من السجن بداعي الرأفة لمدة ثلاثة أيام حتى تحضر عزاء والدتك.

فكّرت مباشرةً لحظتها بأنانيّة : "أقبل العرض! أرجوك أقبل العرض ليتمكن أحبابك من رؤيتك ولو لساعات قليلة!"

أردت منك أن ترى عائلتك وأصدقاءك، حتى وإن كان ذلك لفترة قصيرة، وأن تودع أمك، حتى وإن كانت قد حُرمت من رؤيتك ظلمًا خلال سنوات حياتها الأخيرة.

وأراد أصدقاؤك نفس الشيء. ناشدوني : "قولي لمحمد يطلع!"

ولهذا السبب ضغطت عليك. خمس سنوات من الألم والغضب والظلم قد فعلت فيّ فعلها. أُفكر فيما قلته لي طول الوقت والآن فهمت.

قلت : "أمي ماتت،"

"حُرمت من وجهها الجميل لسنوات حينما كانت حيّة وبخير. حبسوني خمس سنوات في السجن بسبب اتهامات باطلة. والآن يريدون منّي أن أرى أمي؟ حينما ماتت؟

الله يتغمدّها بواسع رحمته. كل ما في يدي الآن أن أدعي لها.

قُلتِ لي أن أقبل عرضهم للخروج بداعي الرأفة؟ أين كانت رأفتهم حينما رموني وأصدقائي في السجن لمساندتنا لحقوق الإنسان؟ وحينما أخذوا أطفالنا وعائلاتنا منّا؟ حينما حُرمت من رؤية طفلتي الصغيرة، حبيبتي ليلى؟

أين كانت رأفتهم حينها؟ أرفض أن أقبل ببقايا الرأفة هذه. أرفض أن أتخلى عن أصدقائي في السجن"

أعرف -في قلبي المكلوم- كم كان صعبًا عليك أن تقدّم تضحية أخرى لما تؤمن به. لكنني أعرف كذلك بأنك لن تكون بخير إلا حينما تتخلى عن قناعاتك، حينما تتخلى عن الوقوف للحق -مهما كان موجعًا-، حينما ترفض المساومة.

لا ترسلوا تعازيكم لمحمد، بل أرسلوها لدولة وضعت محمد وأصدقاءه خلف قضبان السجن.

محمد، ستظل دومًا حبّي وإلهامي، مهما أظلم الليل وامتد. ستشرق الشمس ليوم جديد نتنفس فيه كلّنا الحرية.

خالص حبي،

مها

--

محمد القحطاني سجين رأي وكان يجب ألّا يكون في السجن أصلًا.

تطالب منظمة العفو الدولية الملك سلمان أن يفرج عنه مباشرة وبلا شروط.