Image title

علي بانافع       

       لا شك أن السلوك العدواني لدى الطلاب أصبح حقيقة واقعية موجودة في معظم مدارسنا، وهي تشغل كافة العاملين في ميدان التعليم بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، وتأخذ من إدارات المدارس الجهد والوقت الكثير؛ وتترك أثاراً سلبية على العملية التعليمية، لذا فهي تحتاج إلى تضافر الجهود المشتركة سواء على صعيد المؤسسات الحكومية أو مؤسسات المجتمع المدني لكونها ظاهرة اجتماعية بالدرجة الأولى، وانعكاساتها السلبية تؤثر على المجتمع بأسره، ومن وجهة نظري أن السلوك العدواني له أسباب تتمثل معظمها في سببين رئيسين وقد تكون هناك أسباب أخرى:

الأول: ضعف الحياة الأُسرية وأقصد به رابطة التآلف بين الرجل وزوجته وأولاده  فبعضنا لا يُجالس أُسرته إلا قليلاً؛ فهو لا يكاد يفرغ من عمله حتى يخرج مباشرة إلى المقهى أو الشِّلة أو المركاز، والأبناء يخرجون إلى الشارع ليلهوا ويلعبوا، ومن أهم أساليب اللهو واللعب (المُطارحة والكِسار) فالشارع يُرَبِيّ الأولاد ويُعِّدهم لكي يكونوا معتدين على غيرهم.

 الثاني: ما يلاقيه بعض الطلاب من تسلط أو تهديد في البيت أو الحي أو المدرسة، وهذا الجانب عميق الجذور في تكوين شخصياتهم العدوانية، وبدوره يؤدي إلى إصابتهم بعقد نفسية فيتجرأون على أترابهم ويعتدون عليهم لفظياً بالشتم والإهانة أو جسدياً بالعراك والضرب، وقد يؤدي إلى العكس فَيُضعف شخصياتهم أو تتفكك، وقد يتجرأ عليه أترابه فيستغلونه أو يعتدون عليه.

       لا شك أن ظاهرة العدوان بين الطلاب في المدارس ملف خطير، ولكن مالا يقل خطورة عنه أو أخطر منه نتائجه؟! ظهور حالات انحراف كارثية -معظم ضحاياه من الطلاب- كالمخدرات والاعتداءات الجنسية والانحرافات الفكرية والتطرف والإرهاب لم يسبق لمجتمعنا أن مر بها.

السؤال الذي يطرح نفسه ..

أين وزارة التعليم من هذه الكارثة السُلوكية وما دورها لاحياء العقوبات والتعزيرات الشرعية الرادعة بدلاً من الأنظمة واللوائح الجوفاء؟!

أين خطباء الجمعة في ضرورة التنبيه والتوجيه لخطورة لهذه الظاهرة الذي تُنذر بشر مستطير؟!

أين التربويون والصحفيون والإعلاميون والمثقفون من عدم الالتفات إلى هذا الانهيار الخُلقي الخطير في مجتمعنا والسكوت عنه؟!

       إن عدم وضع العلاج السريع والناجع يُنذر بكارثة السقوط والتلاشي التام ونهاية حقيقية لرسالة التعليم بكل معانيه التاريخية والحضارية ..