وشرُ الدواب في عصرِنا هم الملحدون ،

فالدابةُ تعرف سببَ وجودها ومهمتَها في هذا الكون .. وتسير إثرَ غريزتها نحو ما هُيئت له ،

أما المُلحد فأنا لا أعلم ماذا يريد ؟ ولو أردنا الصدق فهو أيضًا لا يعرف ماذا يريد ! 

وهذا هو شأن الملاحدة الحقيقيين وليس أغلب المرضى النفسيين طالبي الشهرة والاهتمام ..

 إنه لا يعترف بشيء إلا الحرية والتحرر ،فأتساءل لماذا لا يعيث في الأرض فسادًا بالسرقة والقتل وشرب الخمر والزنا ؟ ما الذي يحده عن ذلك ؟ فيقطب جبينه رافضًا لأنه فساد واعتداء !

 ولكن كيف يكون ذلك فسادًا ؟ أو بالأحرى ما مفهوم الفساد وحدوده ؟ فيجيب بما يشابه الأعراف والمنطق إلى حد ما ..

 لنسأله عن أصل الأعراف والمنطق ؟ كيف توصل أول بشري لتلك الأسس التي سادت هذا الكون ؟                وكيف عرف مفهوم الفساد ؟ فمن المعروف أن الشيء يُوجد أولاً ثم يُسمى ! فهل كان بشريًا مثاليًا توارثنا جيناته ؟ وهم يعلمون أن البشر مفسدون بأشكال متباينة في ذلك الكون ، بل كيف دام هذا العالم لنا حتى الآن ولم يهلك حرثه ونسله ؟ 

 ألا يدل ذلك المنهج التسلسلي الذي يتبنونه في معرفة أصل الأمور أن هناك قوًى أكبر تحفظ نواميس هذا الكون بقيمه وزاده ونسماته رغم عبث الإنسان ؟ بلى هم يعلمون بل ويرددون ذلك في اتهامتهم لغوغائية الإنسان لحظة انفعالهم في ثورة حريتهم الدؤوبة ..

،،،

 وسأخبرك أمرًا يقينًا : لقد رأى كلٌ منهم برهان ربه في نفسه .. لمسة الإعجاز لم تستثنِ أحدًا قط ! وأنا أعني أمرًا خفيًا لا يعلمه أحد سواك وكأن العالم يربت على كتفك قائلاً " هل تيقنت الآن أن لك ربًا لا ينساك أبدًا ؟ " 

إنهم يكذّبون نور الشمس وسقوط المطر .. 

 والأشد أنهم يقمعون صرخات قلوبهم وجوارحهم المستغيثة بربها .. إنهم لا يتبعون منهج العقل فالعقل منهم براء ، ولكن نهج هوى النفس وهو ذاته الذي ابتدعه إبليس تكبرًا على آدم رغم علمه اليقيني بعواقب ذلك !

 وغاية المنهج واحدة وهي الهلاك .. فإبليس عاش ليُهلك وهو يعلم أنه هالك ... والمُلحد يعيش بلا هدف واضح فهو يعلم أن نهايته الموت فلا يجد هدفًا إلا غرور نفسه بأنه العاقل الوحيد والباحث المتأمل وسط زمرة من الجهلاء المشعوذين .. فيصبح هدفه تنويرهم لينضموا لحزبه المفكر أو إهلاكهم وهدمهم لأنهم أغبياء مخابيل !.

 فهو كمثل الشيطان عاش ليُهلك وهو يعلم أنه هالك .. وكلتا الحياتين هلاكٌ - لو يعلمون- .