أنها الواحدة بعد منتصف الليل من الغريب أن اجد بريدي فارغاً ! هل فارقوا الخفافيش -رفقائي- عشاقهم ..اولئك الساذجين كانوا بالقرب مني يتسامرون عن قصص الحب واهل العشق .. كنت اشعر بالنعمة أنني معافاة من داء الحب الذي يسيطر على عقل المرء فيسنيه نفسه وربه ووقته .. انه شبيه بالمخدر او ربما خمر يجعل شاربه لا يدري بالدنيا وما يدور فيها .. هكذا العاشق كشارب الخمر يعلم مضاره لكنه ادمنه لا يستطيع الاستغناء عنه لانه بكل بساطة يغادر عالمنا الواقعي لعالم مليء بالأوهام و الوعود الكاذبة والسعادة الزائفة ..

وكأن النفس البشرية تتسم بالغباء في الأمور العاطفية وتغفل عن المنطق .. تبحث عن مشاعر مؤقتة و تقتنع انها مشاعر أبدية ذات قوة جبارة تستطيع التغلب على مخاوف الفراق و الألم تستطيع ان تبعث آمان سرمدي و سعادة دائمة وشريك حياة لأمد الدهر .. وتتغاضى عن حقيقة الموت الذي لا يدع قوم إلا ان انتزع منهم فرداً تلو الآخر .. تتغاضى كذلك عن مشاعر الضجر تجاه الروتين الملل .. تتغاضى عن حريتها و حقوقها .. لأجل ذلك الشيء اللعين ما يدعى الحب !

لن أبالغ في وصفي له باللعين .. فهو لعنة .. لعنة تقلب حياة المرء رأساً على عقب .. لعنة تصيب ضعفاء القلوب .. تفسد أصحاب النقاء المشع  ..  لعنة تغير مجرى حياتنا للأسوأ
هذه اللعنة فريدة من نوعها حيث أن الملعون قد يضحي بجميع ما يملك لبقاءها و لا يسعى للخلاص منها ..الاشد غرابة  كذلك أن ليس هنالك أطباء للهوى و لا دجاليين ولا سحرة يدعون ان العلاج بين كفيهم ..

إن الساحر في هذه المسرحية هو من يسلب القلب و الروح ومن المعلوم أن المسحور في العادة هو الضحية !

لكن كلاهما خاسرين -في النهاية- إن حسم الأمر .. فلا فرق بين ساحر ولا مسحور .. ولا بين جاني ومجني عليه .. فالحب عاصفة غدارة لا ترحم الأحبة تهلك جميع من يعتري طريقها بقسوة .