بينما كنت أقود سيارتي متجها الى اجتماع صباحي مبكر في احدى الشركات الكبرى , وما أن وصلت الى بوابة الاستقبال حتى استوقفني موظف الاستقبال رغبة منه في التحقق من هويتي وسلامة السيارة .
موظف الاستقبال : فك الباب الخلفي اذا سمحت .
أنا : اتفضل , ثم فتحت له الباب الخلفي .
انني دائما معتاد أن أحمل كل اغراضي في حقيبة , أضعها في الكرسي الخلفي من السيارة, وعادة ما تكون هذه الحقيبة ممتلئة وتبدو كبيرة الحجم , مما استثار فضول موظف الاستقبال متسائلا ....ايه الشنطه الكبيره اللي معاك دي انت طفشان من البيت والا ايه !!!
ابتسمت في وجه صديقي موظف الاستقبال وقلت : لا يا اخي مش للدرجة دي يعني . ثم ممدت اليه يدي بالهوية ليتحقق منها .
ارتسمت ابتسامة على وجه موظف الاستقبال ( انت متجوز كمان !!) قلت : نعم , فرد قائلا : يبقى أكيد طفشان من البيت .
ان هذه ليست فقط نكته او اضحوكه, بل هي اضافة على ما تحويه من هزل وسخريه تعتبر مثالا لبعض الحالات التي يرى فيها الناس الأمور ويحكمون عليها ظاهريا دونما تحقق وتحليل وتقييم , ولو سألني صديقي موظف الاستقبال لاخبرته أن الله قد منحني زوجة أحسبها صالحة وأسأل الله أن يجازيها عني خير الجزاء .
انك عندما تمر باحدي مواقع العمل بمصنع كبير قد امتلأ نشاطات وصخب وعمال وأدوات وماكينات , وما أن تتوقف عند هذا العامل البسيط – عامل القطع واللحام - والذي ملأ الموقع عملا ونشاطا وحيوية فتسأله متعجبا ( لماذا صديقي لا تلبس هذا القفاز الواقي من تلك الشرر المتناثرة هنا وهنالك !!) , فاذا به يرد عليك متعجبا وقد القى بناظريه الى تلك الشرر شاعرا تجاهها بألفة غريبة قائلا لك ( انها ليست خطرا , انها لا تؤذيني ولا تضرني , ولم تضرني أصلا من قبل ......)
لقد حكم صديقنا العامل البسيط على ما يراه ظاهريا متبعا في ذلك سيرة صديقنا موظف الاستقبال , حكما بالظاهر دون تحليل وتدقيق , ولو تفكر صديقنا العامل لبعض الوقت لعلم أن هذا الشرر يمثل خطرا عليه وعلى صحته ومكان عمله وزملائه , ناهيك عن ما قد يمتد الى اسرته من أضرار ومفاسد ناجمة عن اصابته بموقع عمله لا قدر الله اثر هذا الشرر .
ان بعض التصرفات الخاطئه قد تنجم عنا أحيانا بموقع العمل والتي قد يترتب عليها حوادث وأخطار جسيمة لا يحمد عقباها , لذا أدرك أهل الاختصاص ذلك ووضعوا لنا أصولا وعلما أفنوا فيه أعمارهم وأوقاتهم رغبة منهم في حمايتنا ضد هذه الاخطار الظاهرة والكامنة , انه علم تحديد وتقييم وتحليل الاخطار .
ودعونا ذا بدء ومن خلال هذا المقال الموجز نعرج الى معنى الخطر , ومن ثم ومن خلال مقالات قادمة بحول الله سوف نعرج الى أنواع الاخطار واليات تقييم وتحليل والتحقق من تلك الاخطار والتعامل معها والحمايه منها ومن اضرارها باذن الله تعالى.
ان الخطرهو ذلك النشاط او الادوات والماكينات او الحالات الخطرة والتصرفات الخاطئه والتي قد تسبب تأثيرا سلبيا على صحة الفرد سواءا كان هذا التأثير جسديا او ذهنيا .مما يستلزم أن نحقق وندقق ونقيم تلك المخاطر ولا ننظر اليها بشكل سطحي أو ظاهري , فكلنا معرضون لها اثناء تنفيذ اعمالنا اليومية المختلفة , الرجل في موقع عمله , المرأة في بيتها , الطفل في مدرسته , كلنا معرضون للخطر ويلزمنا أن نقيمه ونأخذ بالاعتبار كافة الاحتياطات اللازمة للحماية منه , وأن نذكر انفسنا واصدقائنا وزوجاتنا , ونعلم أولادنا كيف يحمون أنفسهم مما قد يواجهونه من أخطار لا قدر الله
أسأل الله أن يحفظكم ويحميكم بعين حفظه وعنايته , وانتظروني في مقال قادم ان شاء الله نعرج فيه الى أنواع تلك المخاطر التي قد نتعرض لها بأماكن أعمالنا , كيف نحددها ونقيمها ونحمي أنفسنا منها . وتذكروا دوما أننا بحاجه أن تقيم ونتحقق ونعي تلك الأخطار .
أترككم في رعاية الله وأمانه.