الكل يعرف ان الولايات المتحدة الامريكية ليست منظمة انسانية لغوث الفقراء والمحرومين او انصاف المظلومين والمستضعفين في العالم ؛ وقد صرح ساسة الولايات المتحدة الامريكية انفسهم : بأنه ليس من مهام الامريكان حل التوترات والازمات والنزاعات في العالم ؛ بل وظيفتنا ادارة تلك التوترات والازمات والنزعات لصالح الولايات المتحدة ... ؛ فالمناط في التحركات العسكرية والسياسة الخارجية الامريكية ؛ المصالح والمنافع لا غير , وبغض النظر عن شعارات الانسانية والحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ؛ فهذه الشعارات للاستهلاك الاعلامي ولذر الرماد في العيون ولإقناع الشعوب الغربية , وعندما ضعف الدور البريطاني في العراق والعالم ؛ حلت محلها الولايات المتحدة , وكل ما حدث في العراق من انقلابات عسكرية وتوترات سياسية ؛ كانت للولايات المتحدة يد فيها , وهي من اوصلت المجرمين البعثيين للسلطة , فقد جاءوا الى كرسي الحكم بقطار امريكي , كما صرح بذلك كبار البعثية , وقد مدت النظام البعثي الصدامي بكل وسائل القوة والتعذيب والخبرات الامنية , كما تعاونت المخابرات الامريكية مع المخابرات العراقية في الكشف عن اسماء المعارضين ومحاولات الانقلاب ؛ كمحاولة انقلاب الدكتور راجي التكريتي وغيره ,ودفعت صدام لشن الحرب على ايران عام 1980 والتي تكبد الطرفان فيها ملايين الضحايا وخسائر مهولة واموال طائلة . ثم اغرت صدام باسترجاع الكويت و اوقعته في الفخ المرسوم له , عام 1990 , وتخلت عنه , وان كنت اذهب الى ان هذا الامر مجرد مسرحية سياسية متفقة عليها بين الطرفين , وما صدام الا عميل ذليل وتابع رذيل لأسياده الامريكان الذين امروه بإعلان الحرب ضد حكام الكويت ؛ لإهلاك اكبر قدر من العراقيين الاصلاء وتدمير العراق , وبعد ان قام الامريكان بتدمير العراق وقتل العراقيين الابرياء وقصفهم بالأسلحة المحرمة والممنوعة دوليا , وبعد ان القت الحرب اوزارها ؛ ثار العراقيون الاحرار وانتفضت الامة العراقية عن بكرة ابيها , وسقطت المحافظات محافظة تلو الاخرى , وصار النظام قاب قوسين او ادنى من الهلاك , الا ان غيرة الامريكان وحميتهم على عميلهم المدلل صدام ونظامه العميل ؛ دفعتهم لمواصلة الاتصالات والتفاهمات مع النظام وتقديم الدعم اللوجستي , والسماح له باستخدام الطيران لقمع الانتفاضة الشعبية الخالدة عام 1991 , وممارسة كافة صنوف الاجرام والارهاب بحق الشعب , و الشروع بعمليات التطهير العرقي والطائفي والمقابر الجماعية , وكل هذه المجازر جرت على مرأى ومسمع من الامريكان ... الخ , وعندما طفح الكيل وفار التنور , وعم الاستياء اغلب شرائح الامة العراقية , وخاف الامريكان من اندلاع انتفاضة كبرى اخرى وخروج الامر عن السيطرة كما حدث عام 1991 , بالإضافة الى تسليط وسائل الاعلام العالمي والحر على جرائم حزب البعث وصدام , وتصاعد وتيرة نشاطات وفعاليات المعارضة العراقية في الخارج , واستياء الاوساط الشعبية الغربية من جرائم ومجازر هذا النظام ضد الشعب الاعزل , وبعد ان سارت الركبان بقصص وحكايات الاجرام الصدامي والارهاب البعثي التي ازكمت انوف المجتمع الدولي , واحرجت وسائل الاعلام العالمية ؛ ولأسباب خفية اخرى , اضطر الامريكان لتبديل عميلهم واسقاط نظامه عام 2003 , وان كانت قوى الاستعمار والاستكبار معروفة بتبديل العملاء والساسة الخونة كما يتم تبديل الحفاظات ؛ فعندما تمتلئ الساحة بقاذورات هذا العميل او ذلك السياسي الخائن , يتم تبديله فورا ؛ لا حبا في الشعب , بل لأجل امتصاص النقمة الشعبية وابعاد الانظار عن الحاكم الفعلي والظالم والفاسد والسارق الحقيقي , والسيطرة على الاوضاع .
وغضت الاغلبية العراقية الطرف عن جرائم الامريكان التاريخية بحقهم , ولسان حالها يقول : عفا الله عما سلف او من باب ( مكرها اخاك لا بطل ) او كما قال المثل الشعبي : (الايد الي ماتكدر تلاويه بوسه ) وقد امر كتاب القران الكريم اتباعه بعدم القاء النفس في التهلكة , لذلك شرعت التقية , وهي في حقيقة جوهرها تعني حفظ المستضعفين الضعفاء من بطش المجرمين الاقوياء , وبما ان الولايات المتحدة الامريكية تعتبر قوة عالمية في جميع المجالات , وتأتمر بأوامرها انظمة سياسية عديدة ودول عالمية كثيرة , رضخت الاغلبية والامة العراقية للأمر الواقع , ولسان حالها يقول : عسى ولعل الولايات المتحدة تصدق بادعاءاتها وشعاراتها الاعلامية , وتدعم العملية الديمقراطية والاستقرار السياسي في العراق , وتغير الاحوال لما هو افضل واحسن , وترفع يدها عن الوطن فيما بعد , وتترك العراق للعراقيين , وتأخذ حصتها من الثروة الوطنية رغما عنا , وفقا لنظام البلطجة العالمية , وترجع من حيث اتت .
الا ان الامريكان في السر غيرهم في العلن , اذ لم يكتف الامريكان بإسقاط صدام وضرب العراق بالأسلحة المحرمة , ونهب الثروات والخيرات الوطنية وسرقة والاثار والوثائق والمستندات العراقية , بل عاثوا في البلاد فسادا وارهابا وتخريبا , وتنصلوا عن وعودهم المزيفة في اعمار وتطوير العراق , وزرعوا العملاء والخونة في كافة مفاصل الدولة , واربكوا العملية السياسية , وتدخلوا في ابسط التفاصيل الحكومية , وزادوا الطين بلة , واستمروا في التدمير والتخريب الممنهج ؛ وفقا لنظريتهم المنكوسة ( الفوضى الخلاقة ) ولو صدقوا , لقالوا : الفوضى المدمرة والتي لا تبقي ولا تذر , وفتحوا ابواب العراق لفلول الارهاب والمافيات العالمية , وحولوا الوطن الى ساحة لتصفية الحسابات الدولية والمخابراتية , وسقط مئات الالاف من العراقيين الاصلاء , ضحايا هذه المخططات الشيطانية , وصرخ العراقيون واستغاثوا من هذه المعمعة الامريكية , ولسان حالهم يقول : (جزنا من العنب ونريد سلتنا ) واصبح العراقي الواعي الاصيل يطالب برحيل الامريكان فحسب , وتخلى عن المشاريع الامريكية العملاقة والبنى التحتية الكبيرة وناطحات السحاب وباقي الانجازات الامريكية المزمع تنفيذها في البلاد ...!!
الا ان لسان حال الامريكي يقول : اني جاثم على صدرك وبالقوة , و( يا بالي بليتك ) , وتريد ( احتلال اكو احتلال , وتريد سيادة اكو احتلال ..!! ) واحتار الساسة الوطنيون والعراقيون بهذه (الورطة ) الامريكية , وقال العراقيون : امرنا لله وللواحد القهار , وعقد الساسة عدة اتفاقيات امنية مع الامريكان , وكانت نتيجتها ؛ دخول داعش وفلول الارهاب , وبقاء الامريكان في قواعدهم يشاهدون المباريات الارهابية والعمليات الاجرامية والنزاعات المسلحة , ولم يحركوا ساكنا , بل على العكس من ذلك دعموا العصابات الارهابية , وامدوهم بالعدة والذخيرة والمال , ونقلوهم من مكان الى اخر كما تنقل بيادق الشطرنج , وقد اعترف بعض الساسة الامريكان بذلك , ولم يسلحوا الجيش العراقي , ولولا الحشد الشعبي والدعم الايراني لانهارت التجربة الديمقراطية , وسيطر القتلة والذباحة على مقاليد الامور في البلاد , وهذا الامر متوقع من الامريكان وغير مستبعد منهم ؛ ولعل تجربة تسليم افغانستان لحركة طالبان الارهابية والغدر بالقوى المدنية والسياسية الافغانية الاخرى وبالشعب الافغاني , من اكبر الادلة والشواهد على السياسة الامريكية الشيطانية والغاشمة .
وبسبب المؤامرات والجرائم والتدخلات الامريكية السافرة في الشؤون العراقية الداخلية منها والخارجية , وافشال كافة المشاريع الوطنية وعرقلة كل الخطوات الايجابية التي تهدف للنهوض بالعراق ومعالجة مشاكله وازماته المزمنة ؛ استاء بعض العراقيين , وامتعض الاحرار من الامريكان , وشنوا بعض الهجمات على عجلات وجنود وقواعد الامريكان العسكرية في اماكن مختلفة وازمنة متعاقبة , والامريكان انفسهم ومرتزقتهم واذنابهم وعملاءهم يصرحون عقب هذه الاحداث ؛ ويقولون : ( هذا القصف لم يسفر عن قتل جندي امريكي واحد , او اسفر الاعتداء عن قتل مقاول متعاقد مع الامريكان او قتل احد الجنود العراقيين او احد المرتزقة الذين يقاتلون مع الامريكان , او لم تصب نيران المقاومة الاهداف الامريكية , او جرح جندي امريكي جروح طفيفة ... الخ ) بل ان بعض الاعلاميين المرتزقة والجيوش الالكترونية الامريكية ؛ يتنمرون على ابطال المقاومة , ويستهزؤون بالعمليات العسكرية التي يتعرض لها اسيادهم الامريكان ... الخ .
و لكي نضع النقاط على الحروف ؛ نقول ما يلي وعلى شكل نقاط :
- 1-الامريكان انفسهم يعترفون ان من حق المواطن الدفاع عن بلاده المحتلة من قبل قوات اجنبية , وعليه المقاومة العراقية حق مشروع وعلى الامريكان تقبل الامر من دون استياء او امتعاض ؛ باعتبارهم قوات احتلال .
- 2-سوف يقول الامريكان ويحتج ساستهم علينا ؛ بأننا عقدنا اتفاقا مع الحكومة العراقية , يضمن بقاء قواعدنا العسكرية وعدم التعرض لها ؛ يصح هذا الاحتجاج اذا كان العراقيون يؤيدون ذلك , اما اذا رفض البرلمان العراقي والحكومة العراقية والاحزاب والحركات السياسية والنخب الثقافية والدينية والوطنية , والاغلبية بقاءكم ؛ ولم تصغوا وتستجيبوا لهم ؛ فعندها تعرف حقيقة امركم , والكل يعرف انكم مجرد مرتزقة ظالمين وقوات احتلال غاشمة .
- 3-ماذا يضركم ايها الامريكان ,لو سحبتم قواتكم الى قواعدكم العسكرية في الدول المجاورة , وابقيتم على سفارتكم وعلاقاتكم الديبلوماسية مع العراق وحافظتم على مصالحكم بالطرق الديبلوماسية والمفاوضات السياسية ؛ وجنبتم انفسكم والعراقيين خطر المواجهات و ويلات الحروب ...؟!
- 4-بما ان ضربات المقاومة وعملياتهم العسكرية لا تسبب لكم اضرارا جسيمة وخسائر فادحة ولا تعطل مصالحكم في العراق , كما يدعي اعلامكم ومرتزقتكم , فلماذا لا تغضوا الطرف و تلتزموا الصمت , باعتباركم قوة عظمى , واعداءكم مجرد مواطنين عاديين لا يقبلون باحتلال بلادهم , او حركات مقاومة بسيطة ومحدودة القدرة كما يدعي اعلامكم ويصورها مرتزقتكم للرأي العام ...؟!
- 5-وهل سقوط مسيرة على قاعدتكم العسكرية الجرداء , او سقوط قذيفة على احدى ( الكرفانات) البائسة , او اعطاب عجلة (همر ) عسكرية لكم ؛ يستجوب كل هذا القصف الوحشي , واستخدام الاسلحة المحرمة والفتاكة , وقتل ابناءنا الابرياء في الحشد الشعبي وحركات المقاومة العراقية ...؟!
- 6-الكل يعلم ان ابناء الحشد وحركات المقاومة , مواطنين عاديين , واشخاص مسالمين , انما خرجوا والتحقوا بالحشد وحركات المقاومة , بسبب الفتاوى الدينية , ولأجل حماية العراق والاغلبية والامة العراقية وتحرير البلاد من رجس الاعداء ؛ وقد انضموا تحت راية الحكومة العراقية , كما هو حال اخوتهم في القوات المسلحة والاجهزة الامنية الاخرى , واستهدافهم يعني استهداف عوائلهم واطفالهم وزوجاتهم وعشائرهم وقراهم ومدنهم , بل استهدافهم استهداف لنا كلنا , لانا منهم وهم منا , فما ذنبهم , كي تسارع قوات الاحتلال الامريكية الى قصفهم بين الفينة والاخرى , بحجة استهداف القواعد العسكرية شبه الخالية والجرداء , وما علاقة هؤلاء المنتسبين بما يجري , ولماذا لا تقوم الولايات المتحدة الامريكية والمعروفة بقدراتها اللوجستية والتجسسية ؛ بتتبع الاشخاص الذين ضربوا القاعدة فقط , وضربهم فحسب , ولا تشمل غيرهم معهم , فليس من العدل والانصاف , ان يسير احدهم طائرة مسيرة لتدك احدى القواعد العسكرية الامريكية , فيعجز الامريكان عن تشخصيه , ليقوموا بالانتقام من ابناء الحشد الشعبي او عناصر حركات المقاومة من الذين يعملون في المشاريع الخدمية او الادارية او المقيمين في المعسكرات الحكومية ...!!
- 7-المفروض بالأمريكان وباعتبارهم ضيوف لدى العراق كما يدعون , ترك الامر للحكومة العراقية لمعالجة قضية قصف القواعد الامريكية , وعدم التسرع بالرد من قبلهم , او اتخاذ القرارات بقتل العراقيين بمفردهم , وبما انهم يفعلون كل هذه الجرائم ويقترفون كل هذه الخروقات من دون الرجوع للحكومة العراقية والشعب العراقي ؛ طالبت الحكومة العراقية واغلب ابناء الامة العراقية بخروج القوات الامريكية , لسد باب الذرائع والحجج بوجه الامريكان الذين يريدون قتل ابناءنا لأتفه الاسباب , وحرق شبابنا بسبب ومن دون سبب .
- 8-احذر الامريكان من مغبة الاستمرار بقتل العراقيين الاصلاء من ابناء الحشد الشعبي وحركات المقاومة بدم بارد , واعلموا ان لهؤلاء الشهداء اولاد وزوجات وامهات واباء واصدقاء واقارب وعشائر وقواعد شعبية , وان كثرة القتل والظلم تولد الانفجار الشعبي , وعندها لا تنطلي مسرحياتكم السياسية واكاذيب ماكنتكم الاعلامية على احد , وسيحدث معكم ما حدث في السفارة الامريكية في طهران ابان اندلاع الثورة الاسلامية بل اشد واقسى .
- 9-وفي الختام ارجو من حركات المقاومة وابناء الحشد الشعبي ؛ الجلوس مع الحكومة العراقية والقيادات السياسية والنخب الدينية والوطنية , والتباحث معهم في امر وجود القوات الاجنبية, والاتفاق على صيغة عمل واحدة , والخروج برأي واحد , يراعى فيه الظروف العالمية والسياسية والضغوط الدولية والتحديات الخارجية , والامكانيات الوطنية والاوضاع الداخلية , كي لا يبقى للأمريكان عذر مقبول امام الرأي العالمي العام وشعوب الارض والشعب الامريكي والعراقيين ... ؛ وكي لا تذهب دماء ابناءنا هدرا ... ؛ وان كنت اجزم بأن هذه المسرحيات الامريكية المكشوفة تخبئ ورائها غايات شريرة تستهدف امن العراق والعراقيين ولاسيما الاغلبية الاصيلة ,فوراء الأكمة ما وراءها , وعليه ارجو من القادة الوطنيين والاحرار العراقيين تفويت الفرصة على الامريكان , ومقارعتهم بالسياسة والسلاح معا .